عميد بلدية طرابلس: الفوضى والوضع السياسي سبب الخروقات والمعارك

عبد الرؤوف قال لـ «الشرق الأوسط» إن جمع سلاح الميليشيات الليبية يحتاج وقتاً وصبراً

عميد بلدية طرابلس المركز عبد الرؤوف بيت المال مستقبلاً سلامة (بلدية طرابلس)
عميد بلدية طرابلس المركز عبد الرؤوف بيت المال مستقبلاً سلامة (بلدية طرابلس)
TT

عميد بلدية طرابلس: الفوضى والوضع السياسي سبب الخروقات والمعارك

عميد بلدية طرابلس المركز عبد الرؤوف بيت المال مستقبلاً سلامة (بلدية طرابلس)
عميد بلدية طرابلس المركز عبد الرؤوف بيت المال مستقبلاً سلامة (بلدية طرابلس)

أبدى عبد الرؤوف بيت المال، عميد بلدية طرابلس المركز، تفاؤلاً كبيراً بتحسن الأوضاع في العاصمة الليبية، التي شهدت مؤخراً اشتباكات واسعة بين الميليشيات المسلحة، سقط فيها عدد كبير من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى تصاعد حدة الغضب بين مواطنيها من ارتفاع الأسعار، وتردي مستوى الخدمات، وما وصفوه بـ«فشل الحكومة في السيطرة على تراكم النفايات».
وفيما رأى بيت المال أن «سبب الخروقات والمعارك التي حدثت في الماضي هو انتشار السلاح وعدم استقرار الوضع السياسي»، قال إن «المؤشرات الحالية تدل على أن الترتيبات الأمنية (تجرى حالياً برعاية أممية) في طريقها للتنفيذ على أرض الواقع، وهذا بلا شك عامل استقرار».
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قد أصدر قراراً بتشكيل لجنة الترتيبات الأمنية في العاصمة، تتولى وضع تدابير لتعزيز وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى إحلال قوات نظامية من الجيش والشرطة في المنشآت الحيوية، بدلا من المجموعات المسلحة.
وتحدث بيت المال إلى «الشرق الأوسط» عن السلاح المنتشر في أيدي الميليشيات المتناحرة بالعاصمة، وقال: «إن أي سلاح خارج الشرعية مرفوض»، مستشهدا في هذا الصدد بتجارب دولية سابقة قريبة من الحالة الليبية، وذلك في معرض رده على «كيفية جمع سلاح الميليشيات وتفكيكها»، وقال بهذا الخصوص إن «التجارب المشابهة التي مرت بها دول أخرى تشير إلى أن جمع السلاح وتفكيك المجموعات المسلحة يحتاج وقتاً وصبراً».
ويُنظر إلى الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية على أنها عقبة كبيرة في مواجهة أي تطور، إذ سبق لرئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة التحدث عن وجود 200 ألف مقاتل في التشكيلات العسكرية، قدمت لهم الدولة الليبية منذ 5 سنوات نوعاً من الغطاء.
وبعد سقوط الرئيس الليبي معمر القذافي سنة 2011 أصبحت مخازن السلاح متاحة لبعض المناطق في البلاد، وهو ما دفع سلامة إلى القول أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي إن الحظر الدولي المفروض على السلاح «لم يكن أكثر أهمية في أي وقت مضى من الوقت الحالي، لأن هذا البلد يحوي أكثر من 20 مليون قطعة سلاح».
لكن عميد بلدية طرابلس المركز أبدى تفاؤله وهو يتحدث عن الصعوبات التي تواجهها العاصمة، وقال في هذا السياق إن «الإيجابية في التفكير هي السبيل لتجاوز المحن... والمعطيات تشير إلى تحسن الأوضاع بشكل عام وتدريجي»، مبرزا أن «ليبيا مرت بكثير من المحن على مر العصور، ونحن على يقين من قرب نهاية الأزمة».
وأمام تعاطي الميليشيات المسلحة في العاصمة مع الترتيبات الأمنية الجديدة، استبعد بيت المال، الذي سبق أن خطفه مسلحون في نهاية مارس (آذار) الماضي من أمام منزله، تصاعد عمليات الاغتيالات المتبادلة في صفوفها، بعد تصفية 5 منهم، وقال إنه لا يعتقد ذلك.
وحول مصير دماء المدنيين الذين سقطوا في اشتباكات طرابلس الأخيرة وإمكانية محاسبة المتورطين فيها، رأى بيت المال أن «الاستقرار السياسي سيؤدي حتما إلى تفعيل قوانين العدالة الانتقالية».
ودائماً ما يلوح المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بالتوجه إلى العاصمة طرابلس «لتحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة»، وبأنها أصبحت هدفا قريبا أكثر من أي وقت مضى، لكن عميد بلدية طرابلس رد بالقول: «لم نسمع رسمياً بهذا التهديد».
وفي 7 سبتمبر (أيلول) الماضي، قال حفتر: «إن تحرير العاصمة وفق خطة مرسومة يعد خيارا لا مناص منه»، موضحاً أن «الجيش سيتحرك إلى طرابلس في الوقت المناسب، والأمر محسوب».
وبخصوص هدم الكلية العسكرية للبنات في وسط العاصمة بقرار من المجلس الرئاسي، ما أثار موجة من الغضب والتساؤل، قال بيت المال إن الأسباب التي أدت إلى ذلك كثيرة، منها «أن الموقع كان سببا في نشوب معارك كثيرة في الماضي بين مجموعات مسلحة للسيطرة عليه، كما أن المباني ليست ذات قيمة تاريخية أو مادية، ومساحتها بسيطة، مقارنة بمساحة الموقع»، لافتا إلى أن الموقع سيتم استثماره في مشروع حضاري.
وبخصوص إشكالية تراجع مستوى الخدمات وتراكم النفايات في العاصمة، قال بيت المال: «إن موضوع القمامة يحدث ببساطة؛ لأنه لم يتم نقل الاختصاص إلى البلديات، وأعمال النظافة ما زالت حكرا على شركة الخدمات التي تتبع وزارة الحكم المحلي، كما أنه لم يتم رصد أي إمكانات أو ميزانيات للبلديات للقيام بأعمال النظافة بكل أنواعها».
كما تحدث عميد بلدية طرابلس عن صعوبة الحياة في العاصمة، وقال إن «المعيشة قاسية في العاصمة بالتأكيد... ونحن نعيش مرحلة انتقالية صعبة من حكم شمولي لم يقدم شيئاً، ولم يؤسس لدولة بالمعنى الحقيقي، إلى أجواء حرية مطلقة وغير منضبطة... والصعوبات هي المخاض لميلاد الدولة التي نطمح إليها ونحلم بها».
وفي معرض حديثه عن أزمة ارتفاع أسعار الدقيق والخبز في العاصمة، أوضح بيت المال أن «تقلب سعر الصرف وعدم انتظام دعم الحكومة للدقيق، واستغلال بعض التجار وأصحاب المخابز، كل ذلك أدى إلى ارتفاع سعر الخبز وأثر سلبا على المواطن».
وانتهى عميد بلدية طرابلس المركز إلى رسم صورة للأوضاع في ليبيا مستقبلاً، وقال: «إن الاستقرار في عموم البلاد مرهون بالدعم الدولي، والنهوض الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي... وكل ذلك يؤدي إلى قيام الدولة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.