مهرجان الطهاة العرب... حكاية من كل دولة وقصة عن كل أكلة

اتفاق على توثيق الطعام وإنقاذه من «مصير الطعمية والملوخية»

مشاركة بعض أهم الطهاة العرب في المهرجان
مشاركة بعض أهم الطهاة العرب في المهرجان
TT

مهرجان الطهاة العرب... حكاية من كل دولة وقصة عن كل أكلة

مشاركة بعض أهم الطهاة العرب في المهرجان
مشاركة بعض أهم الطهاة العرب في المهرجان

على وقْع موسيقى ناعمة، وروائح طعام ذكية تثير الحواس وتسيل اللعاب، عكست مجموعة كبيرة من الطهاة العرب في كرنفال جامع خبرة لافتة في عالم الطهي وقدرة على الإبهار في أجواء تنافسية، ولسان حالهم يقول: «الأكل ثقافة وتراث شعوب، أكثر منه مادة لملء البطون وتغذية الأبدان».
كل هذا وأكثر، عبّر عنه 75 طاهياً من 10 دول عربية، في المهرجان الدولي «لاتحاد الطهاة العرب» الذي احتضنت نسخته الأولى مدينة رأس سدر بمحافظة (جنوب سيناء)، في الرابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وجمع المهرجان نخبة من أشهر الطهاة من السعودية، ومصر، والمغرب، ولبنان، والجزائر، وسوريا، والأردن، وتونس، وفلسطين، وليبيا، منهم الشيف اللبناني العالمي ريتشارد خوري، والشيف سلطان السهلي نائب رئيس «مجتمع تطوير طهاة» السعودي، والسيدة رزقي من الجزائر، التي يُطلق عليها سيدة المطبخ الأولى في بلادها، والشيف حلمي كعابيش من تونس، وعضو لجنة التحكيم الشيف فادي طنبوزة من لبنان.
انطلقت فعاليات المهرجان بحفل الافتتاح الذي بهر الحضور، في أجواء استمدت زخمها من الأجواء الخلابة لمنتجع رأس سدر، لا سيما أن الكثير من الفعاليات أُقيم في الهواء الطلق، وعلى وقع نغمات الموسيقى العربية.
وأقيمت سلسلة من الفعاليات المتنوعة في المهرجان، الذي رعته وزارة السياحة المصرية، احتفاءً بالمطبخ العربي كوجهة متميزة لفنون الطهي والتراث الغذائي، وتسليط الضوء على الابتكارات الجديدة في عالم الطبخ.
وبموازاة البرنامج المتنوع من مسابقات الطهي والعروض المرتبطة بالنحت على الفاكهة وأساليب الضيافة، كانت مجموعة من الفعاليات الفنية والموسيقية الحية على المسرح، كما قدم الطهاة قائمة طعام خاصة لبلدانهم أمام الحضور ولجان التحكيم، وشاركوهم حكاياتهم في عالم الطهي ومسيراتهم الحافلة بالتجارب الممتعة في المطابخ.
وحول «عيون موسى» المائية، تجمّع بعض المشاركين في المهرجان يحتسون أكواباً من الشاي الساخن المعدّ على نار الحطب مع أفراد الأسر البدوية، ويشاهدون المنتجات التراثية الخاصة بالمنطقة.
وعبّر الشيف فادي طنبوزة رئيس الوفد اللبناني، وعضو لجنة التحكيم، عن سعادته بالمشاركة في المهرجان، ورأى أنه «تميز بأبعاد وفعاليات مبتكرة».
وقال طنبوزة لـ«الشرق الأوسط» إنه «فخور بتمثيل بلده لبنان في لجنة التحكيم»، متابعاً: «أتمنى أن يتحقق هدفي في إقامة جسر من التعاون بين الطهاة العرب، لأننا بالفعل في أشد الاحتياج إلى هذا التعاون لحفظ تراثنا الغذائي من جهة، والانطلاق إلى العالمية من جهة أخرى».
ويستهدف المهرجان، الذي جاء تحت شعار «التعاون لا المنافسة» حسب الشيف محمد القماش، المدير التنفيذي للمهرجان ونائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للطهاة، «الحفاظ على تراث المطبخ العربي وتطويره، انطلاقاً من أنه من أهم عناصر القوة الناعمة لأي دولة في العالم».
وأضاف القماش لـ«الشرق الأوسط»: «هذا هو الهدف الأهم الذي ينبغي أن يتعاون ويلتف حوله الطهاة العرب»، لافتاً إلى أنه «تم سلب الكثير من الأطباق العربية، مثل (الفلافل) و(الملوخية) من قبل بعض الدول الأجنبية، وتسجيلها كجزء من تراثها، دون التصدي لها».
ونوّه القماش إلى أن اتحاد الطهاة العرب، الذي تأسس منذ نحو 9 أشهر، «يستهدف الدفاع عن تراثنا»، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على إصدار كتاب يضم كل ما يتعلق بالتراث الغذائي للمنطقة العربية، على أن يُعقد مؤتمر للطهاة كل 4 سنوات في دولة عربية. ولأن القائمين على المهرجان يضعون أعينهم على المستقبل مثلما يحتفون بالتراث، فقد ضم المهرجان أيضاً دورة تثقيفية كنواة لدورات مستقبلية بهدف تطوير المطبخ العربي، ووصوله إلى المنافسة العالمية، كما تم اختيار أطباق عربية بعينها، وتحديثها مع الاحتفاظ بهويتها، وكان الاختلاف في طريقة العرض والتقديم.
ويضيف القماش: «هذا المهرجان نقطة انطلاق للتعاون بين الطهاة العرب الذين قدموا جميعاً نموذجاً للتعاون الجيد، وفي جعبتهم سلسلة خبرات جاءوا ليتبادلوها بعضهم مع بعض، كي يعرضوا للعالم إبداعات المطبخ العربي، لا سيما أن هناك أطباقاً كثيرة غير معروفة بشكل كافٍ، وعلينا أن نجيد تقديمها وتسويقها، وتصحيح الادعاء بأن المطبخ العربي غير صحي».


