أعلنت الخارجية الروسية أنها تعمل على تنشيط قنوات الاتصال مع الأميركيين في سوريا، لتجنب وقوع «احتكاكات» قد تسفر عن حوادث غير مقصودة على المستوى العسكري بين الطرفين. وتزامن الإعلان عن زيارة مرتقبة، قبل حلول نهاية الشهر، لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون إلى روسيا، مع تأكيد موسكو أن إجراءاتها الأخيرة في سوريا، بينها تزويد دمشق أنظمة صاروخية من طراز «إس 300»، تهدف إلى «تعزيز الاستقرار وليست موجهة ضد أي طرف»، ونفي صحة معطيات إسرائيلية رجحت تولي خبراء إيرانيين السيطرة على الصواريخ الروسية.
وأعرب مدير قسم أميركا الشمالية في الخارجية الروسية غيورغي بوريسينكو، عن أمل موسكو بعدم تطور الأوضاع في سوريا بشكل قد يفاقم التوتر مع واشنطن. وأشار إلى الأهمية الخاصة التي توليها روسيا لمنع وقوع حوادث غير مقصودة، بين الجيشين الروسي والأميركي في سوريا، مشيراً إلى أن «الآلية الحالية لمنع تطور احتكاكات تعمل بشكل فعال عبر قنوات الاتصال العسكرية، لكن لا توجد ضمانات من حدوث أعطال أو خلل في التنسيق».
وأوضح أن «التنسيق كان جيداً في السنوات الثلاث الماضية»، في إشارة إلى الفترة منذ بدء التدخل الروسي المباشر في سوريا، نهاية سبتمبر (أيلول) عام 2015، لكنه حذر من أن «أي آلية قد تنهار في وقت ما. ومع ذلك، فإننا ننطلق من أن الجيش الأميركي يفكر بعقلانية. ونأمل في تعزيز التنسيق لضمان عدم وقوع حوادث».
وجاء حديث بوريسينكو تعليقاً على التداعيات المحتملة لإرسال «إس - 300» الروسية إلى سوريا، والتحذيرات الأميركية من أن هذه الخطوة تفاقم من التوتر، وقد تسبب تدهوراً جديداً، خصوصاً على خلفية التهديدات الإسرائيلية بضرب منصات الصواريخ في حال استخدمت ضد الطيران الإسرائيلي.
وأكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أول من أمس، على ثقة موسكو بأن تسليم الصواريخ إلى دمشق «يساعد على تخفيف حدة التوتر وتعزيز الاستقرار في سوريا»، وقالت إن الخطوة ليست موجهة ضد أي طرف.
- بولتون إلى موسكو
وينتظر أن يكون هذا الملف، بين المسائل المطروحة للنقاش خلال زيارة مرتقبة لبولتون إلى موسكو، يلتقي خلالها سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف. ولم تستبعد زاخاروفا أن يجري بولتون خلال زيارته جولة محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وعلى الرغم من أن الحوار سوف يتطرق، وفقاً لمصادر الخارجية الروسية، إلى طيف واسع من ملفات العلاقة الثنائية، خصوصاً المسائل المتعلقة بالأمن الاستراتيجي على خلفية تصاعد السجالات حول مصير معاهدات تقليص الأسلحة الموقعة بين الجانبين، فإن الملف السوري بكل جوانبه سيكون واحداً من القضايا الرئيسية المطروحة على طاولة البحث، خصوصاً أن قناة بولتون - باتروشيف غدت قناة الاتصال الوحيدة التي اتفق الجانبان على تحويلها إلى أداة اتصال دائمة للحوار بين البيت الأبيض والكرملين.
- لا إشراف إيرانياً على الصواريخ
في غضون ذلك، نفى عضو المجلس العام لوزارة الدفاع الروسية، إيغور كوروتشينكو، صحة معطيات تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، أشارت إلى أن أنظمة «إس 300» ستكون تحت إشراف خبراء عسكريين إيرانيين في سوريا. ووصف المسؤول العسكري المعطيات بأنها «جزء من الحرب الإعلامية لتشويه المواقف الروسية، ولا أساس لها».
وجدد التأكيد على أن الأنظمة الصاروخية سوف تكون تحت إشراف مباشر من جانب طواقم عسكرية سورية، يتم حالياً تدريبها على تشغيل الأنظمة القتالية ونظم التحكم والتوجيه لهذه المنظومة.
وحذر كورتشينكو من أنه «إذا رغبت إسرائيل والولايات المتحدة بالإفادة من هذا الافتراء من أجل توجيه ضربات لمواقع (إس - 300)، فإن هذا يمكن أن يثير أزمة عسكرية حادة مماثلة لتلك التي حدثت في منطقة بحر الكاريبي، مع جميع النتائج المترتبة على المبادرين بالاستفزاز».
- «الخوذ البيضاء»
على صعيد آخر، دعت روسيا، الدول الغربية، إلى «إبعاد عناصر منظمة (الخوذ البيض) من إدلب وسائر الأراضي السورية، لأنهم يمثلون مصدر تهديد لسوريا»، وفقاً لوصف مندوب روسيا في مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة مغلقة دعت إليها موسكو الخميس، وأكد خلالها أن «الإرهابيين يجب أن يغادروا. وجودهم في المجتمع ليست فكرة جيدة».
ونقل دبلوماسي عن ممثل روسيا قوله: «أخرجوهم من المناطق التي يوجدون فيها، خصوصاً من إدلب». ووفقاً لمصادر دبلوماسية عدة، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ردت برفض الدعوة الروسية.
ووصف المندوب الأميركي، الاتهامات الروسية، بأنها «فاضحة وخاطئة». وأكد أن «الخوذ البيض» جزء من منظمات إنسانية، وأن «روسيا تواصل نشر معلومات خاطئة» عنهم.
كما وصف ممثل بريطانيا الاتهامات الروسية لـ«الخوذ البيضاء» بأنها «تلميحات سخيفة»، في حين اعتبرها ممثل فرنسا «تضليلاً». وعبّر أعضاء آخرون في مجلس الأمن كذلك عن وجهة نظر مغايرة للموقف الروسي، مشدّدين على ضرورة «حماية العاملين في المجال الإنساني» في سوريا.
وكانت موسكو وجهت اتهامات لناشطي «الخوذ البيض» بأنهم قاموا بفبركة هجمات كيماوية، وأنهم يعملون بتكليف من أجهزة خاصة غربية لتشويه صورة النظام السوري، كما وصفتهم الخارجية الروسية أكثر من مرة بأنهم «يتعاونون مع الإرهابيين».