جدل حاد في تونس بعد تعديل وزاري أطاح نصف الحكومة

جدل حاد في تونس بعد تعديل وزاري  أطاح نصف الحكومة
TT

جدل حاد في تونس بعد تعديل وزاري أطاح نصف الحكومة

جدل حاد في تونس بعد تعديل وزاري  أطاح نصف الحكومة

أثار إعلان يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، عن تعديل وزاري كبير مساء أول من أمس، ردود أفعال متباينة وجدلاً كبيراً داخل الأوساط السياسية، وبخاصة أن التغييرات شملت 18 منصبا وزاريا دفعة واحدة، و13 حقيبة وزارية، و5 مناصب تهم كتابة دولة (وزراء دولة)، لتصبح بذلك الحكومة الجديدة المقترحة هي الحكومة الثالثة التي يتولى رئاستها الشاهد منذ شهر أغسطس (آب) 2016.
ووجهت رئاسة الحكومة أمس مراسلة إلى البرلمان، تطلب فيها تحديد جلسة برلمانية لعرض الحكومة الجديدة على البرلمان لنيل ثقته. ومن المنتظر أن تحصل الحكومة الجديدة على أكثر من 121 صوتا من أصوات أعضاء البرلمان، وهو ما يجعلها قادرة على نيل الأغلبية المطلقة المحددة بـ109 أصوات، حيث تحظى حالياً بدعم حركة النهضة بـ68 صوتاً، وحركة مشروع تونس بـ14 صوتا، و40 صوتا يمثل كتلة الائتلاف الوطني البرلمانية الداعمة ليوسف الشاهد.
وبفضل هذا التعديل الوزاري عاد كمال مرجان، الذي شغل منصب وزير الدفاع ووزير الخارجية في نظام بن علي، إلى واجهة الأحداث بعد تعيينه وزيراً للوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية، خلفا لعبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، الذي أقيل منذ سنة 2017، كما تم تعيين وزير من الطائفة اليهودية، يدعى روني الطرابلسي في منصب وزير السياحة. لكن هذا القرار لاقى انتقادات واسعة داخل الأوساط السياسية، حيث احتج ياسين العياري، النائب في البرلمان على تعيين الطرابلسي وزيرا للسياحة، وقال إن هذا التعيين يحمل تضارباً في المصالح، في إشارة إلى أن وزير السياحة الجديد يسير وكالات أسفار وفنادق سياحية.
وحافظت حركة النهضة في التعديل الوزاري الجديد على مشاركتها في الحكم من خلال الاحتفاظ بزياد العذاري وزيرا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، وترقية سيدة اللونيسي من منصب كاتبة دولة، ومنحها حقيبة وزارية. كما حافظ أنور معروف وزير تكنولوجيات الاتصال على منصبه. وفي هذا السياق، اعتبر عماد الخميري، المتحدث باسم حركة النهضة، أن التعديل الوزاري المعلن عنه «مهم لأنه تركيبة جديدة تمثل حكومة ائتلاف سياسي واسع، تكونت من مختلف أطياف الساحة السياسية».
وفي المقابل، عبر المنجي الحرباوي، المتحدث باسم نداء تونس، عن استيائه من التعديل الوزاري، وقال إن «هذا التعديل لا يخص الحركة لا من قريب أو بعيد، ولا يصب إلا في مصلحة حركة النهضة بدرجة أولى». مشددا على أن التغيير العميق الذي أعلن عنه رئيس الحكومة «يمثل انقلابا على المسار الديمقراطي، وانقلابا على نتائج انتخابات سنة 2014»، كما أوضح الحرباوي أن استثناء الحزب الفائز في الانتخابات الأخيرة من حقائب وزارية يتماشى مع نتائج الانتخابات «ويعد ضرباً لروح الديمقراطية». مشددا على أن هذا التعديل كشف عن نوايا أطراف سياسية، من بينها حركة النهضة، في السيطرة على مفاصل الدولة والانفراد بالحكم، واستبعاد الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة، على حد قوله.
وبمجرد إعلان الشاهد عن هذا التعديل الكبير الذي شهدته تركيبة الحكومة، أعلنت سعيدة قراش، المتحدثة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس الباجي قائد السبسي «غير موافق على التوجه الذي انتهجه يوسف الشاهد رئيس الحكومة بخصوص التعديل الوزاري، لما اتسم به من تسرع وسياسة أمر واقع»، حسب تعبيرها.
وأوضحت قراش أن الشاهد لم يستشر رئيس الجمهورية بخصوص هذا التعديل الحكومي، وهو ما أكد من جديد حدة الصراع الدائر منذ أشهر بين رأسي السلطة التنفيذية، والذي زادت وتيرته إثر تجميد عضوية الشاهد من حزب النداء، ومحاولة إسقاط الحكومة من خلال اندماج حزب الاتحاد الوطني الحر في حزب النداء.
لكن عدم موافقة الرئيس التونسي على هذا التعديل لا يمكن، حسب بعض المحللين السياسيين، أن تشكل خطورة على العمل الحكومي، وذلك بفضل احترامها لما جاء به دستور 2014. وهو ما أكده أكثر من خبير في القانون الدستوري، حيث أوضح قيس سعيد وسلسبيل القليبي وجوهر بن مبارك، أساتذة القانون الدستوري، أن الخطوات التي قام بها الشاهد «كانت قانونية».
وخلال إعلانه عن التركيبة الجديدة للحكومة، قال الشاهد إنه «قام بالتعديل الوزاري وتحمل مسؤولياته فيه، وفقا للصلاحيات الممنوحة له دستورياً»، وذلك لإضفاء مزيد من الفعالية والنجاعة على العمل الحكومي. ومن شأن هذا التعديل الحكومي، حسب رئيس الحكومة التونسية، «تهيئة البلاد للاستحقاقات الكبرى المقبلة بمناخات نقيّة، ووفق خريطة طريق واضحة» على حد تعبيره.
وفي هذا الصدد، قال قيس إن رئيس الحكومة «ليس مجبراً على التشاور مع رئيس الجمهورية في تعيين أعضاء حكومته»، مبرزاً أن التشاور يقتصر على وزيري الدفاع والخارجية فقط، حسبما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور التونسي.
في السياق ذاته، نفى جوهر بن مبارك، الخبير في القانون الدستوري، وجود أي خلل قانوني في التعديل الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة، باعتبار أن التعديل نظّمه الفصل 92 من دستور البلاد.
من جهة ثانية, أعلنت الرئاسة التونسية أمس تمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر، بدءا من يوم الأربعاء، وحتى السادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأفادت الرئاسة في بيان لها أمس، بأن التمديد يأتي بعد التشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان بشأن المسائل المتعلقة بالأمن القومي. كما يأتي هذا التمديد في أعقاب التفجير الإرهابي الذي هز شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة في 29 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي نفذته امرأة، مما خلف 20 جريحا، من بينهم 15 عنصرا أمنيا، ولم تعلن أي جهة حتى اليوم مسؤوليتها عنه.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.