مقالات ذات صلة

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

مذاقات الست بلقيس (الشرق الاوسط)

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

تنشغل ربّات المنازل خلال شهر رمضان بالتحضير للمأكولات التي تزيّن مائدة الشهر الفضيل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تشارلز مغرم بالباذنجان بكل وصفاته

تشارلز مغرم بالباذنجان بكل وصفاته

زار الملك تشارلز، الأربعاء، الطاهي السوري عماد الأرنب في مطعمه «عماد سيريان كيتشان (Imad’s Syrian Kitchen)» الواقع في منطقة سوهو بوسط لندن قبل أيام من قدوم شهر

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات «شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)

الشيف فيليب خوري يبتكر «شوكولاته بيروت»

يقول إنه إذا رُزق يوماً بولد فسيطلق عليه اسم «سيدر (أَرز)» من شدة تعلّقه بوطنه الأم، لبنان. فالشيف الأسترالي، اللبناني الأصل، فيليب خوري متخصص بصناعة الحلوى.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات شوربة الطماطم (فيسبوك)

الحساء... أشكال وألوان تفتح الشهية

في لبنان يعرف بطبق «الشوربة» الذي يزوّد متناوله بالدفء في فصل الشتاء. ويعتمد هذا الطبق المعروف بالعالم العربي بالحساء في شهر رمضان.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات التمر هندي... مكون أساسي في أطباق جنوب شرقي آسيا وشرق الهند

التمر هندي... مكون أساسي في أطباق جنوب شرقي آسيا وشرق الهند

بعيداً عن تناوله بشكل منفصل عن الوجبات، أصبحت استخدامات التمر هندي كثيرة ومتنوعة، ما بين دمجه في أطباق أخرى أو الحصول عليه في شكل سلطات

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

الست بلقيس (الشرق الاوسط)
الست بلقيس (الشرق الاوسط)
TT

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

الست بلقيس (الشرق الاوسط)
الست بلقيس (الشرق الاوسط)

تنشغل ربّات المنازل خلال شهر رمضان بالتحضير للمأكولات التي تزيّن مائدة الشهر الفضيل. بعضهن تلجأن إلى أمهاتهن أو إلى أي شخص مقرّب يملك خبرة في هذا المجال، فيزودهن بالعناوين العريضة لأطعمة يجب أن تُحضّر يومياً، ويحبّها جميع أفراد العائلة. ونساء أخريات تفضّلن اغتنام الوقت والاستعداد للشهر الفضيل على طريقتهن قبل وصوله. وحسب خبرة «الست بلقيس» الشيف المشهورة اليوم في لبنان بتحضير المأكولات التراثية، فإن هناك قواعد يجب الالتزام بها في هذا الشأن.

وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لكل ربة منزل أسلوبها في تنظيم مطبخها لاستقبال شهر الصوم الكريم على أفضل وجه. ولكن من خلال خبرتي فأني أنصح كل سيدة بأن تغتنم وقت فراغها، فتقوم بالتحضير سلفاً لأكلات نحتاج إليها أسبوعياً على مائدة رمضان، فتخزنها في ثلاجتها بحيث تستعين بها في الوقت المناسب».

وتنصح «الست بلقيس» بتحضير جميع أنواع المعجنات من رقائق الجبن والـ«سنبوسك باللحم» وتلك المحشوة بالسبانخ. وكذلك، لا يجب أن ننسى أقراص الكبّة المحشوة باللحم والجوز، فتخبزها وتحتفظ بها في «الفريزر» بحيث لا تتطلب منها سوى تسخينها عند الإفطار. وتتابع: «أعتقد أن تحضير نحو 5 دزينات من كل نوع تكفي لطيلة الشهر».

