وايومنغ... ولاية المساواة والأكثر ثراءً في أميركا

فيها تُرسم السياسات المالية الدولية وتجري أهم صراعات الروديو

بحيرة ماري في الشتاء
بحيرة ماري في الشتاء
TT

وايومنغ... ولاية المساواة والأكثر ثراءً في أميركا

بحيرة ماري في الشتاء
بحيرة ماري في الشتاء

الزيارة إلى ولاية وايومنغ الأميركية هي عبور زمني نحو الماضي؛ فهي من الولايات القليلة التي حافظت على طبيعتها التاريخية منذ زمن الهنود الحمر. وهي الأقل تعداداً بين الولايات الأميركية، وفي إحدى مقاطعاتها، «تيتون كاونتي»، يسكن أغنى أثرياء أميركا بقياس الدخل الفردي، على رغم الاعتقاد الشائع بأن حي مانهاتن في نيويورك هو الأكثر ثراءً. ولا تفرض وايومنغ أي ضرائب على مواطنيها باستثناء ضريبة مبيعات نسبتها 4 في المائة.
ويتمتع الزائر إليها بطبيعة جبلية خلابة تنتمي إلى الغرب الأميركي يمكن تفقد جمالها بسيارة رباعية وقضاء عطلة لا تنسى في بقعة لم يكتشفها السياح العرب بعد. ولا يزيد تعداد الولاية التي تبلغ مساحتها 98 ألف ميل مربع على 580 ألف نسمة. وفي مقاطعة تيتون الثرية لا يزيد التعداد على 18 ألف نسمة، بينما لا يزيد على 2500 نسمة في مقاطعة نيوبرارا، أقل المقاطعات تعداداً في الولاية.
وتغطي الجبال ثلثي أراضي الولاية، وهي جزء من سلسلة جبال روكي، بينما يتكون الثلث الأخير من المراعي. وتملك الحكومة الأميركية نصف أراضي وايومنغ، التي تشمل محميتين طبيعيتين، هما «يلو ستون» و«غراند تيتون»، بالإضافة إلى الغابات والأنهار والبحيرات والمواقع التاريخية.
كان يسكن الولاية الكثير من قبائل الهنود الحمر قبل أن يتوالى عليها الاستعمار الإسباني، ثم الأميركي بعد ذلك. وإذا كان الهنود الحمر قد خسروا المواجهة العسكرية في وايومنغ، فقد انتصروا معنوياً بالثقافة السائدة التي من بينها اسم الولاية وأسماء الكثير من المدن والمقاطعات فيها.
وتجذب الولاية السياح الأثرياء والمغامرين من ذوي الاهتمام بالطبيعة وما تُخفيه من تاريخ.
من الزوار التاريخيين، نذكر الألماني جاكوب ازدا الذي اكتشف ممراً بين الجبال إلى المحيط الهادي لتصدير منتجاته إلى العالم. بعد أن نجح تجارياً انتقل إلى نيويورك واشترى معظم أراضي جزيرة مانهاتن وبنى فندق والدورف استوريا الشهير. زائر آخر هو الثري جون روكفيلر الذي اشترى مساحات شاسعة من الأراضي في الولاية، وعند وفاته تركها كلها للدولة لتكون «محمية تيتون» الطبيعية.
والآن يجد الأثرياء الأميركيون ملاذاً في وايومنغ من الضرائب ويلجأون في الغالب إلى منطقة تيتون من أجل بناء المزارع والقصور والفلل للإقامة الدائمة أو الموسمية. وسوف يجد السياح في مدينة جاكسون مظاهر هذا الثراء من متاحف وبيوت مزاد وقاعات فنية تحوي لوحات وقطعاً بملايين الدولارات، جنباً إلى جنب محال بيع التحف والهدايا السياحية. وفي مطار المدينة تصطف الطائرات الخاصة على أرض المطار في أكبر تشكيلة من نوعها بين المطارات التجارية الأميركية، لدرجة أن بعضها يصطف على الحشيش الأخضر لعدم وجود مساحات كافية على أرض المطار الخرسانية.
تجذب المنطقة أيضاً هواة صيد الأسماك وإقامة المعسكرات الصيفية. وفي إحصاء جرى عام 2017 كان وادي جاكسون هول في وايومنغ هو الأفضل لإقامة المعسكرات على مستوى 50 ولاية أميركية. وتضع هيئة السياحة في جاكسون هول 20 كاميرا لتصوير مشاهد المدينة عن بعد للسياح المحتملين. ويشاهد هذه الكاميرات نحو ألفي شخص حول العالم في أي وقت من النهار أو الليل. وفي الشتاء يستمر النشاط السياحي في المنطقة حول منتجعات التزلج على الجليد التي تنتشر على المسطحات الجبلية، التي يكسوها الجليد خلال فصل الشتاء. وتنتشر في المنطقة الدببة والوعول وحيوانات الموس وثيران بايسون. ويختار السياح من بين الكثير من المنتجعات في أرجاء جاكسون هول مثل سنو كنغ وغراند تارغي، وكلاهما للتزلج على الجليد، بالإضافة إلى الكثير من الفنادق وبيوت الشباب.
ومع ذلك، لا تستمد وايومنغ ثروتها من السياحة، بل من التعدين ومصادر الطاقة من الفحم والنفط والغاز الطبيعي والرعي والزراعة. وهي ذات مناخ قاري شبه جاف، وتتغير فيها درجات الحرارة بين 31 درجة مئوية خلال شهر يوليو (تموز) و11 تحت الصفر في ليالي شهر يناير (كانون الثاني). وهي من الولايات ذات الميول السياسية الجمهورية المحافظة منذ الستينات.
ويمر بالولاية تسعة أنهار يصب بعضها في المحيط الهادي، وبعضها الآخر في خليج المكسيك، وفي أنهار أكبر منها مثل نهر ميسوري ونهر كولومبيا. وتوجد 32 جزيرة في الولاية تقع في بحيرات، مثل بحيرة جاكسون وبحيرة يلو ستون، في حين تقع بعض البحيرات في مسار نهر غرين ريفر في جنوب غربي الولاية.
وتتكون وايومنغ من 23 مقاطعة، أشهرها مقاطعة لارامي، وتقع فيها عاصمة الولاية وهي مدينة شايين. ومن أكثر المناطق ثراءً مقاطعة تيتون في أقصى غرب الولاية بموازاة ولاية إيداهو.

