«السنة المستقلون» تجمعهم معارضة الحريري وقوّتهم من دعم «حزب الله»

معظمهم ينتمي إلى كتل نيابية في «فريق 8 آذار»

TT

«السنة المستقلون» تجمعهم معارضة الحريري وقوّتهم من دعم «حزب الله»

تحت تسمية «اللقاء التشاوري» تجمّع ستّة نواب من الطائفة السنيّة طارحين أنفسهم كـ«مستقلين» للمطالبة بتمثيلهم في الحكومة، ليتحوّلوا اليوم إلى عقدة تحول دون تأليفها.
النظر في انتماءات هؤلاء النواب يظهر أن ما يجمعهم بشكل أساسي هو معارضتهم لـ«تيار المستقبل» وتحالفهم مع «حزب الله» الذي رفع راية تمثيلهم في مجلس الوزراء رافضا تسليم أسماء وزرائه ما لم يتم التجاوب مع مطلبه. ويرى تيار «المستقبل» أن ضعف تمثيل هؤلاء تؤكده الأرقام التي حصلوا عليها في الانتخابات النيابية، وهي لا تتجاوز 8.9 من أصوات الناخبين السنة.
واللافت في هذا المطلب التي تحوّل إلى عقدة أطاحت بتشكيلة الحكومة التي كان الرئيس المكلف يتّجه لتقديمها لرئيس الجمهورية، أنّه كما تقول مصادر في تيار «المستقبل» كان مستجدّا أو على الأقل لم يقدّمه «حزب الله» كمطلب أساسي من البداية رغم تأكيده أن طرحه ليس جديدا بل كان حاضرا منذ اليوم الأول لتكليف الحريري. وإذا كانت هذه العقدّة مصوّبة بشكل رئيسي ضد رئيس الحكومة ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري بحجة أن هناك ممثلين غيره للطائفة السنية ولم يعد يحتكر الساحة بمفرده، فإنها طالت أيضا رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعلن رفضه لها، ما جعله في مواجهة مع حليفه «حزب الله»، وقد أدى كذلك إلى مطالبات مماثلة من قبل نواب في طوائف مختلفة غير منضوين في كتل معينة.
ولأن عدم انضواء هؤلاء النواب في تكتل نيابي هو السبب الأهم في عدم أحقيتهم في المطالبة بتمثيلهم، وفقا للمعايير التي أعلنها الحريري وهو ما يدركه «النواب الستة»، اختاروا اللجوء إلى الإعلان عن «اللقاء التشاوري» بعد أسابيع على تكليف الحريري لتشكيل الحكومة مطالبين لأول مرة بتمثيلهم في 19 يونيو (حزيران) الماضي، ومتسلّحين بدعم «حزب الله» لهم.
مع العلم، أن نتائج الانتخابات أدت إلى فوز عشرة نواب سنة من خارج تيار المستقبل، وهم، رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وأمين عام التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد ورئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي إضافة إلى النائب في «اللقاء الديمقراطي»، بلال عبد الله، وهؤلاء جميعهم رفضوا الانضمام إلى اللقاء التشاوري، ومن بينهم النائب سعد المعروف بتحالفه مع «حزب الله» والذي رفض الدخول فيما سماها «المعارك المذهبية». ورسا بالتالي اللقاء على ستّة نواب، هم أساسا في كتل نيابية أخرى محسوبة على «فريق 8 آذار» ويحضرون اجتماعاتها، على غرار فيصل كرامي وجهاد الصمد المنضوين في «التكتل الوطني» برئاسة طوني فرنجية، والوليد سكرية، النائب الذي طالما كان ولا يزال في «كتلة الوفاء للمقاومة» (حزب الله)، وقاسم هاشم، أحد أعضاء كتلة «التنمية والتحرير»، ليبقى بذلك فقط كل من الوزير السابق عبد الرحيم مراد وعدنان طرابلس، خارج أي كتلة.
أمام هذا الواقع، يؤكد عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» راشد فايد، أن مسار سلوك «حزب الله» منذ بدء مشاورات تشكيل الحكومة لغاية اليوم يثبت بما لا يقبل الشكّ أنه لم يكن يريد الاستعجال في تأليف الحكومة إلى أن وصل إلى مرحلة لم يعد فيها أمامه إلا التسلّح بتمثيل النواب السنة، مرجحا بقاء الوضع على ما هو عليه إلى ما بعد العقوبات الأميركية على إيران بفترة قد تكون طويلة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «أي أمر يقدم عليه