الأسواق العالمية تواصل الارتباك مع استمرار المخاطر

دعوات إلى الاستعداد لمزيد من التقلبات وضرورة التحوط

واصلت الأسواق العالمية هبوطها أمس مع استمرار ضغوط تهديدات الاقتصاد العالمي (أ.ب)
واصلت الأسواق العالمية هبوطها أمس مع استمرار ضغوط تهديدات الاقتصاد العالمي (أ.ب)
TT

الأسواق العالمية تواصل الارتباك مع استمرار المخاطر

واصلت الأسواق العالمية هبوطها أمس مع استمرار ضغوط تهديدات الاقتصاد العالمي (أ.ب)
واصلت الأسواق العالمية هبوطها أمس مع استمرار ضغوط تهديدات الاقتصاد العالمي (أ.ب)

فيما واصلت مؤشرات الأسواق الآسيوية رحلة الهبوط التي بدأت بنهاية الأسبوع الماضي، فشلت الأسهم الأوروبية في الانتعاش، أمس، بعد أن شهدت أسوأ أسبوع منذ حركة تصحيح في فبراير (شباط) الماضي، كما فتحت «وول ستريت» على انخفاض، في حين استمرت مجموعة من التهديدات مثل: الحروب التجارية، وارتفاع عائدات السندات الأميركية، والتباطؤ في الصين، والخروج البريطاني، والخلاف بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي بشأن الميزانية، في الضغط على الأسواق.
ويأتي الهبوط المستمر في الأسواق متوازياً مع إطلاق العديد من الخبراء تحذيرات بشأن تزايد المخاطر. ومن جهتها، شددت كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي، على أن صنّاع السياسة النقدية عليهم أن يستعدوا لمزيد من تقلبات السوق وسط مزيد من التشديد النقدي «والمياه الراكدة» في الاقتصاد العالمي.
وقالت لاغارد في تصريحات لوكالة «بلومبيرغ»، مساء الأحد، على هامش انعقاد المؤتمر السنوي للصندوق، إن نصيحتهم للبنوك المركزية والرؤساء الماليين هي استمرار بناء تدابير داعمة لتخفيف المخاطر المقبلة. وأضافت أن «الفترة الحالية هي ليست الوقت الذي يُقال فيه إن كل شيء على ما يرام، ودعونا نسترِح ونَقُم بالقليل من التسامح المالي ونُبطئ الإصلاحات».
وفي الأسبوع الماضي خفض صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الأولى منذ 2016، وذلك للعامين 2018 و2019 عند مستويات 3.7%. وأوضحت لاغارد أن رسالة الخبراء المجتمعين في بالي بإندونيسيا كانت واضحة للغاية، وتتلخص في «تخفيف حدة تصعيد التوترات وفتح وإصلاح الحوار، وذلك في ما يتعلق بتصعيد النزاع التجاري».
أما في ما يتعلق بقدرة المسؤولين على التعامل مع الأزمات المالية المقبلة، فأوضحت لاغارد أنه حتى الآن لا تزال هناك مساحة سياسية محدودة، لكن النظام المصرفي أقوى مع تحسن الإشراف واللوائح وانخفاض القروض المتعثرة... كما ذكرت أن معدلات الفائدة المرنة تلعب دوراً جيداً للغاية كمصدات للصدمات.
وفي «وول ستريت»، فتحت الأسهم الأميركية منخفضةً، أمس، في أعقاب أكبر تراجع أسبوعي للمؤشرات الثلاثة في ما يزيد على سبعة أشهر. ونزل المؤشر «داو جونز» الصناعي 7.53 نقطة، أو ما يعادل 0.03%، إلى 25332.46 نقطة. وهبط المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بواقع 3.30 نقطة، أو 0.12%، إلى 2763.83 نقطة. ونزل المؤشر «ناسداك» المجمع 23.57 نقطة، أو 0.31%، إلى 7473.33 نقطة.
وبدورها، واصلت الأسهم الأوروبية، أمس، حركتها المرتبكة، وبحلول الساعة 0721 بتوقيت غرينتش، نزل مؤشر أسهم منطقة اليورو 0.03%، ومؤشر الأسهم القيادية في المنطقة 0.01%.
وفي آسيا، أغلق المؤشر «نيكي» للأسهم اليابانية عند أدنى مستوياته في ثمانية أسابيع أمس، مع تضرر شركات صناعة السيارات وغيرها من الشركات العاملة في قطاع الصناعات التحويلية جراء أنباء عن أن واشنطن ستسعى لإدراج بند بخصوص التلاعب في العملة في الاتفاقات التجارية في المستقبل، بما فيها تلك المبرمة مع اليابان.
وهبط المؤشر «نيكي» القياسي 1.8% لينهي الجلسة عند 22271.30 نقطة، مسجلاً أدنى مستوى إغلاق منذ 21 أغسطس (آب). ونزل المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 1.6% إلى 1675.44 نقطة، وهو أقل مستوى له في نحو سبعة أشهر.