سياحة الأثرياء
تبدو صناعة السياحة ناشئة في وايومنغ وأشهر مناطقها مقاطعة «تيتون كاونتي» ووادي «جاكسون هول» الذي يقع فيه المطار بالاسم نفسه. ويمكن الطيران إلى جاكسون هول برحلات داخلية من مختلف المدن الأميركية، خصوصاً من شيكاغو ودنفر. ولذلك؛ يحتاج السائح الأجنبي إلى رحلتي طيران للوصول إلى جاكسون هول، أو استخدام شبكة الطرق السريعة التي تربط وايومنغ بالولايات المجاورة.
وتعتبر «تيتون كاونتي» هي أكثر مناطق أميركا ثراءً بالمقارنة إلى عدد السكان، حيث تتفوق بهوامش كبيرة عن مانهاتن وفلوريدا وبوسطن وبالم بيتش. ومن الوجوه المألوفة في «تيتون كاونتي» كل من هاريسون فورد وبراد بيت وكريستي والتون صاحبة محال «وول مارت» وبيل غيتس مؤسس «مايكروسوفت». ويجتمع في مدينة جاكسون هول سنوياً محافظو البنوك المركزية في العالم لرسم السياسات المالية الدولية. لذلك؛ لم يكن غريباً أن تُدشن فيها أحدث وأغلى سيارة رباعية من «رولزرويس» مؤخراً، ولا سيما أنها بمواصفاتها التقنية مناسبة جداً لطبيعية المنطقة، من حيث المناطق الجبلية والقدرات المالية على حد سواء.
الرياضات التي يمكن القيام بها في المنطقة متعددة، وأهمها ركوب الخيل، والطيران بطائرات مروحية صغيرة، والسباحة وصيد الأسماك، وتسلق الجبال، والرحلات النهرية، ومشاهدة الحيوانات البرية. لكن يحتاج التجول في المنطقة إلى استئجار سيارة رباعية، حيث القيادة على طرق شبه خالية وأماكن صف السيارات في مدينة جاكسون متوافرة مجاناً. ويمكن أيضاً الاسترخاء في المنتجعات والتمتع بخدمات سبا والنوادي الصحية. ويصل عدد السياح السنوي إلى وايومنغ إلى نحو ستة ملايين سائح نصفهم يأتي لزيارة محمية يلو ستون التي تعد أول محمية طبيعية في العالم. لكن عوامل الجذب السياحي في وايومنغ تتنوع بين طبيعة الغرب الأميركي وتاريخه المرصع بأساطير الكاوبوي والمشاهد الأسطورية للجبال والوديان التي تمتد لمدى النظر. ويمكن للزائر أن يرى مشاهد مماثلة تماماً لما يشاهده في أفلام الغرب الأميركي إلى درجة تخيل نجوم السينما التاريخيين، مثل جون واين وكلينت ايستوود وهم يجولان في شوارع المدن التقليدية مثل جاكسون هول. وقد تم تصوير أول أفلام جون واين في المدينة في عام 1930 وكان اسمه «ذا بيغ تريل». كما تم تصوير أفلام شهيرة متعددة في المنطقة، منها «الرقص مع الذئاب» و«جانغو» و«بيغ سكاي» و«روكي 4».
الرحلة إلى وايومنغ شاقة وتحتاج إلى رحلتي طيران أو ثلاث رحلات، بالإضافة إلى تعقيدات وروتين الدخول إلى أميركا هذه الأيام، لكنها في النهاية رحلة مجزية وتبقى في الذاكرة مدى الحياة. وهي تهم الباحثين عن كل جديد وهواة الطبيعة الجبلية النقية، وربما أيضاً عشاق الغرب الأميركي بكل ما فيه من أساطير طالما رصعت الشاشات الفضية على مر عقود.

