تيريزا ماي مهددة بالسقوط على حدود آيرلندا

تواجه مخاطر استقالات من فريقها... و«لحظة الحقيقة» في قمة بروكسل

رقصة ماي الأخيرة؟... خلال اعتلائها المنصة في مؤتمر حزبها السنوي (إ.ب.أ)
رقصة ماي الأخيرة؟... خلال اعتلائها المنصة في مؤتمر حزبها السنوي (إ.ب.أ)
TT

تيريزا ماي مهددة بالسقوط على حدود آيرلندا

رقصة ماي الأخيرة؟... خلال اعتلائها المنصة في مؤتمر حزبها السنوي (إ.ب.أ)
رقصة ماي الأخيرة؟... خلال اعتلائها المنصة في مؤتمر حزبها السنوي (إ.ب.أ)

رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي في وضع لا يحسد عليه، إذ تواجه ضغوطا داخلية من أعضاء حكومتها الذين يهددونها بالاستقالة، ومن الحزب الديمقراطي الوحدوي في شمال آيرلندا، الذي له عشرة نواب في البرلمان يعطونها الأغلبية الكافية للبقاء في الحكم. كما تزداد عليها الضغوط من الاتحاد الأوروبي نفسه الذي يطالبها دائما بتنازلات خصوصا في قضية الحدود المقترحة بين آيرلندا الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، وجمهورية آيرلندا التي هي عضو في الاتحاد الأوروبي.
قضية الحدود المطروحة لترتيب العلاقات التجارية بين لندن وبروكسل أصبحت القاسم المشترك لكل القوى، بما في ذلك المعارضة العمالية، التي تتخذ منها منطلقا للهجوم على ماي. في الصيف قدم مجموعة من الوزراء استقالاتهم احتجاجا على خطتها، والتي أصبحت معروفة باسم «ورقة تشيكرز»، للخروج من التكتل الأوروبي. وتضمنت الاستقالات اثنين من كبار أعضاء حكومتها ومن أكثر المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهما وزير الخارجية بوريس جونسون ووزير «بريكست» ديفيد ديفز.
وأمس، وبعد 24 ساعة من تهديدات حليفها الحزب الديمقراطي الوحدوي بسحب تأييدهم لماي وإجبارها على مواجهة خطر سحب الثقة ما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة، هدد وزراء آخرون بالاستقالة من حكومتها على خلفية تنازلات تنوي تقديمها إلى الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست، وخصوصا في قضية الحدود التجارية مع آيرلندا الشمالية.
وقالت صحيفة «فاينانشال تايمز» إنه يتردد أن وزيرين متشككين في الاتحاد الأوروبي يفكران في الاستقالة من الحكومة، وإن نوابا برلمانيين عن حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي «غاضبون» أنها بدت مستعدة للموافقة على حل يتضمن «حائط صد»، أو «حاجز خلفي»، لإبقاء بريطانيا «مؤقتا» ضمن اتحاد جمارك مع الاتحاد الأوروبي، لكن ذلك قد يمتد لأجل غير مسمى. كما أعرب الحزب الوحدوي الديمقراطي عن عدم رضاه عن اقتراب ماي من قبول خطة «الحاجز الخلفي» فيما يتعلق بالحدود الآيرلندية، التي قد تتضمن إجراءات تفتيش على بعض السلع القادمة إلى آيرلندا الشمالية من بريطانيا، والذي يعني ضمنا فصل آيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة، وهذا يتناقض مع روح اتفاق السلام، أو ما يسمى باتفاق «الجمعة العظيمة» الذي وقع عام 1999، ويخشى كثيرون من أن العودة إلى الحدود القديمة من شأنه أن يشعل فتيل عقود التوتر بين الجانبين.
واجتمعت ماي مع كبار أعضاء الحكومة في وقت متأخر الخميس بعد أن زاد الحزب الوحدوي الديمقراطي الضغط عليها لتغير خطتها. وأطلعت ماي حكومتها المصغرة على أن التوصل لاتفاق تاريخي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بات وشيكا.
