بشائر لعلاج «نهائي» للصمم

إنماء الشعيرات الحساسة للصوت داخل قوقعة الأذن

بشائر لعلاج «نهائي» للصمم
TT
20

بشائر لعلاج «نهائي» للصمم

بشائر لعلاج «نهائي» للصمم

في خطوة علمية رائدة تبشر باحتمالات كبرى لعلاج الصمم نهائياً لدى الإنسان، قال باحثون أميركيون إنهم نجحوا في إنماء خلايا الشعيرات التي تستشعر الأصوات الموجودة داخل قوقعة الأذن، والتي تقوم عادة بتحويل اهتزازات الصوت إلى إشارات كهربائية. وتتراجع قدرات هذه الشعيرات على استشعار الاهتزازات الصوتية بسبب الكبر في السن أو الضوضاء الشديدة.
- تجديد السمع
وقال باحثون في جامعة روتشستر، في نيويورك، إن إعادة عمل الشعيرات الموجودة في القوقعة التي توجد في الأذن الداخلية ستمكن من استعادة قوة حاسة السمع بعد فقدانها. ويعاني 30 مليون أميركي، ونحو 10 ملايين بريطاني، من فقدان السمع، بدرجة أو أخرى.
وقال الباحثون الذين نشروا دراستهم في مجلة «نيوروساينس»، المعنية بعلوم الأعصاب، إن العلماء لاحظوا أن عدداً من الحيوانات، مثل الطيور والأسماك والضفادع، تمتلك القدرة على إعادة إنتاج وتجديد خلايا الشعيرات الحساسة. وقال الدكتور جنغيوان جانغ، الباحث في قسم البيولوجيا في الجامعة، المشارك في الدراسة: «من المضحك أن الحيوانات اللبونة تختلف عن عدد من الحيوانات الأخرى في عدم قدرتها على تجديد القوقعة».
وأجريت الدراسة في مختبر الدكتورة باتريشا وايت، الأستاذة المساعدة في المركز الطبي في الجامعة، التي كانت قد عثرت عام 2012 على سلالة من المستقبلات، تسمى «عامل نمو البشرة»، التي تلعب دورها في تنشيط الخلايا الداعمة في جهاز السمع لدى الطيور. وعندما يتم تنشيط هذا العامل، تتكاثر تلك الخلايا، وتعمل على توليد الخلايا الحساسة لشعيرات الأذن.
وتكهنت وايت بأن هذه الوسيلة يمكن أن توظف في احتمالات الوصول إلى النتائج نفسها في الحيوانات اللبونة، وقالت: «لدى الفئران تكون مستقبلات (عامل نمو البشرة) في القوقعة عاملة طيلة حياتها».
وشارك في الدراسة باحثون من مستشفى الأذن والعين في ماساتشوستس، التابعة لكلية هارفارد للطب، حيث جرى اختبار النظرية القائلة إن إشارات مستقبلات «عامل نمو البشرة» يمكنها أن تلعب دوراً في تجديد القوقعة لدى الحيوانات اللبونة.
وركز الباحثون على نوع معين من المستقبلات يوجد في الخلايا الداعمة في القوقعة، ووجدوا أن تنشيط هذه المستقبلات أدى إلى سلسلة مترابطة من العمليات، تكاثرت فيها الخلايا الداعمة، إضافة إلى تنشيط خلايا جذعية مجاورة أيضاً تحولت إلى خلايا للشعيرات الحساسة. كما لاحظ الباحثون أن عملية التنشيط لم تقد إلى تجديد الشعيرات الحساسة فحسب، بل أدت أيضاً إلى تكامل تلك الشعيرات مع الخلايا العصبية.