لمحات جانبية:

- انضمت وايومنغ إلى الولايات المتحدة في عام 1890 وكان ترتيبها الولاية الـ44 من مجموع 50 ولاية الآن.
- يمثل الولاية علم عليه ثور تقليدي من نوع بايسون الذي كاد أن ينقرض من كثافة صيده من أجل صناعة الجلود.
- تعتبر رياضة الروديو، وهي ركوب الخيول البرية والثيران، من أشهر رياضات الولاية، وتقام لها مسابقات دورية في الكثير من المدن، كما أصدرت الولاية عملة فضية تذكارية في عام 2007 عليها شعار رياضة الروديو.
وما زال للهنود الحمر محمياتهم التي تُعرف بـ«Reservations». أكبرها هي «ويند ريفر» التي تضم 7500 من الهنود الحمر وتقع في منتصف الولاية، وتأسست بعد معاهدة بين الهنود الحمر والحكومة الفيدرالية في عام 1868. وما زالت قبيلتا شوشون واراباهو تتمتعان بالحكم الذاتي وتسيطران على الأراضي والموارد الطبيعية فيها إلى الوقت الحاضر.
- تشتهر وايومنغ في التاريخ الأميركي بمنح النساء حقوقهن السياسية بداية من التصويت في عام 1869 وحتى منصب المحافظ في عام 1925؛ ولذلك تتمتع الولاية حتى الآن بلقب «ولاية المساواة». لكن وايومنغ كانت أيضاً مسرحاً للكثير من الصراعات ليس فقط مع الهنود الحمر، وإنما أيضاً بين رعاة البقر المتنافسين على المراعي والمياه.


مقالات ذات صلة

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

سفر وسياحة مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
سفر وسياحة الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد متسوقون يتجولون في مركز «دولفين» التجاري خلال «الجمعة السوداء» في ميامي (إ.ب.أ)

المستهلكون الأميركيون ينفقون 11.8 مليار دولار في «البلاك فرايدي»

شهد المستهلكون الأميركيون عطلة تسوق قياسية بعد عيد الشكر؛ حيث سجّل الإنفاق عبر الإنترنت في «الجمعة السوداء» (بلاك فرايدي) رقماً غير مسبوق، دافعاً تجارة التجزئة…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق السويد واحدة من أقل دول أوروبا كثافة سكانية (رويترز)

السويد تشجع السياح على زيارتها بهدف «الشعور بالملل»

تشجع السويد الزوار على السفر إليها بحثاً عن الراحة والهدوء.

«الشرق الأوسط» (ستوكلهوم)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.