التنمر الإلكتروني يفقد الصحافيات الأمان... ودورات لحمايتهن منه

خبراء يوصون بتفعيل خاصية «المصادقة الثنائية» لمنع دخول الآخرين لحسابات الصحافيات على «الفيسبوك»
خبراء يوصون بتفعيل خاصية «المصادقة الثنائية» لمنع دخول الآخرين لحسابات الصحافيات على «الفيسبوك»
TT

التنمر الإلكتروني يفقد الصحافيات الأمان... ودورات لحمايتهن منه

خبراء يوصون بتفعيل خاصية «المصادقة الثنائية» لمنع دخول الآخرين لحسابات الصحافيات على «الفيسبوك»
خبراء يوصون بتفعيل خاصية «المصادقة الثنائية» لمنع دخول الآخرين لحسابات الصحافيات على «الفيسبوك»

تنامت في الآونة الأخيرة ظاهرة «التنمر الإلكتروني» بالصحافيات على مواقع التواصل الاجتماعي عبر اختراق حساباتهن واستغلال الصور الخاصة بهن. خبراء طالبوا بضرورة تفعيل خاصية «المصادقة الثنائية» لمنع دخول الآخرين لحساب الصحافيات على «الفيسبوك»، وعدم فتح أي رابط يصل إليها عبر محادثات شبكات التواصل الاجتماعي، وعدم قبول أي طلبات الصداقة من الأشخاص المجهولين.
الصحافية المصرية نهى لملوم، وزوجها يحيى صقر، أنتجا فيلما وثائقيا بعنوان «أمان مفقود» وحكى وقائع التنمر بصحافيات مصريات... الفيلم قدم نصائح للصحافيات للوقاية من مخاطر «التنمر الإلكتروني».
وقالت لملوم لـ«الشرق الأوسط»، «تحمست لإنتاج الفيلم، بسبب تكرار حالات التحرش لزميلاتي، واللاتي اضطررن لترك وظائفهن... والفيلم الوثائقي مدته 14 دقيقة، ويُجسد مُعاناة 5 صحافيات مصريات تحدثن عن كيفية التحرش بهن من قبل رؤسائهن في العمل، أو زملائهن سواء داخل غرفة الأخبار أو الأماكن العامة، أو أماكن تواجد المصادر»، مضيفة: «واجهتني الكثير من التحديات طوال مرحلة إعداد الفيلم، صعوبات متعلقة بتكلفة مونتاج الفيلم، وصعوبة العثور على صالة تحرير لتصوير الصحافيات بها، كما خافت الكثيرات من حكي واقعة التحرش، وتردد البعض الآخر... فدشنت استبيانا إلكترونيا، والذي تفاعلت معه الصحافيات اللاتي أردن حكي تجربتهن الأليمة مع واقعة التحرش».
موضحة سأطلق هاشتاغ «# أمان_ مفقود» قريباً على غرار الحملة العالمية لمناهضة التحرش لتشجيع الصحافيات الراغبات في حكي تجاربهن الشخصية مع وقائع التحرش.
ويشار إلى أنه قد نشطت في الفترة الأخيرة دورات تدريبية للإعلاميات والعاملات في مجال حقوق الإنسان حول موضوع «السلامة والأمن الرقمي»، وذلك لحمايتهن من عمليات التصيد عبر الإنترنت، وهجمات الهاكرز والابتزاز، والتي تتطور وتزداد تعقيداً مع تطور نظم الحماية.
وقال آسو وهاب، المسؤول عن مشروع «العيادة الرقمية» في بغداد، المدرب في مجال الحماية الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي لـ«الشرق الأوسط»، أطلقت مشروع «العيادة الرقمية» على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» باللغتين العربية والكردية، نظراً لوقوع الكثير من حالات التحرش والابتزاز الرقمي، وعدم وجود ضوابط قانونية وتشريعية تحكم آلية عمل الشبكات الاجتماعية... ويهدف المشروع إلى تقديم الدعم التقني للصحافيات والناشطات العراقيات حال تعرضهن لعمليات التصيد أو اختراق حساباتهن أو التجسس عليهن، مضيفاً: «نتدخل في حالات الطوارئ لتقليل الأضرار الناجمة عن عمليات التصيد والتنمر، ونعمل على إعادة الحسابات لأصحابها، ومن ثم تقوية أنظمة الحماية الرقمية الفردية لهن، حتى تمكنا خلال عام ونصف من تقديم الحلول التقنية، ومساعدة 23 صحافية وناشطة من المقيمات في العراق».
وأضاف وهاب: «يجب أن تعلم الصحافيات والناشطات كيفية حماية أنفسهن في العصر الرقمي، من خلال استخدام التطبيقات التي تمنحها الأمان والخصوصية، وذلك من خلال تفعيل خاصية «المصادقة الثنائية»، إضافة لمنع دخول الآخرين لحسابها على «الفيسبوك»، وعدم فتح أي رابط يصل إليها عبر محادثات شبكات التواصل الاجتماعي، وألا تقبل طلبات الصداقة من الأشخاص المجهولين، وينبغي ألا تشرح أدق تفاصيل حياتها حتى لا يتتبعوها... كما يجب أن تكتب كلمة سر قوية مكونة من 14 رمزاً والتي تتضمن حروفاً، وأرقاما، ورموزا وعلامات»، موضحاً أنه «يجب عدم منح صلاحية الوصول لحساباتها الشخصية للمواقع الإلكترونية التي تُتيح إمكانية التسجيل بها عبر حساباتنا على «الفيسبوك» أو «تويتر» أو الإيميل الشخصي، كما يفضل استخدام طبقات الأمان الإضافية، وذلك عن طريق ربط حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بالبريد الإلكتروني، أو رقم الهاتف، أو تطبيق توليد الرموز... ويجب عدم نشر الصور الشخصية لها لأنها يمكن أن يستغلها البعض في التشهير بالفتيات وابتزازهن».
من جهتها، قالت فاطمة خير، مدربة ببرنامج «النساء في الأخبار» التابع للمنظمة الدولية للصحف وناشري الأنباء «وان - ايفرا» لـ«الشرق الأوسط»، «يجب على المرأة أن تضع حدوداً واضحة في التعامل مع زملائها ورؤسائها في العمل، وأن تواجه الشخص الذي يتحرش بها، وتبين له أنها لا تتقبل هذه الطريقة في التعامل، وإذا تمادى في ذلك فتبادر بتقديم شكوى إلى رئيسها في العمل، أما إذا كان مديرها هو الذي يتحرش بها فعليها أن تتوجه إلى نقابة الصحافيين التابع لها الدولة أو الجهة المالكة للصحيفة»، مضيفة: أعتقد أننا سنحتاج وقتاً كبيراً لكي نخلق أماكن عمل آمنة للمرأة تسمح لهن بالمحافظة على خصوصيتهن، وأن يعملن بحرية دون التلصص عليهن أو التحرش بالنظر إليهن، وهو مؤلم جداً للفتاة ويصعب إثباته، ويجب على المؤسسات الصحافية أن تتخذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لردع المتحرشين، وتوعية الصحافيين بأنه إذا تجاوز حدود المعاملة مع زميلته من خلال ذكر ألفاظ نابية أو استعمال يده في التعامل معها، فإنه يتحرش بها.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».