طبق "الفتوش" وتحضير مكوناته سلفاً (الشرق الاوسط)

من ناحية ثانية، تشدّد بلقيس عثمان المعروفة بـ«الست بلقيس» على حفظ أنواع الخضراوات الضرورية لطبق سلطة الفتوش. وتقول: «لا يجب أن ترتبك ستّ البيت بالتحضير لهذا الطبق المعروف بـ(سيد مائدة رمضان). ولذلك؛ عليها غسل الخضراوات المكونة للطبق. ومن ثم تحتفظ بها في ثلاجتها بطريقة سليمة؛ كي لا يصيبها الذبل أو العفن. فكما البندورة والخيار والخس، كذلك البقدونس والنعناع والفجل وورق الزعتر الأخضر. ومن الأفضل أن تجففها جيداً بعد الغسيل وتغطيها بمناديل ورقية أو بفوطة جافة داخل علبة من الزجاج أو البلاستيك».

ومن المكونات التي تنصح بأن تشتريها سيدة المنزل قبل وصول الشهر الكريم جميع أنواع الحبوب. وبالأخص العدس المجروش لصنع الحساء منها.

المأكولات المالحة غير منصوح بها

تقدّم «الست بلقيس» نصائح عدة للمرأة اللبنانية التي تحبّ تحضير سفرة الإفطار بأناملها. ومن أهمها عدم الركون إلى الأكلات المالحة وتلك المقلية بالزيت؛ لأنها تتسبب بالعطش. «ابتعدي قدر الإمكان عن جميع الأكلات الدسمة. فالاعتدال بتناول هذا المكون ضروري لتمضية فترة صوم صحية. فلا (سوشي) ولا باذنجان مقلياً ولا صلصة صويا. كما أنصح بتناول كل أنواع اللحوم خلال الأسبوع من سمك ولحم دجاج وبقر. وكذلك السلطات والحساء على أن يفطر الصائم على مكون بارد وسهل الهضم. ومن ثم يمارس المشي أو مشاهدة التلفاز لفترة 10 دقائق قبل أن يهمّ بتناول باقي أنواع الطعام. فمن الضروري جداً ألا يلتهم طعامه بسرعة».

المعجنات تزين السفرة الرمضانية (الشرق الاوسط)

قواعد على الضيف اتباعها

تنصح «الست بلقيس» الأشخاص المدعوين إلى مائدة إفطار عند أحدهم أن يخبره مسبقاً عن الأكلات التي لا يستطيع تناولها. وتوضح: «يجب الوضع في الحسبان احترام وقت ربّة المنزل في تحضيرها أطباق المائدة. فمن يعاني أمراضاً معينة لا تخوّله تناول جميع الأطعمة، عليه أن يفصح عنها باتصال مسبق. فبذلك يوفّر على ربة المنزل الارتباك بصنع مأكولات خاصة له قبل موعد الإفطار بدقائق قليلة. وأنا شخصياً أخبر من يدعوني بأني لا أتناول البرغل ولا الفلافل لأني أعاني داء القولون. وبالنسبة للأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية معينة لإصابتهم بداء السكري أو لأسباب صحية أخرى فعليهم القيام بالمثل».

موسم رمضان هذه السنة بعطر الـ«بوصفير»

تعدّ «الستّ بلقيس» موسم رمضان هذه السنة مواتياً جداً لتحضير أكلات يستخدم فيها عصير الـ«بوصفير». وهو نوع من الحمضيات الشهيرة في مختلف المناطق اللبنانية. وتضيف: «أعرف تماماً أن أهالي بيروت كما سكان مدينتي طرابلس وصيدا وغيرها يتمتعون بموسم زاهر به. ولذلك أنصح بتحضير أطباق «كبّة أرنبية» و«طاجن السمك» و«الفول المدمّس» معه. فهو يضفي طعماً ونكهة لذيذين على هذه الأطعمة. وعلينا الاستفادة من الموسم الزراعي هذا؛ إذ قد لا نصادفه في كل سنة خلال شهر رمضان».

وصفة بيروتية على طريقة «الست بلقيس»

تختار «الست بلقيس» طبق «سلل الأوزة» البيروتي لتقدمه بصفته وصفة طعام تزين مائدة الشهر الفضيل. «هذا الطبق بيروتي بامتياز ويصنع من عجينة البقلاوة اللذيذة. ويمكننا أن نمد هذه العجينة في صينية ونغمرها بكمية من الدجاج مع الأرز المتبقية عندنا. ومن ثم نعود ونغطيها بطبقة من العجين نفسه وندخلها الفرن بعد دهنها بالسمن أو الزيت. «إننا بذلك نعمل على عدم رمي أي مكون طعام سبق وتناولناه قبل يوم أو أكثر. وهنا أحبّ التذكير بضرورة التفكير بهذا الشهر الكريم بالغريب كما القريب، فنقدّم يومياً طبق طعام لفقير أو جار وحيد؛ فتكتمل بذلك معاني الشهر الفضيل قولاً وفعلاً».