- انتهاء عصر الصمم
من جهة أخرى، تقول الباحثة الأميركية جاين ر. ماديل إن عالم الصوت أصبح حقيقة للأطفال الصمّ. وتريد ماديل، المستشارة المتخصصة بمشكلات السمع لدى الأطفال الاختصاصية في علم النطق واللغة في جامعة بروكلين، أن يعلم جميع الآباء والأمهات الذين أنجبوا طفلاً يعاني من مشكلات في السمع أن تعلم الإصغاء والكلام بات متاحاً للأطفال الذين يعانون من خسارة حادة في السمع.
وقالت ماديل، في حديث لوسائل الإعلام الأميركية، إن الأطفال الذين يتم تشخصيهم كصم عند الولادة، ويتجهزون بالتقنيات المطلوبة خلال الأسابيع الأولى بعد ولادتهم، يتفاعلون بشكل ممتاز مع الآخرين إلى درجة أن الناس لا يلاحظون ذلك».
وتشير الاختصاصية في علم النطق واللغة إلى أن الاستعانة بالأجهزة السمعية الملائمة، وتقديم التدريب السمعي المطلوب للأطفال، ومن يعتنون بهم خلال سنوات ما قبل المدرسة، يتيح لهؤلاء، وحتى لمن ولد مع صمم تام منهم، أن «يتعلّم مع أقرانه عندما يصل إلى مرحلة المدرسة»، وتضيف: «85 في المائة من هؤلاء الأطفال ينجحون في الاختلاط الطبيعي، وعلى الآباء والأمهات أن يعلموا أنّ السمع واللغة المنطوقة ممكنان لأولادهم».
وفي إطار عزمها على إيصال هذه الرسالة إلى جميع من علموا بأن أولادهم يفتقرون إلى حاسة سمع طبيعية، أنتجت ماديل وزميلتها آيرين تايلور برودسكي فيلماً وثائقياً بعنوان «مشروع السمع» لعرض المساعدة المهمة المتوافرة عبر تقنيات السمع المساعدة المتطورة وبرامج التدريب السمعي.
ويضم «أبطال» الفيلم، الذين كبر غالبهم مع الصمم أو مع مشكلات حادة في السمع، الدكتورة إليزابيث بوناغورا (طبيبة نسائية وتوليد وجراحة)، وجايك سبينويتز (موسيقي)، وجوانا ليبرت (مساعدة اجتماعية في المجال الطبي)، وإيمي بوليك (طبيبة نفسية).
وقد بدأ هؤلاء جميعهم رحلتهم مع تقنيات المساعدة في السمع التي ساعدتهم على التعلم والكلام وفهم اللغة المنطوقة، ولكنهم جميعاً اليوم خضعوا لعمليات زراعة القوقعة، التي على حدّ تعبير ليبرت «حققت ثورة حقيقية في عالمها» عندما كانت في سنّ الحادية عشر، فكانت أول فتاة تخضع لعملية زراعة قوقعة قبل مرحلة المراهقة في المركز الطبي التابع لجامعة نيويورك.
أما بوليك، المصابة بالصمم منذ الولادة، فتقول: «كلما تم إجراء عملية زراعة القوقعة مبكراً، كانت نسبة نجاحها أكبر، لأن الإنسان يستطيع أن يطور مهارات سمعية أفضل، كلما حصل الدماغ على التدخلات السمعية في سن مبكرة».

