التوقيع الأسترالي يُطلق الشراكة عبر المحيط الهادئ

رغم الانسحاب الأميركي

احتفال التوقيع الثاني للاتفاق في 8 مارس (آذار) 2018 في سانتياغو عاصمة تشيلي (أرشيفية - أ. ب)
احتفال التوقيع الثاني للاتفاق في 8 مارس (آذار) 2018 في سانتياغو عاصمة تشيلي (أرشيفية - أ. ب)
TT

التوقيع الأسترالي يُطلق الشراكة عبر المحيط الهادئ

احتفال التوقيع الثاني للاتفاق في 8 مارس (آذار) 2018 في سانتياغو عاصمة تشيلي (أرشيفية - أ. ب)
احتفال التوقيع الثاني للاتفاق في 8 مارس (آذار) 2018 في سانتياغو عاصمة تشيلي (أرشيفية - أ. ب)

شكّل إبرام أستراليا اليوم (الأربعاء) لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ دفعاً له، بعدما ساد شعور بأنه سيسقط حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطلع 2017 سحب بلاده منه. ورفعت الخطوة الأسترالية إلى 6 من أصل 11 عدد الدول الموقعة التي أبرمته، مما يمهد لدخوله حيز التنفيذ على وجه السرعة.
ويُعتبر "اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ"، من الأكثر طموحا في العالم حتى من دون مشاركة الولايات المتحدة فيه، علماً أنه كان ثمرة مبادرة من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وجرى توقيعه في 2015 بعد مفاوضات استمرت سنوات. وكان يضم في ذلك الحين 12 بلدا مطلا على المحيط الهادئ، تمثل نحو 40 في المائة من الاقتصاد العالمي، وهي الولايات المتحدة وأستراليا وكندا واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام وتشيلي وبروناي.
ومن دون الاقتصاد الأميركي، يتراجع حجم الاتفاق إلى قرابة 14 في المائة من الاقتصاد العالمي مع ناتج داخلي إجمالي يعادل 10600 مليار دولار وتعداد سكاني يقارب 500 مليون نسمة. ولا يضم الاتفاق الصين، القوة الآسيوية الأولى وثاني اقتصاد في العالم.
ويرى المدافعون عنه أنه الأكثر تطورا بين اتفاقات التبادل الحر، ويمضي أبعد بكثير من مجرد رفع الحواجز الجمركية ليجسّد قواعد التجارة المطلوبة في القرن الحادي والعشرين. فهو ينص على رفع الحواجز غير الجمركية، مثل فتح الدول الأعضاء استدراجات العروض الوطنية أمام الشركات الأجنبية دون إعطاء الأفضلية للشركات المحلية، وتحديد قواعد مشتركة للتجارة الإلكترونية والخدمات المالية، واحترام قواعد منظمة العمل الدولية.
أما ترمب فوصف خلال حملته الانتخابية الاتفاق بأنه "فظيع" و"ينتهك" مصالح العمال الأميركيين. ومعلوم أن الرئيس الأميركي لا يحبّذ الاتفاقات المتعددة الأطراف، بل يفضل الاتفاقات الثنائية "العادلة" التي تسمح بإعادة التوازن إلى المبادلات التجارية والحد من العجز في الميزان التجاري الأميركي.
وقد نشطت اليابان بعد الانسحاب الأميركي من أجل التوصل إلى اتفاق بـ11 عضوا، على أمل أن تبدل واشنطن رأيها لاحقا وتنضم من جديد.
وكانت اليابان من الدول الأولى التي أبرمت الاتفاق، مع كندا ونيوزيلندا وسنغافورة والمكسيك، وانضمت إليها أستراليا الأربعاء.
أما الدول الأخرى الأعضاء فهي اقتصادات ناشئة كانت ترى أن أهمية الاتفاق تكمن في مشاركة الولايات المتحدة. وفي غياب هذه، فقد الاتفاق أهميته بنظرها، حتى لو أنه سيتيح لها مبدئيا الوصول إلى أسواق كبيرة مثل السوق اليابانية.
وستبدأ الدفعة الأولى من التخفيضات الجمركية في إطار هذا الاتفاق بعد ستين يوما في 30 ديسمبر (كانون الأول)، تليها الدفعة الثانية في الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، بحسب وزير التجارة النيوزيلندي ديفيد باركر الذي يأمل أن تبرم معظم الدول الأعضاء الاتفاق في أقرب ما يمكن.
ويبقى الباب مفتوحا للولايات المتحدة وبلدان أخرى مثل كوريا الجنوبية وكولومبيا اللتين أبديا اهتماما بالاتفاق.
أما الصين فتعمل لإقرار مشروعها الإقليمي الضخم، وهو الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، الجاري التفاوض في شأنها والتي من المفترض أن تضم البلدان العشرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وشركاءها في المنطقة، أي الصين واليابان وأستراليا والهند وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، باستثناء الولايات المتحدة.
وعلى غرار "اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ"، يسعى اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية لتحرير المبادلات التجارية.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».