تلقت محكمة بروكسل، دعوة مستعجلة، لمطالبة الدولة البلجيكية بضرورة إعادة أطفال الدواعش إلى عائلاتهم في بلجيكا، وفي حين رفضت الخارجية البلجيكية التعليق على الفور على هذا الأمر، قال وزير الداخلية البلجيكية جان جامبون، بأن تصرفات الآباء هي التي جعلت الأطفال يصلون إلى هذه الوضعية الصعبة.
وحسب الإعلام البلجيكي، تقدم الدفاع عن سيدة تدعى رحيمو، من أصول عربية وإسلامية، بدعوى مستعجلة أمام المحكمة في العاصمة بروكسل، لإلزام السلطات البلجيكية باسترجاع حفيديها، بعد أن اعتقلت ابنتها، وتدعى أمينة (28 عاما) ومعها طفلاها في تركيا أثناء عودتها من سوريا، التي كانت قد سافرت إليها قبل خمس سنوات، وتقضي الآن عقوبة السجن لمدة عشر سنوات في أحد السجون التركية. وطالب الدفاع بإلزام الحكومة بدفع غرامة مالية عن كل يوم تأخير في استرجاع الطفلين.
وجاء في الدعوى أن الطفلين ولدا أثناء العمليات القتالية في سوريا، وجرى اعتقال والدتهما في تركيا في يناير (كانون الثاني) الماضي، في مدينة القيصرية التركية. وفي أبريل (نيسان) أصدرت محكمة تركية عليها حكما بالسجن عشر سنوات في ملف له صلة بالإرهاب، وخلال الفترة الماضية حاولت الجدة رحيمو استعادة حفيديها من هناك، وسنهما عامان وأربعة أعوام.
وكان مجلس الأمن القومي البلجيكي، قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن أطفال الدواعش من البلجيكيين والذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات، لهم الحق في العودة بشكل تلقائي إلى بلجيكا، ولكن منذ ذلك الوقت لم يتحقق هذا الأمر، كما لم تتحرك بلجيكا لاسترجاع هؤلاء الأطفال، ولكن تنتظر أن يذهب هؤلاء الأطفال إلى أقرب سفارة أو قنصلية، ويطلبون العودة، ولكن من دون مرافقة الوالدين لهم، وتنطبق كل هذه الأمور على حفيدي رحيمو، بحسب ما ذكر ممثل الدفاع، الذي قال: «لكن المشكلة أن الطفلين ولدا في وقت سيطرة (داعش) على الأمور في مناطق الصراعات، ولم يتم استخراج شهادات ميلاد للطفلين، ولهذا لا تستطيع السفارة البلجيكية توفير وثائق سفر لهما»، بحسب محمد أوزدمير محامي الجدة رحيمو، الذي أضاف أن السفارة حصلت على عينة «دي إن إيه» للطفلين، وعندما ذهبت للحصول على عينة من الأم رفضوا في السجن. وقرر قاض تركي أن الدولة البلجيكية يجب أن ترسل طلبا دوليا للمساعدة القضائية لاتباع مثل هذه الخطوات، ولكن لم تفعل الحكومة هذا الأمر.
وقالت الجدة رحيمو: «بعد فترة قمت أنا وزوجي بإجراء تحليل (دي إن إيه) لمقارنته بعينة الطفلين، وأظهرت المقارنة بنسبة 99 في المائة أن الطفلين حفيدانا، ولكن لم تعترف السلطات في بلجيكا بهذا الأمر»، وعليه تقدم المحامي بدعوى تطالب الدولة البلجيكية بتوفير وثائق السفر للطفلين، وفي حال عدم تنفيذ ذلك خلال شهر، فإنه على الحكومة البلجيكية دفع تعويض مالي قدره خمسة آلاف يورو عن كل يوم تأخير لكل طفل.
وقال المحامي إن مضمون الدعوى يتماشى مع نتائج تحليل الـ«دي إن إيه» وميثاق حقوق الطفل، الذي ينص على مسؤولية الدولة في حماية الأطفال إذا تعرضوا للضياع أو فقدان الوالدين.
وقالت وسائل الإعلام إن الطفلين يعيشان بعيدا عن أمهما الموجودة في السجن، وقد جرى تأجير شقة صغيرة لهما من طرف أفراد العائلة، ولكن لإعادتهما إلى بلجيكا يستدعي الأمر وجود مرافق معهما، بحوزته الوثائق المطلوبة للخروج من تركيا.
وفي يوليو (تموز) الماضي، قرر فريق الدفاع البلجيكي عن أرملتين لعناصر من تنظيم داعش، التقدم بطلب للاستئناف ضد الحكم، الذي أصدرته محكمة الأمور المستعجلة في بروكسل، والذي تضمن الإشارة إلى أن الحكومة البلجيكية غير ملزمة بإعادة أطفال الدواعش إلى بلجيكا. وقالت محكمة الأمور المستعجلة في بروكسل، إن الدولة البلجيكية عليها واجب أخلاقي لإعادة هؤلاء الأطفال، ولكن بشكل قانوني لا يوجد للدولة أي سلطة على معسكرات اللاجئين في دولة أخرى.
وفي أغسطس (آب) الماضي، أطلقت سيدة مسلمة تعيش في أحد أحياء بروكسل نداء للسلطات البلجيكية، لمساعدتها على استعادة طفلتها الصغيرة «ياسمين»، من مناطق الصراعات بعد أن هرب بها والدها من بلجيكا في وقت سابق، وتوجه بها إلى تركيا ومنها إلى سوريا، للانخراط في صفوف تنظيم داعش. وفي تعليق على هذا الأمر، قال وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس، إن هناك اتصالات مع أسرة الطفلة في بلجيكا حول هذا الملف، مضيفا أنه طلب من سفارتي بلجيكا في كل من الأردن ولبنان إجراء الاتصالات اللازمة، وخاصة مع المنظمات الناشطة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، في محاولة لمعرفة مكان وجود الطفلة، وبعدها «سوف نقوم بالتنسيق مع وزارة الداخلية البلجيكية لتحديد الخطوات القادمة للتعامل مع هذا الأمر».
وبالنسبة لإمكانية عودة زوجات وأطفال المقاتلين من مناطق الصراعات، فالموقف الحكومي المعلن يتضمن ضرورة دراسة كل حالة على حدة، بعد جمع أكبر قدر من المعلومات عنهم، بناء على اتصالات مع الحكومة العراقية أو غيرها، وبعدها يتخذ القرار، بحسب تصريحات لوزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس، في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»» حول هذا الأمر.
بروكسل: دعوى مستعجلة لإلزام الحكومة بإعادة اثنين من أطفال «الدواعش» إلى جدتهما
بعد حبس الأم في تركيا في ملف له علاقة بالإرهاب
بروكسل: دعوى مستعجلة لإلزام الحكومة بإعادة اثنين من أطفال «الدواعش» إلى جدتهما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة