رحلة «افتراضية» في الزمان والمكان إلى الموصل وحلب وتدمر ولبدة الكبرى

في معرض استثنائي يقيمه معهد العالم العربي بباريس

صورة ثلاثية الأبعاد لمسجد النوري في الموصل
صورة ثلاثية الأبعاد لمسجد النوري في الموصل
TT

رحلة «افتراضية» في الزمان والمكان إلى الموصل وحلب وتدمر ولبدة الكبرى

صورة ثلاثية الأبعاد لمسجد النوري في الموصل
صورة ثلاثية الأبعاد لمسجد النوري في الموصل

إنه معرض فريد من نوعه ذلك الذي ينطلق، اليوم (الاثنين)، في معهد العالم العربي في باريس وسيدشنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رسمياً في 16 الجاري. إنه معرض من غير لوحات أو تماثيل أو مجسمات أو قطع أثرية. كما أنه ليس معرضاً لفنان أو لبلد بعينه، بل إنه يلغي الحدود ويتجاوز الأزمان. تجربة هي الأولى من نوعها لمعهد العالم العربي. كم هي غنية ومفيدة وكم هي تستفيد من التقدم العلمي والتكنولوجيات الرقمية لتمكّن الزائر من القيام برحلة «افتراضية» عبر الزمان والمكان لتنقلنا إلى المدن المعذبة في منطقتنا التي عانى تراثها التاريخي والإنساني في السنوات الأخيرة من الهدم والتدمير. هي مسجلة على لائحة اليونيسكو لهذا التراث. لكنّ ذلك لا يكفي من أجل إنقاذها والمحافظة عليها للأجيال القادمة.
عنوان المعرض «المدن العتيقة: رحلة افتراضية من تدمر إلى الموصل» ويمكن أن نضيف إليه، حتى يبرز كامل المحتوى «حلب ولبدة الكبرى». المدن الثلاث في سوريا والعراق معروفة، لكن الأخيرة تبقى مجهولة بالنسبة إلى الكثير من الناس رغم أنها تشكل أحد أفضل المواقع الأثرية الرومانية التي انتقلت إلينا شبه كاملة. و«لبدة الكبرى» المعروفة في الغرب بـ««Leptis Magna الواقعة على الشاطئ المتوسطي غرب ليبيا، لم تتعرض للدمار بفعل الحرب أو التخريب والسرقة والتشويه إلا أنها مهددة بفعل الفوضى والعوامل الطبيعية. ولذا، فإن المشرفين على المعرض رأوا ضمها إلى المدن الثلاث، وكلها موجودة على لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني. والمنظمة الدولية شريك في تنظيم المعرض، كما أن «الشرق الأوسط» هي الشريك العربي الإعلامي الوحيد لها.
في كلمته الافتتاحية، كتب جاك لانغ، رئيس المعهد ما يلي: «لقد انصعق العالم بأسره أمام تدمير معالم تدمر، كما أن الحرب قضت على أجزاء كبيرة من الموصل وحلب، ولبدة الكبرى صمدت أطلالها في وجه الفوضى لكنها لا تزال تحت الخطر». ويضيف لانغ: «كيف لنا أن ندرك أهمية هذا التراث العربي؟ كيف لنا أن نوصّل الشعور بعظمة هذه المواقع القديمة في العالم العربي وحيوية حاضراته الكبرى؟ وللرد على هذه التساؤلات، وضع المعهد لنفسه تحدياً غير مسبوق بالمرة يتمثل في تنظيم معرض من غير تحف يتضمن إسقاطات (صور) عملاقة تضع الزائر في قلب هذه المدن، وطموحنا الوصول المباشر به إلى الصروح المعاد تشكيلها على نحو ثلاثي الأبعاد، ما يتيح للزائر التأمل في هذه الأطلال كما كانت عليه في الماضي وكما هي عليه اليوم. وستسمح عملية إعادة إحياء معبد (بعل شمين) في تدمر والجامع الأموي في حلب، بإدراك جمال هذه المواقع وقيمة وهشاشة هذا التراث الذي يتوجب علينا مواصلة تناقله من جيل إلى جيل».
