براغ... مدينة السحر والسياحة العلاجية

مسقط رأس فرويد وكافكا تستقبلك بالثقافة وشتى الفنون

براغ التي تغفو على جانبي «نهر فلتافا»
براغ التي تغفو على جانبي «نهر فلتافا»
TT

براغ... مدينة السحر والسياحة العلاجية

براغ التي تغفو على جانبي «نهر فلتافا»
براغ التي تغفو على جانبي «نهر فلتافا»

مدينة «براغ» هي عاصمة جمهورية التشيك التي تقع وسط أوروبا، وواحدة من أجمل مدن العالم وأكثرها سحراً، وهذا ما أهلّها لأن تحمل ألقاباً عالمية منها «براغ الساحرة» و«المدينة ذات الأبراج العالية» و«المدينة الذهبية» و«أم المدن» و«قلب أوروبا». ويشير البعض إلى أن زيارتها مثل ضرب أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحد. فهي مدينة سياحية بامتياز، يكمن جمالها في وقوعها على «نهر فالتافا» الرائق الذي يقسم وسط المدينة القديمة إلى نصفين. كما يكمن في أنها تشبه المتحف المفتوح، نظرا لمبانيها التراثية من طراز آل «آرت نيفو» و«الباروك» و«العمارة القوطية» و«النيوكلاسيكية» والحديثة والمعاصرة. كما تُعتبر البلدة القديمة (Stare Mesto) واحدة من الأماكن التي أعلنتها منظمة اليونيسكو في عام 1992 موقعاً للتراث العالمي لأنها احتفظت بكثيرٍ من ملامحها القديمة ولم يطلها الدمار خلال الحرب العالمية الثانية خلافاً لما حصل للكثير من مدن أوروبا الوسطى.

هنا ولد
«فرويد» و«كافكا»
ولا يمكن أن ننسى أيضاً الجانب الثقافي والفني حيث تضج هذه المدينة بقاعات الموسيقى والمسارح وصالات العروض الفنية. وتحتضن مواقع شهدت ولادة شخصيات شهيرة منها الروائي فرانز كافكا وعالم النفس المعروف سيجموند فرويد. وقد زادت شهرتها كوجهة سياحية خلال السنوات العشر الماضية ودخلت سوق المنافسة العالمية بسبب هذه المميزات. وأيضاً بسبب تدني كلفة العيش فيها قياساً بمثيلاتها في أوروبا وسهولة التعامل مع ناسها لأن أغلبهم يتحدثون اللغة الإنجليزية. هذا إضافة إلى معقولية أسعار الرحلات الجوية المتوجهة إليها، الأمر الذي يفسر أسباب تدفق السياح إليها من كل صوب.

ومضة
المواصلات العامة في براغ مريحة وقليلة التكلفة، لذا لا يحتاج السائح إلى سيارة أجرة خاصة أن غالبية الشوارع في براغ مخصصة للسير على الأقدام ومهيأة لاستخدام المترو أو الترام الكهربائي. وتعد وسائل النقل العامة أفضل الطرق للتنزه والتنقل داخل المدينة القديمة ويمكن شراء تذكرة يومية واحدة من المحطة أو من الأكشاك الصغيرة واستخدامها في كل وسائط النقل.
ويضم مترو براغ ثلاثة خطوط هي: A وB وC و41 محطة. وتعمل الخطوط من الخامسة صباحاً حتى منتصف الليل. وخط A الأخضر هو أفضل الخطوط بالنسبة للسياح لأنه يصل إلى المناطق الأساسية والمركزية في براغ ومنها: «قصر براغ» و«الساحة الصغيرة» و«البلدة القديمة» و«منطقة التسوق المركزية» في منطقة ساحة «فاتسلاف».

السحر والجمال
هو ليس كل الحكاية

ولا تقف أهمية براغ كوجهة سياحية على جمال المدينة وسحرها فقط فهنالك جانب مهم آخر هو السياحة العلاجية. وتتمركز هذه عادة قرب الينابيع الطبيعية الساخنة التي تحتوي على كثيرٍ من المعادن الطبية النادرة. وهذا ما يجعل هذه المدينة مقصداً للباحثين عن الاسترخاء وإنعاش الجسم والروح والتخلص من الإجهاد والضغوط الحياتية عبر علاجات خاصة على أيدي أمهر الأطباء والمعالجين ممن يحتفظون بأسرار مهنتهم جيلاً بعد جيل.
أهم مراكز سبا في براغ