وحددت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أسماء خمسة وزراء كبار، يساورهم القلق إزاء خطة ماي. وبحسب صحف بريطانية قد تستقيل وزيرتان على الأقل على خلفية تنازلات ماي من أجل إبقاء الحدود الآيرلندية مفتوحة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار). وذكرت صحيفة «الديلي تلغراف» أن وزيرة التنمية بيني موردونت ووزيرة التقاعد إستر ماكفيه هددتا بالاستقالة. من جهتها أوردت صحيفة «ذا غارديان» أن رئيسة مجلس العموم أندريا ليدسوم تبدي قلقها إزاء خطة ماي للقبول ببقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي لفترة غير محددة بعد بريكست. وكانت بروكسل تقدمت بالاقتراح كوسيلة لإبقاء الحدود الآيرلندية مفتوحة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري. ويطالب المشككون بالاتحاد الأوروبي بتحديد الفترة التي ستواصل فيها بريطانيا التقيّد بالقواعد الجمركية الأوروبية والتي ستتمكن من بعدها من توقيع اتفاقات تجارية مع شركاء آخرين.
وتطالب بروكسل باتفاق جمركي طويل الأمد في حال فشل المحادثات، وأشارت تقارير إلى أن ماي أبلغت «وزراء حكومتها» بأنها مستعدة للقبول بشروط الاتحاد الأوروبي. ويتمحور احتجاج الحزب الوحدوي الديمقراطي حول طرح منفصل يعتبر أنه يهدد وحدة أراضي المملكة المتحدة. وينص الجزء الثاني من الخطة على بقاء آيرلندا الشمالية في الوحدة الجمركية والسوق الأوروبية المشتركة، ما سيتطلب نوعا من التدقيق في السلع العابرة للمياه الآيرلندية. ويبقي الاتفاق الحدود مفتوحة بين آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وآيرلندا الشمالية، ما يرضي جميع الأطراف.
وأمس دعت النائبة المحافظة أندريا جينكنز إلى انتخاب زعيم جديد للحزب، حال أصرت ماي على خطتها بشأن الانسحاب من التكتل، واصفة ذلك بأنه «خيانة مطلقة» للتصويت على الانسحاب. وتأتي دعوة جينكنز في أعقاب ما تردد من معارضة العديد من أعضاء الحكومة البارزين مساء الخميس، عندما أشارت ماي أمام وزرائها إلى «اتفاق تاريخي وشيك لخروج بريطانيا من التكتل». وقالت جينكنز في تغريدة لها: «إذا واصلت رئيسة الوزراء (ماي) والحكومة الضغط من أجل إبقاء المملكة المتحدة في شراكة الاتحاد الجمركي، عندئذ نحتاج إلى زعيم جديد». ويعقد زعماء الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل الأسبوع المقبل، يتوقع لها أن تمثل لحظة فارقة في إطار مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل الذي يضم 28 دولة. وتأتي القمة قبل نحو ستة أشهر من خروج بريطانيا المقرر من الاتحاد، في مارس (آذار) 2019.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي دونالد توسك الشهر الماضي إن القمة المقبلة ستكون «لحظة الحقيقة» وذلك في أعقاب الانقسامات العميقة التي كُشف عنها النقاب خلال اجتماع رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وزعماء الدول السبع والعشرين الأخرى الأعضاء في التكتل، والتي نجم عنها حالة من الجمود بين لندن وبروكسل. ويجري مسؤولون من بريطانيا والاتحاد الأوروبي جهودا محمومة في الوقت الراهن لمناقشة أكبر قدر من التفاصيل الخاصة بعملية الخروج قبل القمة المقبلة. وقال توسك: «في (قمة) أكتوبر (تشرين الأول)، نتوقع إحراز أقصى تقدم ونتائج بشأن محادثات الخروج»، مضيفا أنه حينها فقط يستطيع الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار حول خطوات إبرام اتفاق في هذا الشأن.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.