بريطانيا تستعد للخروج من الاتحاد باتفاقات ثنائية أوروبية

«رؤية مشتركة» دفاعية مع ألمانيا لكسب برلين إلى جانبها

بريطانيا تستعد للخروج من الاتحاد باتفاقات ثنائية أوروبية
TT

بريطانيا تستعد للخروج من الاتحاد باتفاقات ثنائية أوروبية

بريطانيا تستعد للخروج من الاتحاد باتفاقات ثنائية أوروبية

مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتزايد المخاوف من عدم التوصل إلى اتفاق بين لندن وبروكسل يحدد العلاقة بين الطرفين بعد الخروج، يبدو أن بريطانيا بدأت تسعى إلى عقد اتفاقات ثنائية مع الدول الأوروبية الرئيسية تضمن استمرار التعاون في المستقبل.
وشهدت بلدة ميندن الصغيرة غرب ألمانيا، توقيع اتفاقية دفاعية بعنوان «الرؤية المشتركة» بين وزير الدفاع البريطاني غافين ويليامسون ونظيرته الألمانية أورسولا فون دير لاير. وذكر البيان أن اتفاقية التعاون الجديدة ستعزز التعاون بين البلدين في مجالات دفاعية مختلفة من محاربة الإرهاب إلى بناء القدرات العسكرية.
وعلق ويليامسون بعد التوقيع على الاتفاقية بالقول: «رغم أننا نستعد لمغادرة الاتحاد الأوروبي فإن التزامنا بالأمن الأوروبي ثابت، والاتفاق الجديد يعزز العلاقات البريطانية - الألمانية ويدعم الدفاع بين شريكين أساسيين في حلف شمالي الأطلسي». أما فون دير لاين فوصفت الاتفاقية بأنها «إشارة رمزية مهمة للصداقة الألمانية - البريطانية»، وقالت إن برلين ولندن يسعيان لتعزيز «التعاون الجيد أكثر في المستقبل في مجالات البحرية والقوات الجوية والقدرات الإلكترونية».
ورغم أن الاتفاقية تحمل القليل من المنافع الدفاعية لبريطانيا التي تمتلك أفضل قدرات استخباراتية وعسكرية ضمن دول الاتحاد الأوروبي، فإن لها دلالات سياسية كبيرة. ويرى محللون أن بريطانيا تحاول «كسب» ألمانيا إلى جانبها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي التي تلقى تشددا من قبل فرنسا.
وقبل أن تقدم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي خطة تشيكيرز للخروج من الاتحاد، التقت خلال أسبوع واحد، سبق ولادة الخطة، ثلاث مرات بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وتبدو ألمانيا التي تعد أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، أكثر ليونة في المفاوضات مع بريطانيا من فرنسا.
والاتفاقية الدفاعية التي تم التوقيع عليها، لا شك أنها تمثل أهمية أكبر بالنسبة لبرلين التي ما زال إنفاقها العسكري منخفضا نسبة لدخلها القومي، وجيشها وعتادها بحاجة لتأهيل كبيرين. وقلصت ألمانيا من إنفاقها العسكري بعد الحرب العالمية الثانية وهي تتفادى المشاركة في عمليات قتالية في الخارج، وتشارك عادة في التدريب ومهمات حفظ السلام في مالي وأفغانستان والعراق وليبيا. إنفاق ألمانيا العسكري لا يصل إلى نسبة الـ2 في المائة المطلوبة من دول الحلف وهو لا يتعدى الـ28.1 في المائة. ويتسبب ذلك لألمانيا في انتقادات شديدة من واشنطن، وهي انتقادات تزايدت وخرجت إلى العلن منذ وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وقد دفع ذلك ببرلين إلى إعلان التزامها زيادة إنفاقها العسكري ليصل إلى 2 في المائة بحلول عام ٢٠٢٤. كما أن «الخلافات» المتزايدة مع إدارة ترمب، دفعت أيضا بالأوروبيين إلى التفكير بنظام دفاعي أوروبي، خاصة بين ألمانيا وفرنسا، خارج حلف الناتو. وهي فكرة رغم أن الحديث عنها مستمر منذ عامين، فهي لم تتبلور بعد اتفاقات جدية.
ويشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحديات كثيرة لهذه الجزيرة المرتبطة بعلاقات تعاون دفاعية وثيقة مع أوروبا منذ عقود، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. ويتشارك الطرفان تبادل المعلومات الاستخباراتية وغيرها ويرتبطان عبر أكثر من منظمة مثل اليوروبول التي تتيح استخدام مذكرة التوقيف الأوروبية بين دول الاتحاد. وبحسب دراسة لمؤسسة راند للدراسات العسكرية، فإن «التعاون الدفاعي الدولي لبريطانيا يحصل ضمن أطر ثنائية أو ضمن حلف الناتو، وهذا ما سيبقى عليه الحال بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي».
ومن هنا جاءت مساعي بريطانيا لتعزيز اتفاقاتها الدفاعية الثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي، خاصة ألمانيا، وفرنسا التي تقارب بريطانيا باتفاقها العسكري. وكانت لندن قد وقعت مع باريس اتفاقية تعاون عسكري واسعة عام 2010 عرفت باتفاقية «لانكاستر هاوس»، ووصف الملحق العسكري في السفارة البريطانية في برلين بريغيدير جنرال روبرت رايدر، الاتفاقية مع فرنسا بأنها «علامة فارقة في التعاون العسكري بين البلدين ذهبت إلى أبعد من أي اتفاقية وُقعت في السابق». وكتب حينها عام 2016 بأن بريطانيا تسعى لعقد اتفاقية ثنائية مماثلة مع ألمانيا، مضيفا: «لطالما فضلت ألمانيا المقاربة المتعددة ضمن الناتو والاتحاد الأوروبي، وليس الثنائية. ولكن لطالما كانت بيننا تعاون صامت، لذلك ربما يجب أن يكون هناك استمرارية وحتى تكثيف للعلاقات المميزة بيننا على الصعيد الثنائي».
وفي الواقع، فإن الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في ألمانيا قبل يومين، لم تكن وليدة الأمس. فقد بدأ العمل بعد وقت قصير من تصويت البريطانيين في الاستفتاء الشعبي للخروج من الاتحاد الأوروبي. وفي صيف العام الماضي، نشرت وزارة الدفاع البريطانية بيانا حول التوصل إلى «رؤية مشتركة» مع ألمانيا، وأضافت أن الطرفين يبحثان عن فرصة لتوقيعها رسميا. وفي برلين قالت مصادر رسمية إن التأجيل حصل بسبب الانتخابات، ومن ثم كان انتظار تشكيل الحكومة الذي استغرق 5 أشهر… وقال بيان وزارة الدفاع البريطانية حينها إنه يتم تطوير «خريطة طريق مشتركة لتأطير تعاوننا» الدفاعي. وجاء التوقيع عليها الآن بعد أيام من إعلان بريطانيا أنها ستبقي على جيوشها المتمركزة في ألمانيا إلى ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، رغم أنها ستقلص أعدادهم بشكل كبير. وتقدم بريطانيا دعما للعملية المشتركة مع الناتو وأوروبا من قواعدها في ألمانيا. ولكنها خطوة تدل على حرص لندن على استمرار التعاون الدفاعي بينها وبين برلين والتزامها بأمن ألمانيا، حتى بعد الخروج من التكتل.
وتزداد أهمية الاتفاق أيضا مع تزايد الهجمات الإلكترونية الروسية على دول أوروبية مختلفة. وقد حرص وزير الدفاع البريطاني على التأكيد أن دول الناتو تقف سوية لإدانة هذه الهجمات في اجتماع في بروكسل قبل يومين. وفي الاجتماع نفسه أعلن أن بريطانيا ستسعى إلى تعميق علاقتها الدفاعية مع شركائها للتصدي للهجمات الإلكترونية الروسية.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.