«لنا أحلامنا الكبرى» طموحات اللاجئين على أجندة الأرض

تأتي ضمن برنامج «صبا» لبناء قدرات مسرحية للشباب

تمرينات مكثفة لعرض مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى» في 18 و19 من الشهر الحالي
تمرينات مكثفة لعرض مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى» في 18 و19 من الشهر الحالي
TT

«لنا أحلامنا الكبرى» طموحات اللاجئين على أجندة الأرض

تمرينات مكثفة لعرض مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى» في 18 و19 من الشهر الحالي
تمرينات مكثفة لعرض مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى» في 18 و19 من الشهر الحالي

«لنا أحلامنا الكبرى» هو عنوان عرض مسرحي تقدمه مجموعة من الشباب الفلسطيني والسوري المقيم في مخيمات لبنانية. يأتي هذا العرض الذي تشرف على أداء ممثليه فرقة منوال المسرحية، ضمن الدورة الثانية لمشروع «صلات روابط من خلال الفنون». ويتوجه إلى الشّباب والشّابات من اللاجئين في مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة فيها ومخيم «البص» في صور. ويُعد ثمرة برنامج «صبا» الذي يهدف لبناء قدرات مسرحية للفئات الشبابية الذين يمضون ثلاثة أشهر من التحضيرات والتّمرينات لتقديمه. ويتميز عرض النسخة الثانية من المشروع المذكور بتوجهه إلى شباب تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، فيما اقتصر العرض المسرحي الأول «دارة دوارة» على مَن هم بأعمار أصغر (14 و18 سنة). وتتشارك المجموعة المختارة في تقديم هذه المسرحية (المؤلفة من نحو 12 شاباً وشابة) في رواية حكايات عن اللجوء وفوضى الشّتات بين سراب الوجود واللاوجود من فلسطين إلى سوريا وصولاً إلى المخيمات في لبنان، فيوظفون تجربتهم تلك لتحقيق حلمهم ببناء «أرض» تتشكل ملامحها من ذاكرة وواقع مرعب يثورون عليه ويغلبهم، لأنّهم لم يستطيعوا بعد الوصول إلى برّ السلام.
وكانت مجموعة من هؤلاء الشّباب والشّابات قد لبّت نداء فرقة «منوال» التي دعت مَن يرغب منهم في تطوير مهاراتهم المسرحية عبر وسائل التّواصل الاجتماعي.
«كانت أعدادهم كبيرة إلا أن ظروف بعضهم وعدم التزام البعض الآخر منهم بالتّمرينات والتحضيرات لهذا العمل اختصر عددهم ليصبح 12 شخصاً». تقول رؤى بزيع مديرة برنامج «صبا» المنظِّم لهذا العمل. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هو بمثابة إنجاز استطعنا أن نحققه في ظرف أشهر ثلاثة تعرَّفنا خلالها على أفكار وأحلام هؤلاء الشباب التي فرّغوها في وقوفهم على خشبة مسرح».
مشاهد حوارية وأخرى تتضمن العزف والغناء تتألف منها مشاهد مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى»، التي ستعرض في 18 و19 الحالي في مؤسسة «عودة» في صيدا، ومن ثم في دار «النمر الثقافي»، في بيروت.
«سندفع بالجمهور في صيدا للتّفاعل مع الفنانين الـ12 من موقع إلى آخر بدءاً من مدخل مؤسسة (عودة)، حيث يتجمعون، مروراً بتفرعات له ستكون بمثابة محطات لمشاهد حوارية وغنائية. فهو نوع من أنواع المسرح المعاصر نهدف منه معايشة واقع الشتات الذي يعيشه هؤلاء. فيتنقل الناس مع الممثلين الآتيين من خلفيات مختلفة من مكان إلى آخر، ليعيشوا مرحلة اختبار حقيقية بحثا عن إيجاد (الأرض) التي تشكل الحلم الأساسي للشباب». لماذا الأرض وليس الوطن؟ توضح بزيع: «لأنّ الأرض واحدة وتتسع للجميع بكل بساطة فيما أنّ الوطن محدود المساحة والهوية معاً».
يوقع إخراج هذه المسرحية جاد حكواتي، ويشارك فيها الشباب أنس علي وبلال قاسم ورشا مرعي ورنا موسى وطلال الدادو وعبد الغني محمد عبد الغني وغيرهم.
ويشير المخرج إلى أنه اكتشف من خلال احتكاكه المباشر مع الشّباب كمية الانفتاح التي يتمتعون بها للانخراط في مجتمعات أخرى. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لديهم طاقات ونشاطات واهتمامات كثيرة عملنا على تعزيزها من خلال هذا البرنامج. فلقد استفادوا من هذه التجربة ليعبروا عن أحلام تراودهم». ويتمحور مشهد رنا موسى حول الحقوق الإنسانية والعدالة من خلال حلمها المتمثل بممارستها المحاماة يوماً ما. وفي مشهد فكاهي يرتكز على عنصر «الحواجز» التي يمر عليها يومياً اللاجئون في كل مرّة خرجوا أو دخلوا إلى بيوتهم في المخيمات، نتابع طبيعة مشاعر وأحاسيس الشباب والشابات في كل مرة شاهدوا أحدها. وبين غناء «الراب» والرقص ضمن لوحات «الدبكة» نتعرف إلى أحلام شريحة أخرى من هؤلاء الشباب الذين يرغبون في العيش بحرية كغيرهم من الناس، لا سيما أنّ بينهم فتيات بطلات في لعبة كرة القدم وفي إلقاء الشعر. «إنّه شباب يحلم ببيت الطفولة وبتبوء مراكز عمل عالية وبتغيير نمط حياتهم». يوضح جاد حكواتي في سياق حديثه ويتابع: «أهمية هذه المسرحية وضعها هؤلاء الشباب على تواصل مباشر مع الناس؛ فهم متعطشون لإيصال أفكارهم وطموحاتهم لأكبر عدد ممكن منهم كونهم يواكبون تطوّر العالم بشكل فعلي».
«عملنا الحقيقي يبدأ بالفعل بعيد عرض هذه المسرحية في صيدا وبيروت، عندها سنتعرّف إلى ردود فعل الناس، وإلى مدى تلقفهم لمواضيع أساسية في حياة اللاجئين. فتتبلور الأفكار في أذهاننا لتصبح أكثر نضجاً ممّا يخولنا تطوير عملنا هذا بشكل أفضل»، تختم رؤى بزيع حديثها لـ«الشرق الأوسط».
تكمل فرقة «منوال» أعمالها في هذا المحترف من خلال مساعدات تتلقاها من قبل مؤسسة القطان وصندوق الأمير كلاوس، وهي تعمل على مشاريع جديدة من شأنها أن تصبّ في نطاق انخراط هؤلاء الشباب في مجتمع يصغي إلى همومهم وأحلامهم.