وقال موتسومي كاجاوا، كبير الخبراء الاستراتيجيين العالميين لدى «راكوتين سيكيوريتيز»، إن «التعليق الأميركي أصاب السوق بالتوتر الشديد»، وأضاف: «بينما يثير ارتفاع أسعار المواد الخام بالفعل قلق الشركات، فإن ارتفاع الين يمثل خطراً كبيراً أيضاً على شركات صناعة السيارات وغيرها من المصدّرين الذين قد يضطرون إلى خفض توقعاتهم للأرباح».
وفي باقي الأسواق الآسيوية مع نهاية جلسة أمس، تراجع مؤشر «هانغ سينغ» في بورصة هونغ كونغ بنسبة 1.4% ليهبط إلى 25445.1 نقطة. وقاد الخسائر في أسهم هونغ كونغ التراجع الذي خيّم على قطاع التكنولوجيا، حيث هبط سهم «تينست» بنحو 2.5%، وسهم «إيه إيه سي» بأكثر من 4%. وفي بورصة كوريا الجنوبية، تراجع مؤشر «كوسبي» بنحو 0.8% ليسجل 2145.1 نقطة.
وفي الصين، أنهى مؤشر «شنغهاي المركب» جلسته على انخفاض بنحو 1.5% ليسجل 2568.1 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. وبالنسبة إلى مؤشر «سي إس آي 300» فتراجع بنسبة 1.4% إلى 3126.4 نقطة.
ويأتي التراجع في الأسهم الصينية بالتزامن مع بدء تنفيذ قواعد الاحتياطي الالتزامي الجديدة، وهي الخطوة التي أقبل عليها بنك الشعب الصيني، ومن المتوقع أن تسهم في ضخ نحو 750 مليار يوان (108.4 مليار دولار) في النظام المصرفي.
وقرر المركزي الصيني الأسبوع الماضي خفض الاحتياطي الإلزامي للبنوك بمقدار 100 نقطة أساس، ليصبح 15.5% للمصارف التجارية و13.5% للمقرضين الأصغر بدءاً من 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وفي أسواق العملات، سجل الين أعلى مستوى في شهر، وصعد الفرنك السويسري، أمس، مع تنامي التوترات الجيوسياسية ومخاوف المستثمرين إزاء الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى عزوفهم مطلع الأسبوع.
وارتفعت العملة اليابانية بما يصل إلى نصف% إلى 111.69 ين للدولار، وهو أعلى مستوى منذ 18 سبتمبر (أيلول). وصعد الفرنك السويسري مقابل اليورو والدولار لكن المكاسب كانت محدودة.
وارتفع اليورو إلى 1.1571 دولار، في حين استقر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية. ونزل الجنيه الإسترليني 0.2% إلى 1.3121 دولار بعد تحذير من أن محادثات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي ربما وصلت إلى طريق مسدود. وهبط الإسترليني 0.4% مقابل اليورو لتسجل العملة الموحدة 88.190 بنس.
وفي سوق المعادن الثمينة، قفزت أسعار الذهب نحو 1%، أمس، لتسجل أعلى مستوياتها في نحو 12 أسبوعاً، مع بحث المستثمرين عن ملاذ آمن عقب تفاقم المخاوف بشأن أسواق الأسهم العالمية.
وقال بيتر فرتيغ، المحلل لدى «كوانتيتيتيف لأبحاث السلع الأولية»: إن «الذهب يستفيد من رياح مواتية قوية نتيجة النزوح إلى الأمان من الأصول عالية المخاطر... التحركات التالية للذهب ستتوقف على مدى استمرارية هذا البيع».
وفي الساعة 0741 بتوقيت غرينتش كان السعر الفوري للذهب مرتفعاً 0.9% إلى 1228.24 دولار للأوقية (الأونصة). ولامست الأسعار ذروتها للجلسة عند 1229.18 دولار وهو أقوى سعر منذ 26 يوليو (تموز). وزادت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.8% لتسجل 1231.80 دولار للأوقية.
وقال نعيم أسلم، محلل الأسواق في «ثينك ماركتس يو كيه»، لـ«رويترز»: «هناك تغير ضخم في المعنويات عندما يتعلق الأمر بالمعدن الأصفر بسبب دوره كملاذ آمن... نلحظ نزوح الأموال عن أسواق الأسهم لتتجه إلى الذهب»، متابعاً أن «الذهب عند مستواه الحالي جذاب للغاية في ضوء حالة الضبابية التي نعيشها».
وارتفع البلاتين 0.3% في المعاملات الفورية إلى 838.95 دولار بعد أن لامس ذروته منذ 26 يوليو عند 844.50 دولار للأوقية في وقت سابق من الجلسة. وزاد البلاديوم 0.7% إلى 1073.90 دولار. وارتفعت الفضة 1% إلى 14.70 دولار للأوقية.