- زراعة القوقعة
تتجاهل عملية زراعة القوقعة الخلايا الشعرية التي تعطلت في الجهاز السمعي، وتنقل الصوت مباشرة إلى العصب السمعي، حتى يتمكن الدماغ من معالجته.
ويمكن زراعة هذه القوقعة لدى الأطفال قبل أن يصلوا إلى سن المشي. وبحسب المعهد الوطني للصمم واضطرابات التواصل الأخرى، فإن الأطفال الذين يعانون من فقدان تام للسمع، ويخضعون لعملية زراعة القوقعة قبل سن 18 شهراً، يستطيعون تنمية مهارات لغوية مماثلة لتلك التي تنمو لدى الأطفال الذين لا يعانون من مشكلات في السمع.
ولكن كثيرين لا يزالون يقاومون هذه التقنيات، ويصرون على أن الصغار الذين يعانون من فقدان السمع يجب أن يتعلموا لغة الإشارات فقط، ويرفضون فكرة أن الصمم يجب أن يعالج. ولكن، كما تشير ماديل، فإن 0.1 في المائة فقط من سكان العالم يعرفون لغة الإشارات، و95 في المائة من الأطفال الصم يولدون لآباء وأمهات يسمعون، ويتوجب عليهم بعدها أن يمضوا وقتاً طويلاً في تعلم لغة الصم والبكم، خلال الفترة التي يتعلم فيها الأطفال عادة مهارة الكلام.
وقد وضعت الجمعية الأميركية لطب الأطفال ما يعرف بالمبادئ التوجيهية «1 - 3 - 6»، التي تنصّ على وجوب إخضاع الطفل لفحص السمع في شهره الأول، وضرورة ألا يتأخر تشخيص فقدان السمع عن الشهر الثالث، وألا يبدأ التدخل العلاجي المبكر بعد الشهر السادس. ولكن حالياً 67 في المائة فقط من الأطفال الذين يعانون من الصمم التام يتلقون التدخل المطلوب في سن 6 أشهر.


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر نظامك الغذائي على نوبات الصداع النصفي؟

صحتك الصداع النصفي هو اضطراب عصبي شائع يتميز بنوبات متكررة من الصداع الشديد (جامعة كاليفورنيا)

كيف يؤثر نظامك الغذائي على نوبات الصداع النصفي؟

يربط بعض الأشخاص بين الطعام والصداع النصفي بسبب أن الغثيان يُعد من الأعراض الشائعة له، وكذلك يعتقدون أن هناك أطعمة تسبب الصداع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من الضروري الحفاظ على عاداتنا الصحية بعد بدء التوقيت الصيفي (جامعة نورث كارولاينا)

كيف يؤثر التوقيت الصيفي على نومك وصحتك ونظامك الغذائي؟

تطبق العديد من الدول التوقيتَ الصيفيَّ من أجل توفير الطاقة وزيادة العمل في فترة النهار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)

مُحلٍّ شائع يزيد الوزن عن طريق تعزيز الشعور بالجوع

مع كثرة الأطعمة والمشروبات التي تُسوّق لمن يحاولون إنقاص وزنهم، يتساءل العلماء عن مدى فعاليتها في إشباع الشهية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فيتامين «B 12»... سبع علامات تدل على نقصه وطرق العلاج

فيتامين «B 12»... سبع علامات تدل على نقصه وطرق العلاج

التعب وضعف العضلات. فقدان الذاكرة والارتباك. وخز وإبر. أعراض نقص فيتامين «B 12» غامضة وواسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما هي الفوائد الصحية للكولاجين لدى النساء؟

الكولاجين «منقذ حياة النساء»... كيف تحافظين على إنتاجه مع التقدم بالسن؟

«إنه يُضفي على بشرتنا مظهراً ممتلئاً، ويُقوي أظافرنا، ويُضفي لمعاناً إضافياً على شعرنا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مُحلٍّ شائع يزيد الوزن عن طريق تعزيز الشعور بالجوع

السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
TT
20

مُحلٍّ شائع يزيد الوزن عن طريق تعزيز الشعور بالجوع

السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)

يعاني واحد على الأقل من كل خمسة بالغين (20 في المائة) في الولايات المتحدة من السمنة. ومع كثرة الأطعمة والمشروبات التي تُسوّق لمن يحاولون إنقاص وزنهم، يتساءل العلماء عن مدى فعاليتها في إشباع الشهية، وفقاً لموقع «ميديكال نيوز توداي».

تشمل بعض المُحليات غير المُشبعة بالسعرات الحرارية السكرالوز (سبليندا)، والأسبارتام (إيكوال)، والسكرين (سويت إن لو). ورغم أن الناس يستخدمونها غالباً لتقليل السعرات الحرارية، فإن لها آثاراً صحية محتملة.