مقالات ذات صلة

اشتراطات مصرية جديدة لدخول السوريين

العالم العربي لاجئون سوريون ومن جنسيات أفريقية أخرى يقيمون في مصر (مفوضية اللاجئين بالقاهرة)

اشتراطات مصرية جديدة لدخول السوريين

فرضت السلطات المصرية «اشتراطات جديدة» على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب تأشيرة الدخول.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا النقيب إبراهيم تراوري القائد العسكري الحالي في بوركينا فاسو (متداولة)

استراتيجية الأمن في تجنيد ميليشيات رخيصة تتحول إلى كارثة في أفريقيا

دفع تسليح المدنيين الذين يفتقرون إلى التدريب الجيد ولا يحترمون حقوق الإنسان، القوات المسلحة في بوركينا فاسو ودول أفريقية أخرى إلى حافة حرب أهلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

أكّد المستشار الألماني، الجمعة، أن اللاجئين السوريين «المندمجين» في ألمانيا «مرحَّب بهم»، في حين يطالب المحافظون واليمين المتطرف بإعادتهم إلى بلدهم.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)

فلسطينيو «اليرموك» يشاركون السوريين فرحة «إسقاط الديكتاتورية»

انتصار الثورة السورية والإطاحة بنظام بشار الأسد أعادا لمخيم اليرموك رمزيته وخصوصيته

«الشرق الأوسط» (دمشق)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».