مقالات ذات صلة

أسواق آسيا تشهد تراجعاً مع ضعف الثقة في سياسة «الفيدرالي»

الاقتصاد شخص يمشي أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» في طوكيو (أ.ب)

أسواق آسيا تشهد تراجعاً مع ضعف الثقة في سياسة «الفيدرالي»

انخفضت الأسهم في الأسواق الآسيوية يوم الجمعة بعد إغلاق الأسواق الأميركية بمناسبة يوم الحداد الوطني على الرئيس الأسبق جيمي كارتر.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )

عائدات السندات اليابانية بأعلى مستوياتها في 14 عاماً

متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

عائدات السندات اليابانية بأعلى مستوياتها في 14 عاماً

متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية القياسية إلى أعلى مستوى لها في نحو 14 عاما يوم الجمعة، مع تزايد احتمالات رفع أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان هذا الشهر.

وزاد عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات 1.5 نقطة أساس إلى 1.195 بالمائة بحلول الساعة 05:33 بتوقيت غرينتش، وهو مستوى لم تشهده الأسواق منذ مايو (أيار) عام 2011.

وقال بنك اليابان في تقرير أصدره يوم الخميس إن زيادات الأجور تتسع في البلاد، ما يشير إلى أن الظروف مواتية لرفع أسعار الفائدة في الأمد القريب. وأكد بنك اليابان مرارا أن الزيادات المستمرة والواسعة النطاق في الأجور تشكل شرطا مسبقا لرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل من 0.25 بالمائة الحالية، وهي الخطوة التي راهن بعض المحللين على أنها قد تأتي في ختام اجتماع السياسة النقدية المقبل في 24 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وقال نوريهيرو ياماغوتشي، كبير خبراء الاقتصاد الياباني في «أوكسفورد إيكونوميكس»: «من المرجح أن ترتفع عائدات سندات الحكومة اليابانية أكثر مع اقتراب موعد اجتماع بنك اليابان. وعلى الرغم من أن المستثمرين ما زالوا في شك بشأن فرص رفع أسعار الفائدة في غضون أسبوعين، فإن تقرير البنك المركزي يوم الخميس يبدو أنه يوفر دليلا إضافيا لإقناع الجميع بإجراء رفع أسعار الفائدة».

وسيراقب ياماغوتشي وغيره من المشاركين في السوق من كثب بحثا عن المزيد من الأدلة عندما يلقي نائب محافظ بنك اليابان ريوزو هيمينو خطابا يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل. وقبل ذلك، سيكون التركيز على أرقام الرواتب الشهرية في الولايات المتحدة للحصول على مؤشرات على وتيرة خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

ودفعت زيادة عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياتها في عدة أشهر في منتصف الأسبوع العوائد اليابانية إلى الارتفاع. وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 20 عاما بواقع نقطة أساس إلى 1.945 بالمائة، في حين ارتفع عائد السندات لأجل 30 عاما التي صدرت حديثا بواقع 0.5 نقطة أساس إلى 2.285 بالمائة. وارتفع عائد السندات لأجل خمس سنوات بواقع نقطة أساس إلى 0.815 بالمائة، في حين استقر عائد السندات لأجل عامين عند 0.64 بالمائة. وانخفضت العقود الآجلة لسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بواقع 0.24 ين إلى 141.07 ين.

وفي سوق الأسهم، هبط المؤشر نيكي الياباني يوم الجمعة للجلسة الثالثة على التوالي متأثرا بتراجع سهم «فاست ريتيلنغ» المالكة للعلامة التجارية «يونيكلو» عقب نتائج أعمال مخيبة للآمال. وساد الحذر قبل صدور تقرير الوظائف الأميركية، إذ كان من المتوقع أن تقدم البيانات مؤشرات قوية عن مسار السياسة النقدية الأميركية.

وانخفض المؤشر نيكي 1.05 بالمائة ليغلق عند 39190.40 نقطة. وفقد المؤشر الرئيسي 2.23 بالمائة في الجلسات الثلاث الماضية و1.77 بالمائة خلال الأسبوع. ومن بين 225 شركة مدرجة على المؤشر، تراجع 183 سهما وصعد 41 بينما لم يطرأ تغير يذكر على سهم واحد فقط.

وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.8 بالمائة. وقدم سهم شركة صناعة معدات الرقائق «أدفانتست» دعما بارتفاعه 5.12 بالمائة.

وساهمت «فاست ريتيلنغ» المالكة للعلامة التجارية «يونيكلو» بالقدر الأكبر في تراجع «نيكي»، إذ هبط سهم الشركة صاحبة القيمة السوقية الأكبر على المؤشر 6.53 بالمائة.

واستقرت العملة اليابانية حول 158.39 مقابل الدولار، بالقرب من أضعف مستوى منذ منتصف يوليو (تموز) الماضي عند 158.55 ين الذي سجلته في وقت سابق من الأسبوع الجاري. ويؤدي تراجع الين إلى زيادة قيمة إيرادات التصدير للعديد من الشركات اليابانية الكبيرة.