حزب الله يذكّرنا أنه خاضع لاستراتيجية إقليمية تديرها إيران، وعدم رغبته بتشكيل الحكومة وانتظار العقوبات الأميركية المتوقعة على إيران بعد أيام، تجسّد بأمور عدّة أهمّها أثارته في وقت سابق موضوع ضرورة زيارة الحريري إلى سوريا وأن معبر نصيب الحدودي لن يفتح إلا إذا كان لبنان على ودّ مع سوريا، ثم طرحه موضوع البيان الوزاري وتضمنّه «سلاح المقاومة» وغيرها من الإشارات». ويضيف «أما المشاورات الحكومية فهو بقي يتفرّج على مسارها الذي تنقّل من عقدة إلى أخرى مطمئنا إلى أنها تعيق التأليف، حتى أن حلفاءه من هؤلاء النواب كانوا يشكون من عدم دعمه لهم في مطلبهم، أما وقد ذلّلت «عقدة حزب القوات» فما كان أمامه إلا أن يرمي مطلب تمثيل هؤلاء السنة، مانعا تشكيل الحكومة، وهي العقدة التي من شأنها أن تسقط وتجعل هؤلاء النواب يتراجعون عنها في أي لحظة يقرّر الحزب ذلك».
ويسأل فايد «إذا كانوا يعتبرون أنفسهم نواب المعارضة فلماذا يريدون المشاركة في الحكومة خاصة أن معظمهم ينتمون إلى كتل نيابية أخرى ويحضرون اجتماعاتها؟» ويضيف «إذا كان حزب الله يدفع بتمثيل هؤلاء انطلاقا مما يقول إن لهم تمثيلا شعبيا، لماذا لا ينطبق هذا الأمر على النواب المسيحيين والشيعة؟ حتى أن النظر بالأرقام التي حصل عليها هؤلاء النواب مقارنة مع مرشّحين آخرين لم يصلوا إلى البرلمان، لأن القانون النسبي لم يسمح لهم بذلك، سيجعل البعض يقول إن من حقّه المطالبة بتمثيلهم في مجلس النواب».
وفِي المقابل، أكد عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد، في حديث تلفزيوني أن «تيار المستقبل لم يعد هو الممثل الأوحد للطائفة السنية في لبنان، بعدما انخفضت كتلة الحريري من 33 نائبا إلى 20. وبالتالي لم يعد يحق له الاستئثار بكامل الحصة السنية في الحكومة، فيما هناك 10 نواب سنة من خارج التيار يستحقون أن يمثّلوا».
وفيما بدا هجوما على وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه قائلا أن هناك من يستميت للوصول إلى رئاسة الجمهورية كما هناك من يستميت لرئاسة الحكومة، في إشارة منه إلى الحريري، أكد «حين يكون لأحد الأطراف 11 وزيرا، يصبح بإمكانه أن يعطل الحكم».
واعتبر الصمد أن «الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) لم يفتعل مشكلة تمثيل سنة المعارضة في الحكومة، لأنه خاض المفاوضات الحكومية على أساس روح التعاون والتسهيل منذ البداية». ولفت إلى أنّ اللقاء جمّد لقاءه بالرئيس عون بعد إعلان موقفه الرافض لتمثيلهم.
وأكد الصمد أن «اللقاء التشاوري للنواب السنة، هو مجموعة من النواب المستقلين التقوا منذ عام 2005، ولم يستحدث هذا اللقاء بعد الانتخابات، بل تم تفعيله في فترة الاستشارات النيابية»، مشيرا إلى أن «طبيعة قانون الانتخاب المعمول به لا تسمح لنا بالتمثل إلا ضمن الكوتا السنية»، وسأل «لماذا يحق لكتلة النائب طلال أرسلان بوزير، وهم منتمون إلى تكتل لبنان القوي، ولا يحق لنا نحن بوزير؟».
وكان «تيار المستقبل» قد نفى بالأرقام ما يروّج له «حزب الله» والنواب السنة على أنهم يمثلون ما بين 35 و40 في المائة من أصوات الناخبين السنة، مؤكدا أنهم لا يمثلون أكثر من 8.9 من الأصوات، موزعين كالتالي، فيصل كرامي: 6564 صوتاً سنياً وجهاد الصمد: 10114 صوتاً سنياً وعبد الرحيم مراد: 10640 صوتاً سنياً وعدنان طرابلسي: 11425 صوتاً سنياً وقاسم هاشم: 3504 أصوات سنية والوليد سكرية: 1053 صوتاً سنياً أي ما مجموعه 43300 صوتاً تفضيلياً سنياً من أصل 481680 هو المجموع العام للأصوات التفضيلية السنية في كل الدوائر أي ما يعادل بالنسبة المئوية 8.9 في المائة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.