أميركا تحذّر إيران من انهيار اقتصادي {إذا لم تغيّر سلوكها 180 درجة»

الحزمة الثانية من العقوبات تطال أكثر من 700 كيان بينها مصارف وشركات نقل وسفن شحن

وزيرا الخارجية والخزانة الأميركيان خلال مؤتمرهما الصحافي في واشنطن أمس (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية والخزانة الأميركيان خلال مؤتمرهما الصحافي في واشنطن أمس (إ.ب.أ)
TT

أميركا تحذّر إيران من انهيار اقتصادي {إذا لم تغيّر سلوكها 180 درجة»

وزيرا الخارجية والخزانة الأميركيان خلال مؤتمرهما الصحافي في واشنطن أمس (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية والخزانة الأميركيان خلال مؤتمرهما الصحافي في واشنطن أمس (إ.ب.أ)

حذّر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إيران من الاستمرار في «سلوكها العدواني» وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، أمس، إن «النظام الإيراني لديه اختيار، إما أن يعدل مساره الخارج على القانون 180 درجة والتصرف كدولة عادية، أو أن يرى اقتصاده ينهار».
ودخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ أمس، وتشمل قطاعات الطاقة والمصارف والشحن، وتستهدف أكثر من 700 كيان، بما في ذلك البنوك وشركات النقل وسفن الشحن وغيرها. كما تشمل العقوبات 50 مصرفاً إيرانياً وشركات أخرى تابعة لها، وتضم أكثر من 200 شخص وسفينة شحن، بما في ذلك شركة الخطوط الجوية الإيرانية الوطنية، وأكثر من 65 طائرة تابعة لشركة «إيران إير». كما أعلنت الإدارة الأميركية فرض عقوبات على منظمة الطاقة الذرية الإيرانية و23 كياناً ومسؤولاً مرتبطاً بالمنظمة.
وأعلن بومبيو وموتشين في المؤتمر الصحافي تفاصيل عن العقوبات الأميركية الواسعة التي أعيد فرضها على إيران بدءاً من أمس الاثنين. وقال بومبيو: «لقد خسر النظام، منذ مايو (أيار)، أكثر من 2.5 مليار دولار من عائدات النفط. لقد قررنا أن نصدر استثناءات مؤقتة لبعض الدول لظروف محددة ولضمان سوق نفط جيد. سوف تمنح الولايات المتحدة هذه الإعفاءات إلى الصين والهند وإيطاليا واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا. وقد أظهرت كل من هذه البلدان بالفعل تخفيضات كبيرة في شراء الخام الإيراني خلال الأشهر الستة الماضية، وفي الواقع أنهى اثنان من تلك البلدان الثمانية واردات الخام الإيراني ولن يستأنفاها ما دامت العقوبات قائمة.
ولم يذكر بومبيو العراق ضمن القائمة، لكن مصادر في الخارجية الأميركية قالت ان هناك مفاوضات لشمله بالاستثناءات بشرط ضمان عدم قيام ايران بالالتفاف على العقوبات مع خلاله. ويقول بعض المصادر ان واشنطن ستسمح لبغداد باستيراد الغاز من ايران بشرط عدم الدفع لها بالدولار على ان تكون فترة السماح 180 يوماً فقط.
وشدد وزير الخارجية الأميركي على أن هدف بلاده هو حرمان النظام الإيراني من الأموال التي يستخدمها لتمويل أنشطته الخبيثة في كافة أنحاء الشرق الأوسط وحول العالم. وأضاف أن الولايات المتحدة تواصل المفاوضات مع كل الدول لـ«تصفير» واردات النفط الإيراني، مشيراً إلى أن أكثر من 20 دولة مستوردة للنفط الإيراني قللت من وارداتها بالفعل، مشيراً إلى أن 100 في المائة من العائدات التي تحصل عليها إيران من بيع النفط سيتم الاحتفاظ بها في حسابات أجنبية، وهو ما يجعل من الصعب استخدام هذه الأموال إلا في التجارة الإنسانية أو الثنائية في السلع غير الخاضعة للعقوبات.
وتابع: «نأمل أن نصل إلى اتفاق مع طهران، ولكن إلى أن تقوم بتغيرات في إطار الخطة المكونة من الاثني عشر بنداً التي أعلنت عنها الولايات المتحدة في مايو-أيار الماضي، سنكون بلا هوادة في ممارسة الضغط على النظام. وكتعبير عن هذا التصميم، فإننا نعيد اليوم فرض جميع العقوبات التي تم رفعها سابقاً بموجب الاتفاقية النووية. ويشمل ذلك فرض عقوبات على قطاعات الطاقة والبنوك والشحن وصناعة السفن».
وأضاف بومبيو أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية، أعلنت إدارة الرئيس ترمب عن استراتيجية جديدة لتغيير سلوك قيادة إيران بشكل جذري، موضحاً أن جزءاً من هذه الاستراتيجية هو حملة غير مسبوقة من الضغوط الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على طهران، لمنع نظامها من الحصول على العوائد التي يستخدمها في تمويل أنشطته المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفي جميع أنحاء العالم. وقال: «هدفنا النهائي هو إقناع النظام بالتخلي عن مساره الثوري الحالي. انظروا فقط إلى ما حدث في الأسبوع الماضي، عندما أعلنت الدنمارك أنها كشفت مؤامرة اغتيال دبرها النظام الإيراني على أرضها».
