تفاهم روسي ـ تركي على انتخابات رئاسية مبكرة وتجميد {إدلب} لسنة

«المجموعة الصغيرة» ترفض «شرعنة» لجنة دستورية سورية لا تشكلها الأمم المتحدة

بناء سوري يعمل في ورشته في معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
بناء سوري يعمل في ورشته في معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تفاهم روسي ـ تركي على انتخابات رئاسية مبكرة وتجميد {إدلب} لسنة

بناء سوري يعمل في ورشته في معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
بناء سوري يعمل في ورشته في معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)

قال دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، إن تفاهماً روسياً - تركياً حول إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية سورية مبكرة في 2020، وبقاء الوضع في إدلب على ما هو عليه لمدة سنة أخرى، مع احتمال قيام «عملية محدودة ضد المتطرفين».
بموجب القرار 2254، من المقرر إجراء إصلاحات دستورية وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية برقابة الأمم المتحدة وبمشاركة السوريين في الشتات في غضون 18 شهراً.
وإذ تتمسك دمشق بإجراء الانتخابات الرئاسية لدى انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في 2021، فإن الجانبين الروسي والتركي يتحدثان عن إجراء انتخابات مبكرة. لكن عقدة تشكيل اللجنة الدستورية لا تزال قائمة بسبب الخلاف على القائمة الثالثة من المرشحين الذين اقترحهم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من المجتمع المدني والمستقلين بعدما قدمت الحكومة والمعارضة مرشحيهما.
وأبلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم دي ميستورا في 24 الشهر الماضي، رفض أي دور للأمم المتحدة في تشكيل القائمة الثالثة، وتمسكه بأغلبية الثلثين ورئاسة اللجنة وعقد اجتماعاتها في دمشق، إضافة إلى عدم الاعتراف بالبيان الرسمي الصادر من مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي بداية العام.
وكان لافتاً أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ رئيس «هيئة التفاوض السوري» المعارضة نصر الحريري لدى لقائهما في موسكو قبل أيام، بأن القائمة الثالثة للجنة الدستورية يجب أن تشكل من الدول الضامنة الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، التي ستجتمع في آستانة نهاية الشهر. وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط» بعد مشاركته في اجتماع «المجموعة الصغيرة» في لندن الاثنين الماضي: إن الجانب الروسي تحدث عن «صعوبة الشريك السوري»، إضافة إلى تنويهه بـ«قرارات أصدرها النظام، مثل إلغاء القانون 10، والعفو عن العسكريين الفارين، وأن العملية السياسية يجب أن تكون بقيادة سوريا».
وكانت قمة إسطنبول التي جمعت الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، السبت الماضي، أيدت «تشكيل اللجنة الدستورية قبل نهاية العام» حلاً وسطاً بين موقف أوروبي بتشكيل اللجنة قبل نهاية الشهر الحالي، وقول موسكو إنها «غير قادرة على الضغط على دمشق».
في المقابل، أبلغ ممثلو «المجموعة الصغيرة» التي تضم أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والسعودية، والأردن، ومصر، الحريري ودي ميستورا خلال اجتماع لندن الاثنين الماضي، رفضهم «إعطاء شرعية للجنة دستورية ما لم تشكلها الأمم المتحدة». وقال أحد المسؤولين: «إما أن تشكلها الأمم المتحدة أو فلتكن العملية الدستورية في دمشق وسوتشي ومن دون أي شرعية دولية».
إلى ذلك، قال الحريري، إنه قدم في اجتماع لندن «إحاطة عن تطورات الأوضاع في إدلب، وضرورة الحفاظ على خفض التصعيد ورفض الذرائع التي يستخدمها النظام وحلفاؤه لشن عمل عسكري في إدلب». وأضاف: «بحثنا أيضاً جهود الأمم المتحدة للمضي قدماً في العملية السياسية، وضرورة فتح نافذة إمكانية إطلاق عملية سياسية تؤدي إلى حل سياسي في سوريا بدءاً من تشكيل اللجنة الدستورية والدعوة لتشكيلها بعد الانتهاء من قواعد التشكيل. وتحدثنا عن العراقيل التي يضعها النظام للتهرب من تشكيل اللجنة؛ إذ إنه لا يقبل الانخراط بالعملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة لتطبيق قرارات مجلس الأمن».
كما تحدث الحريري أمام ممثلي الدول عن «استغلال إيران فرصة الانشغال بتشكيل اللجنة الدستورية وإدلب للقيام بتعزيز نفوذها على الأرض، والتغلغل في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، وانتشار عسكري في مناطق باتت تحت سيطرة النظام. وهناك معلومات عن انتشار إيراني يشمل تحويل نقاط عسكرية إلى قواعد عسكرية وتخريج دفعة متدربين على أيدي (حزب الله) وإنشاء مركز للحزب قرب معبر نصيب» بين سوريا والأردن و«استمرار الانتهاكات في مناطق التسويات».
وتابع: «كما ناقشنا موضوع المعتقلين وموضوع المحاسبة لدفع العملية السياسية وربط إعادة الإعمار في سوريا بالانتقال السياسي وضرورة توفير البيئة المحايدة لعودة اللاجئين في شكل طوعي».
ونقل عن المسؤولين الأميركيين تأكيدهم على «أهمية تفعيل العملية السياسية في جنيف لتطبيق القرار 2254، وتشكيل اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة. ليس هناك حل عسكري للصراع، ولا بد من توفير البيئة الآمنة، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف الأمم المتحدة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.