شاشات: الهروب إلى الماضي في مسلسل «الغربال»

مشهد من مسلسل «الغربال» السوري
مشهد من مسلسل «الغربال» السوري
TT

شاشات: الهروب إلى الماضي في مسلسل «الغربال»

مشهد من مسلسل «الغربال» السوري
مشهد من مسلسل «الغربال» السوري

منذ الأمد، نجد أن الطريقة الوحيدة المتاحة أمام الدراميات هو الموقف الذي يحاول فيه أحد أن يفصح عن سبب ما في مواجهة سوء فهم. لقد حدث أنه التقط الخنجر الذي كان بجانب القتيل عندما شاهده شخص آخر فاعتقده المجرم. يحاول أن يقول شيئا، لكن الشخص الآخر لا يتيح له المجال.
هذه التفعيلة موجودة في أكثر من شكل وحجم ولون. فالمتهم البريء يبدو دائما غير قادر على إكمال جملته، بينما المتهِم، (بكسر الهاء)، يكيل له الاتهامات ولا يترك له فرصة للدفاع عن نفسه. وبذلك يتخلّص الكاتب من مغبة نجاح الأول في تبرير فعلته، مما سيجعل الثاني يتراجع عن الاتهام ويفسد الحبكة التي في بال المؤلـف والتي تقوم على بناء مزيد من المشاهد نتيجة سوء الفهم.
شيء من هذا يحدث في مسلسل «الغربال» (قناة قطر). في الحلقة الرابعة والعشرين، يعزم شاب على التسلل إلى الغرفة العلوية، فتتصدى له منى واصف وتواجهه بوابل من الشتائم. واضح أنها فهمت الموضوع على أساس أنه يريد سرقة شيء، وها هو يحاول فتح فمه لكي يرد التهمة عن نفسه، لكن الكلمات تخونه ولا يجد وقتا متاحا له لنطقها.
هل هذا منطقي؟ هل هو مقبول؟
يتوقّف ذلك على تفاصيل صغيرة، لكنها مهمة. وفي غالب الأمثلة، وكما في حال «الغربال»، لا تستطيع الإقناع، بل تبقى تأجيلا محسوبا إلى حين يقرر الكاتب إظهار الحقيقة أمام صاحب الاتهام.
«الغربال» مسلسل سوري من بطولة بسام الكوسا ومنى واصف وعبد الرحمن آل رشي وعباس النوري وعادل علي وميار النوري وعدد من الوجوه المألوفة في المسلسلات السورية. وهو من إخراج ناجي طعمي الذي سبق أن قدم «طاحون الشر» و«صبايا» في السنوات القريبة الماضية. هو مخرج جيد في «التكنيك» وفي التنفيذ عموما ويستطيع إشغال العين كما البال بما يدور.
لكن «الغربال» يبدو مسحوبا من كيان «باب الحارة». شبيه به في أكثر من وجه، فهو - بالضرورة - يدور في العشرينات والثلاثينات، ومثله يستخدم الحارة الدمشقية مكانا عابقا بتاريخ الهندسة المعمارية وبشخصيات الحارة كرجال ونساء ذوي مرجعية شعبية عامة وشبه متساوية في الثقافة والقدرات والنتائج. تتحرك عاطفيا ولدى كل منها جبل من الأزمات المتلاحقة.
نجاح «باب الحارة» منذ خمس سنوات دفع بالكثير من المسلسلات السورية لتنهل من البيئة الشامية ذاتها. لجانب «الغربال»، كان هناك «الدبور» و«رجال الحارة» و«الحصرم الشامي» و«أيام شامية»، وغالبها درامي مثل «باب الحارة». وهي في الشكل مسلسلات جاذبة لكثرة أحداثها ومفارقاتها، وفي المضمون، فإن أغلبها ليس بعيدا عن «السوب أوبرا» من حيث دورانه حول شؤون الناس العاطفية انطلاقا من قصص حب متعارضة تتخللها خطوط انتقام والكثير من سجالات النساء وخصومات الرجال.
لكن القلة الأعمق من مجرد الترفيه العائلي (مثل «باب الحارة» و«بواب الريح») لا يزال يدور في رحى الماضي. فهو إما في العصر العثماني وإما في العصر الفرنسي، وكلاهما مناوئ للنظام الحالي. من ناحية، يتيح ذلك سبر غور بعض الظروف السالفة، ومن أخرى يقترح خلفية (ولو متعسفة) للعلاقات الحاضرة. هذا متأت أساسا من حقيقة أنه من الممنوع على الأحداث الجادة أن تقع في الزمن الحالي، إلا إذا ما جرى تنقيتها من المرامي والأبعاد التي قد تفهم على أنها معادية للنظام، ففي ظل هذا الوضع يمكن اعتبار أي عبارة ترد كما لو كانت لكزة في الخصر. حين الكتابة، فإن المؤلف يمارس رقابة داخلية يوردها إلى المنتج الذي يطالب المخرج بالعمل بمقتضاها.
المختلف والمتميز في هذا الشأن هذا العام «ضبو الشناتي»، كما ذكرت في حلقة سابقة، كونه وجد لنفسه سبيلا شبه متوسط بحيث لا يعادي النظام ولا يبخر له أيضا ويمارس السياسة ذاتها، إنما على موجات أخف، مع المعارضة فلا يعاديها جهرة ولا يؤيدها، بل ينجح في تجنيب نفسه الانتماءات.
والمختلف أيضا هو «بحلم أو علم» (العنوان كما جرى بثه) وهو أيضا كوميدي. في الحلقة الأولى تتبدى الأزياء الشامية (العمم والسراويل) وألعاب السيوف، فتظن أن المسلسل هرب أيضا إلى الأمس البعيد، لكن بعد دقائق قليلة، ها هو صاحب المقهى العائد بعد غياب يخبر أهل الحارة بأنه سيكون بالإمكان استخدام «سكاي بي» و«غوغل» وكل مواقع الإنترنت من دكانه. فهل تنجح الكوميديا فيما تفشل فيه الدراما؟



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.