وأضاف وزير الخارجية الأميركي: «منذ أن تولت إدارة ترمب السلطة، فرضنا 19 جولة من العقوبات، استهدفت 168 كياناً إيرانياً. إن عقوبات اليوم ستعجل بالتراجع السريع للنشاط الاقتصادي الدولي في إيران». وأشار إلى أنه منذ مايو الماضي، انسحبت أكثر من 100 شركة من إيران أو ألغت خططاً للقيام بأعمال هناك. وقال محذّراً: «إذا تهربت الشركة من نظام عقوباتنا وواصلت التجارة السرية في الجمهورية الإسلامية سراً، فإن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات صارمة وسريعة عليها». وأضاف: «أعد بأن التعامل التجاري مع إيران، في تحد لعقوباتنا، سيكون في نهاية المطاف قراراً تجارياً أكثر إيلاماً بكثير من الانسحاب من إيران».
وفيما يتعلق بالأنشطة النووية في إيران، أشار بومبيو إلى أن الولايات المتحدة منحت إعفاءات ضيقة ومؤقتة تسمح باستمرار ثلاثة مشاريع نووية جارية حالياً في إيران ولا تتعلق بانتشار الأسلحة النووية. وقال إن السماح باستمرار هذه الأنشطة في الوقت الحالي سيحسن الرقابة المستمرة على البرنامج النووي المدني الإيراني ويجعل هذه المرافق أقل عرضة للاستعمالات النووية غير المشروعة. واختتم حديثه قائلاً: «كونوا مطمئنين! إيران لن تقترب أبداً من الحصول على سلاح نووي في وقت (حكم) الرئيس ترمب».
من جانبه، قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن الولايات المتحدة تقوم بتنفيذ الإجراءات النهائية للانسحاب من «صفقة إدارة أوباما الخاطئة بشكل قاتل»، مشيراً إلى أن حملة الضغط الاقتصادي التي تمارسها الولايات المتحدة على طهران لم يسبق لها مثيل. وأوضح أن أكثر من 300 من العقوبات التي تم تطبيقها أمس هي أهداف جديدة، وقال: «بالإضافة إلى ذلك، فإننا نقيّم المئات من الأفراد والكيانات التي كانت تخضع للعقوبات في السابق». وتشمل عقوبات أمس استهداف 50 مصرفاً إيرانياً وشركات أجنبية ومحلية تابعة لها. وأضاف أن النظام الإيراني حوّل مليارات الدولارات إلى الحرس الثوري عبر القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن العقوبات تشمل أكثر من 400 هدف، بما في ذلك أكثر من 200 شخص وسفينة في قطاع الشحن والطاقة الإيراني. وتابع: «على مدى الأشهر الخمسة الماضية، نفذت وزارة الخزانة بعض من العقوبات الأكثر تأثيراً على الإطلاق، وتم فرض عقوبات على أكثر من 900 هدف مرتبط بإيران في ظل هذه الإدارة الحالية في أقل من عامين، ما يمثل أعلى مستوى على الإطلاق من الضغوط الاقتصادية الأميركية على إيران».
وتابع: «إننا نقول للنظام الإيراني بوضوح إنهم سيواجهون عزلة مالية متزايدة إلى أن يغيروا سلوكهم المزعزع للاستقرار بشكل جوهري. يجب على قادة إيران وقف دعمهم للإرهاب وإنهاء الأنشطة الإقليمية المدمرة على الفور. يجب عليهم وقف الصواريخ الباليستية والتخلي عن طموحاتهم النووية إذا كانوا يسعون إلى طريق لتخفيف العقوبات. نحن نراقب النظام الإيراني بتركيز شديد. إذا حاولوا تجنب عقوباتنا، فسنتخذ الإجراء اللازم لتعطيل نشاطهم مراراً وتكراراً. كما يتعين على الشركات في جميع أنحاء العالم أن تعرف أننا سننفذ عقوباتنا بشكل صارم».
وزاد: «يجب على قادة إيران أن يتوقفوا عن دعم الإرهاب، وأن يتوقفوا عن نشر الصواريخ الباليستية، وأن يوقفوا الأنشطة الإقليمية المدمرة، وأن يتخلوا عن طموحاتهم النووية على الفور، إذا أرادوا تخفيف العقوبات». وأضاف: «إن الضغط الأقصى الذي تمارسه الولايات المتحدة سيرتفع من هنا فقط. نحن عازمون على التأكد من أن النظام الإيراني يتوقف عن تحويل احتياطاته من العملة الصعبة إلى استثمارات فاسدة وأيدي الإرهابيين».
أما وكيل وزارة الخزانة الأميركي سيغال ماندلكر فقال إن أكثر من 70 بنكاً والشركات الأجنبية والمحلية التابعة لها قد تم استهدافها في العقوبات الجديدة. وأضاف: «بما أن الشعب الإيراني يعاني من سوء الإدارة المالية وانخفاض الريال، فإن النظام الإيراني يسيء إلى النظام المصرفي في البلاد لإثراء النخبة وتمويل مؤسسات الدولة القمعية. إن الحرس الثوري الإيراني وغيره من الكيانات المزعزعة للاستقرار تعمل على تعزيز الوصول إلى النظام المالي العالمي لتمويل عمليات القتال في سوريا والعراق واليمن، ودعم انتشار أسلحة الدمار الشامل أو وسائل إيصالها، فضلاً عن تسليح أولئك الذين ينتهكون حقوق الإنسان للمواطنين الإيرانيين».



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.