تحركات عراقية لضبط الحدود مع سوريا

مخاوف من تنامي نشاط «داعش» في المنطقة الغربية

TT

تحركات عراقية لضبط الحدود مع سوريا

شهد العراق أمس، تحركات أمنية لضبط الحدود مع سوريا، وقد حذّرت وزارة الدفاع العراقية، من إمكانية عبور عناصر «داعش» من الأراضي السورية إلى العراق وقامت بإلقاء منشورات في قاطع محافظة الأنبار المحاذية لسوريا تحث المواطنين على التعاون مع القوات الأمنية، فيما عقدت هيئة الحشد الشعبي اجتماعا طارئا، أمس، لوضع الخطط الأمنية لمواجهة أي طارئ على الحدود مع سوريا.
هذه التطورات جاءت غداة التوجيهات التي أصدرها رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي إلى قيادة العمليات المشتركة بأهمية تأمين الحدود العراقية - السورية. وفيما دعا قيادي وعضو برلمان عن محافظة الأنبار رئيس الوزراء إلى التعامل بحزم لدرء خطر وشيك لـ«داعش» على العراق فإن خبيرا أمنيا أكد أن المعطيات تشير إلى أن «الوضع تحت السيطرة».
ونوهت المنشورات إلى وجود معارك «على الجانب الثاني من الحدود العراقية السورية معارك شديدة يتكبد العدو الداعشي الكافر فيها خسائر كبيرة، يضيق عليه الخناق من كل الجهات». وأضافت، «تحاول بعض عناصره (داعش) عبور الحدود والتسلل إلى داخل العراق، اليوم يومكم والحدود مسؤوليتكم الوطنية والشرعية».
من جهته فقد عد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن الحرب على تنظيم داعش ما زالت تمثل الأولوية الأولى بالنسبة لحكومته. وقال بيان عن مكتب عبد المهدي أمس لدى استقباله وزيرة الدفاع الإيطالية إن عبد المهدي أكد أن «البلد حقق انتصارات كبيرة في حربه على (القاعدة) ثم (داعش) لكنه ما زال يخوض حربا شرسة ضد بقايا الإرهاب السرطانية، داعيا الدول الصديقة إلى مساندة العراق في حربه ضد الإرهاب وفي دعم اقتصاده». وشدد عبد المهدي طبقا للبيان على أن «هذه الحرب تبقى أولوية لدى الحكومة العراقية وأنه لا يمكن عزلها عن أولويات التنمية والديمقراطية وحقوق المواطنين».
في سياق ذلك، دعا عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار والقيادي في المحور الوطني محمد الكربولي رئيس الوزراء إلى التصرف بحزم حيال الخطر الذي بات يمثله (داعش) على المنطقة الغربية من العراق. وقال الكربولي لـ«الشرق الأوسط» إن «أي تراخ في عملية التصدي للتهديد الجديد الذي يمثله (داعش) على مناطقنا الغربية يجعل المدن المدمرة أصلا والتي لم يعد بناؤها حتى الآن مهيأة للنزوح ثانية وهو ما يعني حصول كارثة بكل المعايير»، مبينا أن «من شأن ذلك أن يمثل انتكاسة لا يمكن الخروج منها»، داعيا عبد المهدي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة إلى «التصرف بحزم وشجاعة لدرء هذا الخطر عن العراق».
لكن الخبير الأمني سعيد الجياشي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «الوضع في تلك المناطق لا يزال تحت السيطرة ولا توجد مخاطر جدية برغم أن القوات العراقية تتأهب هناك بشكل جيد». وأضاف الجياشي أن «قوات سوريا الديمقراطية تكبدت خسائر كبيرة من قبل تنظيم داعش الذي سيطر على نحو ست مناطق وبدأ يقترب من الحدود العراقية من جهة شمال نهر الفرات». وأوضح الجياشي أن «القوات العراقية بدأت تستعد لمواجهة أي طارئ محتمل حيث تم إلقاء منشورات قرب الحدود تهدف إلى التعبئة النفسية وتعزيز المعنويات وزرع القلق في نفوس (الدواعش)».
من جانبه، ربط محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، بين عودة مسألة التطرف ونمو «الإرهاب» وبين عدم منح المحافظة حصتها كاملة من الموازنة المالية العامة للعام المقبل 2019. وقال النجيفي إن «ما خصص لمحافظة نينوى خلال موازنة العام 2019 هو أقل من نصف ما يجب تخصيصه»، مبينا أن «الحكومة حددت 143 مليار دينار عراقي (130 مليون دولار أميركي) للمشاريع الاستثمارية والمنح وبناء المحافظة المهدمة، وهذا إجحاف بحقها». وأضاف، النجيفي، «منذ سنوات والمحافظة تعاني من هذا الإجحاف، لكنه هذه المرة صار أكبر، ولم تتساو حتى مع المحافظات الصغيرة جغرافيا وسكانيا، ولم تحصل على استحقاقها الدستوري أساسا».
وأشار النجيفي إلى أن «نواب المحافظة في البرلمان العراقي، سيثيرون الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على المحافظة، وأن الحكومة تسعى لتقليل المخصصات المالية لنينوى باعتبارها مدينة حررت مؤخرا من تنظيم داعش وتحتاج للإعمار».
إلى ذلك ألقت قوة أمنية القبض على 17 «إرهابياً» في الجانب الأيسر لمدينة الموصل. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بأن «فوج طوارئ الشرطة السابع التابع لقيادة شرطة نينوى وبناءً على معلومات استخبارية دقيقة ألقى القبض على 17 عنصراً من عصابات «داعش» الإرهابية المطلوبين للقضاء والصادر بحقهم أوامر قبض بقضايا إرهابية». وأضاف أن أربعة من الإرهابيين كانوا يقومون بالإخبار عن دور المنتسبين والمسيحيين ومصادرة أموالهم وكذلك بينهم امرأة كانت تعمل فيما يسمى بـ«الحسبة»، مبينا أنه تم القبض عليهم في مناطق وأحياء (الميثاق والانتصار والقدس وتسعين) في الجانب الأيسر لمدينة الموصل.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».