1. سبا شجرة الحياة
هو منتجع صحي حديث يقع في مدينة «بيلوهراد» ويقدم ضيافة متكاملة ترتبط فيها تقاليد العلاج الطبية البديلة والتقليدية مع الطبيعة الساحرة والخدمات التي تناسب العرب والمسلمين بشكلٍ خاص من ناحية الخصوصية والأجواء الشرقية التي تحترم التقاليد إضافة إلى وجود مترجمين إلى اللغة العربية. وتستخدم في هذا الفندق - المركز المياه المعدنية من الينابيع الطبيعية المتواجدة في المكان وأيضا الطين المثقل بالعناصر الطبية الفعالة والنقية مما يجعله مثالياً لعلاج كثير من الأمراض باستخدام الأساليب الفيزيائية والكهربائية وردود الأفعال الانعكاسية إضافة إلى أنواعٍ مختلفة من الساونا وحمامات البخار وتمارين اللياقة البدنية وغيرها من الوسائل التي تساعد على تعافي الجسم أو إعادة تشكيله.

2. سبا ماندرين اوريانتل
يقع هذا المركز في فندق يرتمي في أحضان زاوية هادئة من الحي القديم Malá في براغ ويبعد مسافة قصيرة سيرا على الأقدام عن «جسر تشارلز» الأثري وسط المدينة ويعود تاريخ البناية إلى القرن السادس عشر ثم جرى إعادة ترميمها وبنائها في عام 2006 بإشراف علماء آثار عثروا أثناء العمل على 350000 قطعة أثرية تاريخية مذهلة. ويقع السبا والمنتجع الصحي في أحد أركان المبنى وتبدأ رحلة العلاج فيه بمجرد التخلي عن الحذاء وارتداء ثوب ناعم ومريح والتوجه إلى صالة الشاي الهادئة والاستماع إلى الموسيقى بانتظار قدوم المعالجين الذين يقودون الضيف إلى واحدة من الأجنحة السبعة المعدة لمختلف أنواع العلاجات.

3. سبا فندق {بيوبا} في قرية كارلوفي فاري
يقع في فندق Pupp الذي يرتمي في أحضان وادٍ عميق في قرية علاجية ساحرة تدعى «كارلو فيفاري». تتميز بتوفر الينابيع الطبيعية الساخنة التي تتدفق تلقائيا منذ أكثر من 600 عام وبمعدل 2000 لتر في الدقيقة الواحدة.
كما تتميز بدرجة حرارة تتراوح ما بين 42 إلى 72 درجة مئوية. ويجد السائح في هذه القرية أجواء ساحرة ويمكن أن يتجول في الغابات الجبلية ويشرب من الينابيع العامة النظيفة الموصولة بأنابيب من أجل أن تكون متاحة للجميع وهي غنية بغاز ثاني أكسيد الكربون.
أما داخل السبا فإن العلاجات توصف وفق رؤية المعالجين وتكون فعالة لبعض الأمراض في حين يلجأ بعض السياح إلى السبا من أجل الاسترخاء والتخفيف من الإجهاد والضغوط الحياتية وتقوية جهاز المناعة والتخلص من السموم في الجسم.

4. سبا باقة المسللي
يقع في فندق «شاتو ماسلي» وسط غابات «سانت جورج» الزاخرة بالأشجار والنباتات العطرية التي يستلهم منها المعالجون كثيراً من الوصفات الطبية التي تعتمد على المياه المعدنية والزيوت العطرية والتربة الغنية بالأملاح.
رحلة إلى هذا الفندق - السبا يمكن أن تخفف من الإجهاد وتجدد خلايا الجلد وترفع من الروح المعنوية وسط أجواءٍ من الهدوء وأريج العطور والموسيقى والمسابح الصغيرة الموزعة في بقعة ساحرة تبتعد كثيراً عن ضجيج المدينة وعن تلوث الهواء وضغوط الحياة اليومية. وعادة ما يستنبط المعالجون في هذا السبا طرقاً خاصة يستلهمونها من تراثهم وكتبهم ووصفاتهم التقليدية التي لا يفشون أسرارها.

عن مدينة براغ

> هي عاصمة جمهورية التشيك وتقع على «نهر فالتافا» في وسط منطقة بوهيميا التاريخية.
> يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي
> تشكلت من اتحاد 4 مدن صغيرة متجاورة عام 1748 وهي البلدة القديمة وحي القلعة و«مالاسترانا» والبلدة الجديدة.
> أُدرجت عام 1992 في لائحة اليونيسكو كموقع تراث ثقافي عالمي
> عدد سكانها نحو مليون وثلاثمائة ألف
> العملة المتداولة هي «كرونا» مع «اليورو»


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.