موسكو تسعى لـ«منع الاحتكاك» مع واشنطن وتؤكد أن «إس 300» تحت سيطرة دمشق

جددت دعوتها الغرب إلى إبعاد «الخوذ البيض» من سوريا

مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو.
مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو.
TT

موسكو تسعى لـ«منع الاحتكاك» مع واشنطن وتؤكد أن «إس 300» تحت سيطرة دمشق

مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو.
مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو.

أعلنت الخارجية الروسية أنها تعمل على تنشيط قنوات الاتصال مع الأميركيين في سوريا، لتجنب وقوع «احتكاكات» قد تسفر عن حوادث غير مقصودة على المستوى العسكري بين الطرفين. وتزامن الإعلان عن زيارة مرتقبة، قبل حلول نهاية الشهر، لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون إلى روسيا، مع تأكيد موسكو أن إجراءاتها الأخيرة في سوريا، بينها تزويد دمشق أنظمة صاروخية من طراز «إس 300»، تهدف إلى «تعزيز الاستقرار وليست موجهة ضد أي طرف»، ونفي صحة معطيات إسرائيلية رجحت تولي خبراء إيرانيين السيطرة على الصواريخ الروسية.
وأعرب مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو، عن أمل موسكو بعدم تطور الأوضاع في سوريا بشكل قد يفاقم التوتر مع واشنطن. وأشار إلى الأهمية الخاصة التي توليها روسيا لمنع وقوع حوادث غير مقصودة، بين الجيشين الروسي والأميركي في سوريا، مشيراً إلى أن «الآلية الحالية لمنع تطور احتكاكات تعمل بشكل فعال عبر قنوات الاتصال العسكرية، لكن لا توجد ضمانات من حدوث أعطال أو خلل في التنسيق».
وأوضح أن «التنسيق كان جيداً في السنوات الثلاث الماضية»، في إشارة إلى الفترة منذ بدء التدخل الروسي المباشر في سوريا، نهاية سبتمبر (أيلول) عام 2015، لكنه حذر من أن «أي آلية قد تنهار في وقت ما. ومع ذلك، فإننا ننطلق من أن الجيش الأميركي يفكر بعقلانية. ونأمل في تعزيز التنسيق لضمان عدم وقوع حوادث».
وجاء حديث بوريسينكو تعليقاً على التداعيات المحتملة لإرسال «إس - 300» الروسية إلى سوريا، والتحذيرات الأميركية من أن هذه الخطوة تفاقم من التوتر، وقد تسبب تدهوراً جديداً، خصوصاً على خلفية التهديدات الإسرائيلية بضرب منصات الصواريخ في حال استخدمت ضد الطيران الإسرائيلي.
وأكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أول من أمس، على ثقة موسكو بأن تسليم الصواريخ إلى دمشق «يساعد على تخفيف حدة التوتر وتعزيز الاستقرار في سوريا»، وقالت إن الخطوة ليست موجهة ضد أي طرف.

- بولتون إلى موسكو
وينتظر أن يكون هذا الملف، بين المسائل المطروحة للنقاش خلال زيارة مرتقبة لبولتون إلى موسكو، يلتقي خلالها سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف. ولم تستبعد زاخاروفا أن يجري بولتون خلال زيارته جولة محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وعلى الرغم من أن الحوار سوف يتطرق، وفقاً لمصادر الخارجية الروسية، إلى طيف واسع من ملفات العلاقة الثنائية، خصوصاً المسائل المتعلقة بالأمن الاستراتيجي على خلفية تصاعد السجالات حول مصير معاهدات تقليص الأسلحة الموقعة بين الجانبين، فإن الملف السوري بكل جوانبه سيكون واحداً من القضايا الرئيسية المطروحة على طاولة البحث، خصوصاً أن قناة بولتون - باتروشيف غدت قناة الاتصال الوحيدة التي اتفق الجانبان على تحويلها إلى أداة اتصال دائمة للحوار بين البيت الأبيض والكرملين.

- لا إشراف إيرانياً على الصواريخ
في غضون ذلك، نفى عضو المجلس العام لوزارة الدفاع الروسية، إيغور كوروتشينكو، صحة معطيات تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، أشارت إلى أن أنظمة «إس 300» ستكون تحت إشراف خبراء عسكريين إيرانيين في سوريا. ووصف المسؤول العسكري المعطيات بأنها «جزء من الحرب الإعلامية لتشويه المواقف الروسية، ولا أساس لها».
وجدد التأكيد على أن الأنظمة الصاروخية سوف تكون تحت إشراف مباشر من جانب طواقم عسكرية سورية، يتم حالياً تدريبها على تشغيل الأنظمة القتالية ونظم التحكم والتوجيه لهذه المنظومة.
وحذر كورتشينكو من أنه «إذا رغبت إسرائيل والولايات المتحدة بالإفادة من هذا الافتراء من أجل توجيه ضربات لمواقع (إس - 300)، فإن هذا يمكن أن يثير أزمة عسكرية حادة مماثلة لتلك التي حدثت في منطقة بحر الكاريبي، مع جميع النتائج المترتبة على المبادرين بالاستفزاز».

- «الخوذ البيضاء»
على صعيد آخر، دعت روسيا، الدول الغربية، إلى «إبعاد عناصر منظمة (الخوذ البيض) من إدلب وسائر الأراضي السورية، لأنهم يمثلون مصدر تهديد لسوريا»، وفقاً لوصف مندوب روسيا في مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة مغلقة دعت إليها موسكو الخميس، وأكد خلالها أن «الإرهابيين يجب أن يغادروا. وجودهم في المجتمع ليست فكرة جيدة».
ونقل دبلوماسي عن ممثل روسيا قوله: «أخرجوهم من المناطق التي يوجدون فيها، خصوصاً من إدلب». ووفقاً لمصادر دبلوماسية عدة، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ردت برفض الدعوة الروسية.
ووصف المندوب الأميركي، الاتهامات الروسية، بأنها «فاضحة وخاطئة». وأكد أن «الخوذ البيض» جزء من منظمات إنسانية، وأن «روسيا تواصل نشر معلومات خاطئة» عنهم.
كما وصف ممثل بريطانيا الاتهامات الروسية لـ«الخوذ البيضاء» بأنها «تلميحات سخيفة»، في حين اعتبرها ممثل فرنسا «تضليلاً». وعبّر أعضاء آخرون في مجلس الأمن كذلك عن وجهة نظر مغايرة للموقف الروسي، مشدّدين على ضرورة «حماية العاملين في المجال الإنساني» في سوريا.
وكانت موسكو وجهت اتهامات لناشطي «الخوذ البيض» بأنهم قاموا بفبركة هجمات كيماوية، وأنهم يعملون بتكليف من أجهزة خاصة غربية لتشويه صورة النظام السوري، كما وصفتهم الخارجية الروسية أكثر من مرة بأنهم «يتعاونون مع الإرهابيين».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.