الكرد يشكون من تحويل كركوك إلى «ثكنة عسكرية»... والعرب ينفون

TT

الكرد يشكون من تحويل كركوك إلى «ثكنة عسكرية»... والعرب ينفون

مرت الأسبوع الماضي الذكرى الأولى لعملية فرض القانون وإعادة الانتشار التي نفذتها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي قوات الحكومة الاتحادية في كركوك وتمكنت خلالها من السيطرة على المحافظة التي خضعت لنفوذ القوى الكردية وخصوصا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بعد 2003. وتأتي الذكرى في ظل شكاوى كردية من تحويل المحافظة إلى «ثكنة عسكرية» نتيجة السلطات الواسعة التي يتمتع بها قائد جهاز مكافحة الإرهاب هناك معن السعدي، كما تقول بعض المصادر الكردية، في مقابل نفي مصدر عربي مسؤول في كركوك حدوث ذلك.
وكانت عملية إعادة الانتشار أدّت إلى فرض واقع أمني وسياسي جديد تسبب في حرمان المكون الكردي من منصب المحافظ بعد هيمنته عليه لنحو 13 عاما، حيث قام رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي حينذاك، بتكليف نائب المحافظ العربي راكان سعيد الجبوري خلفا للمحافظ الكردي نجم الدين كريم الذي هرب لإقليم كردستان على خلفية مذكرة قبض صدرت بحقه بسبب دعمه لاستفتاء الاستقلال الكردي الذي أقيم في 25 سبتمبر (أيلول) من نفس العام.
ورغم انشغال الكتل السياسية في موضوع تشكيل الحكومة الاتحادية، فإن الذكرى لم تمر دون تصريحات سياسية من الجانب الكردي وبغداد، ففيما اعتبر مستشار مجلس أمن إقليم كردستان مسرور بارزاني في يوم الذكرى أن «كركوك مدينة محتلة بالنسبة لنا»، رد رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي في تصريح مقتضب قائلا: «يوم 16 أكتوبر يوم العمل لجميع العراقيين في ظل عراق واحد».
ولم تمر الذكرى دون «شكاوى» من بعض الأطراف الكردية، في مقابل رأي عربي يرى أن الذكرى مرت من دون مشكلات. إذ يقول مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط»: إن «العرب في قضاء الدبس عمدوا إلى حرق صور (شهداء) البيشمركة في يوم الذكرى». كما قامت المحافظة، بحسب المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، بـ«إيقاف عمل 43 منظمة كردية تعمل في المجال الإنساني في كركوك وطردها إلى إقليم كردستان». ويؤكد المصدر على «هيمنة الجانب العسكري على المحافظة ممثلا بقيادة قوات مكافحة الإرهاب وبعض فصائل الحشد الشعبي».
وكان النائب الكردي السابق شوان الداودي اتهم، أول من أمس، حيدر العبادي بتحويل كركوك إلى «ثكنة عسكرية»، وتقول بعض المصادر الكردية إن «قائد جهاز مكافحة الإرهاب معن السعدي يسيطر على كل مفاصل كركوك».
لكن مصدرا رسميا في محافظة كركوك، نفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» نفيا قاطعا سيطرة العسكر على كركوك.
ويقول المصدر: «ليس هناك سيطرة للعسكر في كركوك، وأيضا هي المحافظة الوحيدة اليوم التي ليس فيها قوات للحشد الشعبي». وأضاف: «مرت ذكرى فرض القانون في 16 أكتوبر 2017، بسلاسة، حتى أن المحافظة لم تقم احتفالا في المناسبة مراعاة لمشاعر الإخوة الأكراد».
ورفض المصدر الرسمي ما يتردد عن إيقاف عمل 43 منظمة كردية مدينة في كركوك، ذلك أن «موضوع المنظمات المدنية ليس من اختصاص المحافظ، إنما الأمر يتعلق بعدم الحصول على رخص أصولية تصدرها الحكومة الاتحادية، لدينا أكثر من 77 منظمة عاملة في كركوك ومقراتها في أربيل وتمارس عملها بشكل طبيعي لأنها مرخصة رسميا».
من جهته، يقول النائب الكردي السابق وعضو حزب الاتحاد الوطني، جمال محمد، إن «مسألة اعتبار كركوك محتلة ليس محل إجماع القوى الكردية، وباستثناء الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فإن حزب الاتحاد الوطني والجماعة الإسلامية وحركة التغيير والجيل الجديد تعتبر أن محافظة كركوك تتبع الحكومة الاتحادية حسب الدستور وغير محتلة». لكن محمد يتفق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «الطابع العسكري الذي بات قائما في المدينة، ولعل المطلب الأساسي لجميع مكونات كركوك، هو تعود السلطة فيها إلى الجانب المدني».
أمنيا، أعلن مركز الإعلام الأمني التابع لقيادة العمليات المشتركة، أمس، مقتل 3 إرهابيين وضبط حزامين ناسفين و6 قنابل يدوية في كركوك. وذكر المركز في بيان أن «قوات قيادة الشرطة الاتحادية تواصل عملياتها ضمن محافظة كركوك، فقد تمكنت ووفق معلومات مؤكدة وبعد نصب كمين محكم من قتل 3 إرهابيين، وضبط حزامين ناسفين وبندقيتين نوع كلاشنيكوف وعبوة قمعية وجهازين ناقلين». وأضاف أن «القوات عثرت على 3 مشالح ودراجة نارية و6 رمانات يدوية، خلال عملية أمنية ناجحة في منطقة الرشاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.