العواصف تقطع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل ليلة عيد الميلاد في بريطانيا

طالت العاصفة شمال إسبانيا وأدت إلى سقوط الأشجار على السيارات في الطرقات العامة (أ.ب)
طالت العاصفة شمال إسبانيا وأدت إلى سقوط الأشجار على السيارات في الطرقات العامة (أ.ب)
TT

العواصف تقطع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل ليلة عيد الميلاد في بريطانيا

طالت العاصفة شمال إسبانيا وأدت إلى سقوط الأشجار على السيارات في الطرقات العامة (أ.ب)
طالت العاصفة شمال إسبانيا وأدت إلى سقوط الأشجار على السيارات في الطرقات العامة (أ.ب)

البرد والصقيع والسيول هي من المسلمات في فصل الشتاء في بريطانيا، وفي كل عام، ومع اقتراب أعياد الميلاد تكثر الرهانات في المكاتب المختصة فيما إذا كانت ستثلج يوم العيد وستلبس بريطانيا ثوبا أبيض، إلا أن هذا العام، ومع التوقعات بمجيء عاصفة من السيول والرياح لتضرب بريطانيا وأجزاء كثيرة أخرى من القارة الأوروبية، لم يقف أحد في حيرة من أمره فيما إذا كان عيد الميلاد هذا العام أبيض، ولكن ما لم يعرفه أحد هو أن العاصفة المنتظرة ستتسبب بعرقلة سفر عشرات الآلاف من ركاب الطائرات والقطارات وقطع الطرقات والتسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن مطار «غاتويك» والتسبب في إلغاء الكثير من الرحلات الجوية المنطلقة من مختلف مطارات البلاد، لتجعل الوصول إلى الوجهة النهائية للاحتفال بالعيد مع الأصحاب والأقارب من المستحيلات.
فمند أول من أمس وتضرب بريطانيا عاصفة شديدة من الأمطار والسيول مصحوبة بالرياح القوية التي اقتلعت في طريقها الأشجار الضخمة وتسببت في مقتل عدة أشخاص، وانقطاع الكهرباء عن نحو 150 ألف منزل.
وقد لقي شخصان على الأقل حتفهما بسبب الطقس السيئ، بينهما رجل جرفته الأمطار إلى أحد الأنهار وعثر عليه لاحقا غريقا، في حين تم انتشال جثة سيدة أمس من نهر ويلز.
وقد توقفت حركة المرور في أجزاء من بريطانيا بسبب الطقس، حيث علق عدد كبير من السيارات في ميناء دوفير في وقت متأخر من مساء الاثنين حتى اليوم بسبب توقف خدمات العبارات.
وقد حوصر الركاب في السيارات التي علقت في الطرق التي غمرتها المياه. وتم إلغاء عدد من رحلات القطارات، في حين تأخرت رحلات على خطوط أخرى حيث تتحرك القطارات ببطء شديد.
ولم تتأثر حركة الطيران بصورة كبيرة، حيث تم فقط إلغاء بعض الرحلات الجوية لجزر في شمال أسكوتلندا. وألغى مكتب خدمات الطقس تحذيراته، قائلا، إن «العاصفة سوف تواصل التأثير فقط على شمال أسكوتلندا وآيرلندا الشمالية».
ومن المتوقع أن تنسحب العاصفة اليوم من بريطانيا وعاصمتها باتجاه أسكوتلندا، ولكن هذا لم يمنع بأن العيد انتهى بمأساة حقيقية للركاب الذين أرادوا الالتحاق بذويهم في أماكن شتى من البلاد والخارج.
فتم إلغاء الكثير من رحلات القطارات بسبب انزلاقات الأرض وانجراف التربة إلى الكثير من سكك الحديد مما أدى إلى تعطيل حركة القطارات في البلاد.