حقيقة الأمر أن أهداف المعرض يمكن أن تكون أبعد من ذلك. فانغماس المشاهد في هذه المواقع بما تحتضنه من غنى تراثي وإنساني وفي ما آلت إليه بسبب الحروب والتخريب سيعمّق الوعي بالحاجة إلى ترميم ما دُمِّر والمحافظة على ما بقي سليماً، وبالتالي سيدفع إلى مبادرات مختلفة تصب كلها في رغبة عارمة برزت في السنوات الأخيرة في إنقاذ معالم التراث الإنساني المهددة والمتضررة.
يقوم المعرض المنبسط على مستويين في المعهد، على تمكين الزائر بفضل التكنولوجيات الرقمية والتعاون مع جهات متخصصة، من القيام برحلة افتراضية تتنقل به ما بين ماضي هذه المواقع الأربعة المزهر وحاضرها الحزين، ومن موقع إلى آخر حيث خُصص لكل منها قاعة تُعرض فيها صور وأفلام على شاشات ضخمة تبيّن ماضي الموقع أو المدينة وحاضرها.
ويترافق ذلك مع توفير معلومات تاريخية تمكّن الزائر من الغوص في قلب حضارات عريقة عرفتها منها الفارسية والإغريقية والرومانية والعربية. ففي ما يخص مدينة الموصل، يركز المعرض على المدينة القديمة ويعرض صوراً متتالية متحركة تبيّن معالمها قبل أن تتمكن منها مخالب «داعش»؛ فهذا مسجد «النوري» وهذه مئذنته الحدباء التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وهذه كنيسة وذاك كنيس، والغرض من كل ذلك إبراز التنوع والغنى الإنساني والثقافي والبشري. الأسى يغمر المشاهد عندما ينظر إلى صور المدينة المهدّمة اليوم وحجم الدمار الذي أصابها من خلال الإسقاطات العملاقة. ثم إن اللجوء إلى التقنية ثلاثية الأبعاد تمكّن للناظر من أن يرى كيف ستكون حال هذه المواقع إذا ما أُعيد ترميمها... وما يصح على الموصل نراه أيضاً بالنسبة إلى حلب، حيث إحدى التقنيات تمكّن الناظر من القيام بجولة داخل سوقها سابقاً وراهناً أو في قلعتها. وكذلك الحال بالنسبة إلى تدمر ولبدة الكبرى.
إنه «الواقع الافتراضي» الذي يُدخل الزائر إلى قلبه بفضل العمل الذي قامت به شركة «يوبي سوفت» بالتعاون مع شركة «إيكونيم» التي سخّرت التكنولوجيا الرقمية في خدمة صون التراث. ويقول رئيس الشركة في هذا الخصوص إن «إيكونيم» تستخدم «الرقمنة» لصون التراث ما يسمح بحمايته في الوقت الحالي وضمان تناقله إلى الأجيال اللاحقة. والنتيجة أن الزائر سيتمكن من التنقل في سوق حلب وفي أقبية ضريح النبي يونس في الموصل وكنيسة الساعة ومسجد النوري ومعبد بعل شمين في تدمر وأخيراً «بازيليكا» لبدة الكبرى في ليبيا.
تقابل الزائر خريطة كبرى في القاعة الأولى للمعرض. وظيفتها «تربوية» بالدرجة الأولى لأنها تبين بنظرة سريعة المواقع المعروضة وأهميتها و«جيواستراتيجيتها». في كل خطوة من خطواته، يستطيع الزائر أن يستفيد من كمٍّ كبير من المعلومات المقدمة بطريقة تفاعلية وسهلة تواكب الصور ومقاطع الأفلام، والكل منتظم بشكل يسهّل للزائر استيعاب ما يراه في رحلة متفردة.
المعرض يدوم لأربعة أشهر من 10 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 10 فبراير (شباط).



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.