تجارة الحيوانات المهددة بالانقراض تنتعش في مصر

الصقور التي ضبطتها وزارة البيئة مؤخراً (وزارة البيئة المصرية)
الصقور التي ضبطتها وزارة البيئة مؤخراً (وزارة البيئة المصرية)
TT

تجارة الحيوانات المهددة بالانقراض تنتعش في مصر

الصقور التي ضبطتها وزارة البيئة مؤخراً (وزارة البيئة المصرية)
الصقور التي ضبطتها وزارة البيئة مؤخراً (وزارة البيئة المصرية)

لا يكاد يمر أسبوع في مصر، دون إعلان السلطات المعنية بالحفاظ على البيئة، ضبط حيوانات وطيور مهددة بالانقراض، في المدن والأسواق المختلفة، إذ يؤكد خبراء الحياة البرية والطبيعة أن حجم ما يتم ضبطه في الأسواق، والمحلات التجارية، لا يقارن بحجم التجارة الخفية الهائل، بسبب ضعف كل من الرقابة والتشريعات القانونية.
وأخيراً أعلنت وزارة البيئة ضبط شبل أفريقي، وصقور ونسانيس مهددة بالانقراض بمدينة الإسكندرية. كما أعلنت السلطات المصرية كذلك قبل أسبوعين ضبط 3 أسود و20 تمساحاً، كانوا بحوزة مواطنين بمحافظة الإسكندرية. بينما تم إنقاذ 95 صقراً قبل بيعها في الأسواق، بالإضافة إلى مصادرة 5 سباع أفريقية وثعبان كبير، كانوا بحوزة مواطن آخر بنطاق القاهرة الكبرى في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
دينا ذو الفقار، الناشطة في مجال حقوق الحيوان، تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن مربي الحيوانات البرية ينقسمون إلى نوعين: الأول يقتنيها في منزله كنوع من التفاخر، وهؤلاء لا يحصلون على تصاريح رسمية، والنوع الثاني يربيها من أجل تهريبها للخارج أو بيعها للهواة والحدائق الخاصة. ولا تبدو ذو الفقار قلقة من الصنف الأول؛ لأنهم لا يتاجرون فيها، ويوفرون لها حماية خاصة. ووفق الإحصائيات الرسمية، فإنه يوجد في مصر 3 حدائق خاصة، و6 مراكز إكثار للحيوانات المفترسة مرخصة، وهذه الحدائق ومراكز الإكثار حتى تمارس نشاطها حصلت على ترخيص من الهيئة العامة للخدمات البيطرية ومن وزارة الداخلية المصرية، ولكن في مقابل هذه المراكز والحدائق المرخصة توجد مراكز غير مرخصة، تلعب دوراً كبيراً في هذا التجارة غير المشروعة، بمساعدة بعض المخالفين من المراكز المرخصة، كما تؤكد ذو الفقار.
يشار إلى أن المراكز والحدائق المرخصة تستطيع استيراد حيوانات برية للإكثار أو العرض بالنسبة للحدائق، بعد التقدم بطلب إلى إدارة الحياة البرية بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، بوزارة الزراعة، حتى يتم التأكد من وجود شهادة «السايتس»، وهي اتفاقية دولية لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، وبموجبها فإن الدول الموقعة، ومن بينها مصر، تلتزم بأن تحمل الحيوانات والطيور من هذه الفئة، كالأسود والقردة والسباع والصقور، شهادة صادرة من مكتب الاتفاقية عند تداولها تجارياً، ويحق للجهات المعنية مصادرة هذه الحيوانات إذا لم تكن تحمل هذه الشهادة.
ووفقاً لهذه الاتفاقية، فإن أي ولادات جديدة بين فئة هذه الحيوانات في المراكز المخصصة للإكثار والحدائق، لا بد من إبلاغ الهيئة العامة للخدمات البيطرية بها؛ حيث لا يجوز التصرف فيها بالبيع والاتجار، إلا بعد استصدار شهادة من مكتب الاتفاقية، والهدف من كل ذلك هو أن يكون لدى المكتب إحصاء دقيق بعدد هذه الحيوانات، للحيلولة دون خطر انقراضها.
لكن ذو الفقار تؤكد أن «عدد الملتزمين بتلك الاتفاقية قليلون جداً، إذا تمت مقارنتهم بالتجار غير القانونيين الذين يتربحون من بيع الولادات الجديدة من هذه الحيوانات إلى مراكز الإكثار غير المرخصة، التي بدورها تقوم ببيعها للهواة والقرى السياحية والمطاعم، وتجار سوق الجمعة بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، وهؤلاء من تقوم السلطات بضبطهم، أما المتسببون أصلاً في الأزمة، فلا يلتفت لهم أحد».
وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عدة سنوات، ضبطت السلطات الأردنية خمسة أشبال (أسود صغيرة) من بين ستة أشبال كانت مع السيرك القومي المصري الذي كان في عمان لتنفيذ عرض هناك، ولم تكن تحمل شهادة (السايتس)».
وأوضحت: «كما سافرت هذه الأشبال من مصر دون وجود هذه الشهادة، فإن كثيراً من الوقائع الشبيهة تحدث في المطارات دون وجود رقابة دقيقة».
وتعد المطارات وفق تقرير أصدرته منظمة «ترافيك»، المعنية بمقاومة ظاهرة الاتجار في الحيوانات المهددة بالانقراض، هي المسار الرئيسي في التهريب.
وفى شهر يونيو (حزيران) عام 2014، أعلنت الأجهزة الأمنية بمطار القاهرة الدولي إحباط تهريب أسدين صغيرين (شبلين) داخل طرد بحوزة راكب قبل سفره إلى الكويت.
من جهته، يؤكد أحمد الشربيني، رئيس جمعية أصدقاء الحيوان المصرية، على أهمية تشديد العقوبات على المخالفين، واصفاً الجهود الأمنية الأخيرة في ضبط الحيوانات، بأنها رد فعل.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم تستحدث آليات جديدة في منع التهريب، ستظل المواجهة قاصرة على الملاحقة الأمنية فقط، ويجب أن تتضمن العقوبات الحبس الوجوبي مع الغرامة المالية، بالإضافة إلى إغلاق الحدائق ومراكز الإكثار التي يثبت أنها باعت ما لديها من ولادات جديدة».
وتنص المادة 28 من القانون المصري رقم 9 لسنة 2009، على أنه «يحظر بأي طريقة القيام بصيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية، أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة، كلها أو أجزائها أو مشتقاتها، أو القيام بأعمال من شأنها تدمير البيئة الطبيعية لها».
وينص القانون على معاقبة من يرتكب هذه الأفعال بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
بدوره، يرى الدكتور محمد رجائي، رئيس الإدارة العامة لحدائق الحيوان بمصر، أن مراكز الإكثار والحدائق الخاصة ليست مسؤولة وحدها؛ مشيراً إلى أن السيرك الخاص أيضاً الذي يقيمه بعض الأشخاص، توجد به مخالفات.


مقالات ذات صلة

الكركند والسرطانات «تتألم»... ودعوة إلى «طهوها إنسانياً»

يوميات الشرق تشعر فعلاً بالألم (غيتي)

الكركند والسرطانات «تتألم»... ودعوة إلى «طهوها إنسانياً»

دعا علماء إلى اتّباع طرق إنسانية للتعامل مع السرطانات والكركند والمحاريات الأخرى داخل المطبخ، بعدما كشفوا للمرّة الأولى عن أنّ القشريات تشعر فعلاً بالألم.

«الشرق الأوسط» (غوتنبرغ)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.