وتعرض أمس نحو 100 ألف منزل لانقطاع الكهرباء ليلة العيد، ولم يكن المسافرون هم من المتضررين الأوائل بسبب العاصفة، إنما كان لمهندسي سكك الحديد والطرقات السريعة نصيبهم أيضا من الربكة، حيث أمضوا ليلة العيد هم أيضا تحت الأمطار محاولين إصلاح ما أفسدته العاصفة.
وتحولت الطرقات إلى أنهر من السيول أدت إلى عرقلة السير، في واحد من أكثر أيام السنة زحمة، فمن المعروف عن البريطانيين بأنهم ينفقون الملايين في آخر يوميين يسبقان العيد.
وبحسب مصلحة الأرصاد الجوية، فلم تنته العاصفة اليوم إذ إنها ستعود يوم الجمعة المقبل وستصاحبها رياح تصل سرعتها إلى 80 ميلا في الساعة (تضاهي السرعة المسموح بها على الطرقات السريعة في البلاد)، وأعلنت حالة الطوارئ اليوم من عدة فيضانات في إنجلترا وويلز مع تحذير غير مسبوق لمناطق جنوب غرب إنجلترا.
وتأثر محلات بيع التجزئة في وسط المدينة في لندن بسبب العاصفة سلبا، وتراجعت نسبة المتسوقين في اليومين اللذين سبقا يوم العيد، بواقع 12 في المائة، على الرغم من تخفيض الأسعار بشكل جنوني وبدء التخفيضات قبل الأعياد وليس في الـ26 من ديسمبر (كانون الأول) وهذا تقليد بريطاني ينتظره الناس كل عام لاقتناص الفرص لشراء حاجاتهم بأسعار مخفضة تصل إلى 70 في المائة وأكثر، ويعرف هذا اليوم باسم «بوكسينغ داي». ومن بين أكثر شوارع التسوق في لندن التي تأثرت سلبا بسبب العاصفة كان شارع ريجنتس ستريت حيث انخفضت المبيعات فيه بواقع 12.2 في المائة بالمقارنة مع مبيعات العام الماضي في نفس الفترة، في حين انخفضت مبيعات المحلات في شارع أكسفورد الأشهر، بواقع 9.5 في المائة ومبيعات شارع بوند ستريت انخفضت هي الأخرى بواقع 6.3 في المائة.
ولم تكن بريطانيا الوحيدة في أوروبا التي تتأثر بالعاصفة، إنما لقيت فرنسا نصيبها من الرياح التي بلغت سرعتها 145 كيلومترا في الساعة مما أدى إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية فيها وانقطاع الكهرباء عن الكثير من منازل سكانها والاختناقات المرورية بسبب الرياح العاتية التي تعصف بالساحل الغربي للبلاد، وصدر تقرير رسمي عن مصلحة الأرصاد الجوية في فرنسا يؤكد انقطاع الكهرباء عن 240 ألف منزل وكانت بريتاني ونورماندي من بين المناطق الأكثر تضررا.
وفي فرنسا لقي شاب حتفه وأصيب آخر بإصابة خطيرة إثر انهيار حائط في مبنى تحت الإنشاء في نورماندي. وقالت السلطات البحرية إن بحارا روسيا فقد بعد أن أطاحت به الرياح من على سطح سفينة شحن قبالة ساحل بريست.
وقد أعلنت حالة الطوارئ من الدرجة البرتقالية (الدرجة الثانية قبل أعلى مستوى إنذار) على كل الأراضي. وفي كالفادوس شمال غرب فرنسا، لقي طفل في الـ12 من عمره مصرعه في انهيار جدار قد يكون مرتبطا بالرياح، كما قالت نيابة كان.
وفي بريطانيا، ألغيت نحو 30 رحلة من أصل 1300 في مطار هيثرو في لندن، الأول في العالم في حركة المسافرين.
أما في مطار ساوثهامبتون جنوب انجلترا الذي يستقبل الرحلات المتوسطة والقصيرة، فقد علقت كل الرحلات.
وخفض عدد رحلات القطارات أيضا وألغي بعضها. وضربت رياح شديدة آيرلندا أيضا حيث قطع أكثر من خمسة آلاف خط هاتفي.
من جهة أخرى، توقفت الرحلات البحرية عبر المانش بين فرنسا وبريطانيا وإسبانيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».