أجرى باحثون من معهد أبحاث السكري والسمنة بجامعة جنوب كاليفورنيا دراسةً باستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد تدفق الدم في الدماغ في منطقة ما تحت المهاد بعد تناول السكرالوز أو السكروز أو الماء.

يشير ارتفاع تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد إلى زيادة إشارات الجوع في الدماغ.

تظهر نتائج الدراسة إلى أن السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية، مما قد يزيد الشهية ويؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام مقارنةً بالسكروز والماء.

كيف يؤثر السكرالوز على تدفق الدم إلى الدماغ؟

السكرالوز مُحلٍّ صناعي، ووفقاً للأبحاث الحالية، يتمتع «بقوة حلاوة أعلى بنحو 385 إلى 650 ضعفاً من السكروز (سكر المائدة) من حيث الوزن».

درس الباحثون تأثير السكرالوز على مجموعة من 75 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً من ثلاث فئات وزنية مختلفة: سليم، وزائد الوزن، وبدين.

حضر كل مشارك ثلاث جلسات، تناول فيها إما مشروباً مُحلى بالسكرالوز، أو مشروباً مُحلى بالسكروز، أو ماءً. استخدم الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس تدفق الدم إلى الدماغ في منطقة ما تحت المهاد.

تلعب منطقة ما تحت المهاد أدواراً عديدة، بما في ذلك تنظيم درجة حرارة الجسم وإفراز الهرمونات، بالإضافة إلى الشعور بالجوع.

قبل تناول المشروب، خضع المشاركون لفحص أساسي بالرنين المغناطيسي، وقدموا تقييمهم لشعورهم بالجوع. بعد الانتهاء من تناول المشروب، جمع الباحثون المزيد من البيانات بعد 10 دقائق، و35 دقيقة، و120 دقيقة.

بعد انتهاء جميع الجلسات، قارن الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي وتقارير المشاركين لتحديد كيفية تأثير السكرالوز على إشارات الدماغ.

كيف يُحفّز السكرالوز الشعور بالجوع؟

وجد الباحثون أن السكرالوز، بشكل عام، لم يُحسّن تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد مقارنةً بالماء فحسب، بل زاده أيضاً مقارنةً بالسكروز.

يشير هذا إلى استجابة دماغية أقوى مرتبطة بالجوع، مما قد يؤدي إلى تحفيز الشهية بدلاً من كبتّها.

في حين أن هذه النتيجة كانت تنطبق على المجموعة ككل، لكن عند تحليل الاستجابات بين فئات الوزن والجنس، تتفاوت النتائج قليلاً.

أظهر الأشخاص ذوو الأوزان الصحية زيادة أكبر في نشاط منطقة ما تحت المهاد بعد تناول السكرالوز مقارنةً بالسكروز.

لم يُظهر الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن اختلافات كبيرة في تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد استجابةً لأي مشروب.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة، ازداد نشاط الدماغ المرتبط بالجوع بعد شرب السكرالوز مقارنةً بالماء، ولكن ليس مقارنةً بالسكر العادي.

في حين أن استخدام السكرالوز لم يؤثر بشكل ملحوظ على استجابات الجوع لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، تشير النتائج إلى أنه قد يؤثر بشكل كبير على نسبة كبيرة من الناس بشكل عام.

كما أظهرت الإناث استجابة أقوى للسكرالوز مقارنةً بالسكروز والماء. يعتقد الباحثون أن هذا يدعم فكرة أن استجابة دماغ النساء لإشارات الطعام قد تكون أقوى.

كما أشار الباحثون إلى أن تحليلهم أظهر أنه مقارنةً بسكر المائدة، فإن السكرالوز «زاد بشكل ملحوظ من الاقتران بين منطقة ما تحت المهاد والقشرة الحزامية الأمامية». وهذا مهم لأن هذه المنطقة من الدماغ تؤثر على معالجة المكافأة وقد تزيد من الرغبة الشديدة في الطعام.