بوتين يستبعد عملية واسعة في إدلب ويؤكد تنفيذ أنقرة «التزاماتها»

جدد دعوة أوروبا إلى «عدم تسييس» ملف اللاجئين السوريين

مقاتل سوري في ريف حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتل سوري في ريف حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يستبعد عملية واسعة في إدلب ويؤكد تنفيذ أنقرة «التزاماتها»

مقاتل سوري في ريف حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتل سوري في ريف حلب أول من أمس (أ.ف.ب)

استبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب، وأعرب عن ارتياح لسير تنفيذ الاتفاقات مع تركيا، حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس بين المعارضة والقوات الحكومية، مؤكدا أن أنقرة «تقوم بتطبيق التزاماتها الخاصة بتسوية الوضع».
وخلافا للهجة الانتقاد لأداء أنقرة التي ميزت تعليقات بعض وسائل الإعلام وتصريحات مسؤولين في روسيا، جاء حديث بوتين ليؤكد مواصلة العمل لتنفيذ الاتفاقات الثنائية التي تم التوصل إليها، خلال قمة جمعته مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في سوتشي قبل نحو أسبوعين.
وأوضح الرئيس الروسي خلال مؤتمر صحافي جمعه مع مستشار النمسا سيباستيان كورتز في سان بطرسبورغ أول من أمس، الملابسات التي قادت إلى التوصل إلى اتفاق مع تركيا حول إدلب، وأشار إلى أن «الوضع كان معقدا جدا في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بعدما تم نقل مسلحين إليها من كل أنحاء سوريا تقريبا، واحتشد هناك للأسف عدد كبير جدا من ممثلي الجماعات المتشددة، مثل (داعش) و(جبهة النصرة) والتشكيلات المرتبطة معهما».
ولفت بوتين إلى وجود تباينات بين هذه المجموعات داخل إدلب، مشيرا إلى أن «ليس هذا ما أقلقنا؛ بل ازدياد عمليات القصف في الآونة الأخيرة التي تستهدف البلدات والمدن السورية، بما في ذلك حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وقلقنا الأكبر نجم عن بدء تنفيذ محاولات لمهاجمة المواقع العسكرية الروسية في سوريا، وخصوصا قاعدة حميميم، بواسطة طائرات مسيرة، وكنا مضطرين لهذا السبب إلى الرد وشن ضربات على الأراضي التي نبع منها التهديد».
وزاد أن فكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح نشأت خلال المفاوضات التي انعقدت مع إردوغان في سوتشي، موضحا أنه «خلال اللقاء مباشرة تشكلت فكرة إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، بعمق 15 - 20 كيلومترا، لضمان مزيد من الأمن للمنشآت السورية المدنية والمدن والبلدات، وكذلك قاعدتنا العسكرية في حميميم». وأكد أن «ثمة توافقا روسيا تركيا كاملا على أن المنطقة العازلة لا يمكن أن يكون فيها جماعات متشددة، بما في ذلك (جبهة النصرة)، أو أي أسلحة ثقيلة، مهما كانت هوية أصحابها».
ولفت بوتين إلى أن موسكو «تعمل بتضامن كامل مع الشركاء الأتراك، ونرى أنهم يتعاملون مع هذه الاتفاقات بأقصى درجات الجدية، ويطبقون مسؤولياتهم من الالتزامات، ويساهمون في انسحاب مختلف الجماعات المتطرفة والأسلحة الثقيلة من هذه المنطقة»، مضيفا أن «روسيا بدورها تقوم بإنجاز الجزء الخاص بها» من العمل الهادف لتسوية الوضع في إدلب، و«سنواصل سويا معهم (الأتراك) العمليات التي تم تحديدها، بما في ذلك تنفيذ دوريات مشتركة من قبل القوات المسلحة التركية والشرطة العسكرية الروسية».
وأكد الرئيس الروسي أن التنسيق مع السلطات السورية والدعم الذي حصلنا عليه من جانب إيران، وفر فرص النجاح لهذه المبادرة، وزاد: «نحن متضامنون في عملنا المشترك الذي يتقدم باتجاه صحيح، ولدي كل الأسس للاعتقاد بأننا سنحقق الأهداف التي رسمناها». وشدد على أن «هذا يعني أن لا عمليات عسكرية واسعة النطاق هناك؛ لأنه لا حاجة إليها، ويجب حاليا تحقيق أهداف معينة، وتلك الآليات التي اخترناها، تعمل بفاعلية».
واستغل بوتين المناسبة للإشارة إلى مبادرة روسيا لإعادة اللاجئين السوريين، وإطلاق مشروعات لإعادة الإعمار، وقال إنه «لا يعلم كيف ستتصرف أوروبا لمنح مساعدات للسوريين في هذا الاتجاه»، معربا عن قناعة بأنه «من الضروري عدم تسييس هذا العمل، ولا يمكن تفريق السكان السوريين على أساس الأراضي التي يقيمون فيها، ما هو الفرق من حيث النهج الإنساني، بين كون الناس يعيشون في الأراضي الخاضعة للسلطات الرسمية بقيادة الرئيس الأسد، وبين كونهم يعيشون في تلك المناطق التي تسيطر عليها المعارضة غير النظامية والجماعات المسلحة؟».
وأكد أن «الأمر الثاني المهم يكمن في أن أوروبا لها مصلحة كبيرة في عودة اللاجئين إلى وطنهم، ووفق حساباتنا، فإن العام الماضي شهد عودة نحو 150 ألف شخص إلى بيوتهم؛ لكن هذا العدد كان سيكون أكبر بكثير لو قمنا بتقديم مساعدات مشتركة أساسية، مثل إعادة إصلاح شبكة المجاري وإمداد المياه والكهرباء والبنية التحتية الخاصة بنقل المواد الغذائية والأدوية، وخلق الظروف لكي يتمكن الناس من ممارسة الحياة الطبيعية والعودة إلى منازلهم». وتساءل مخاطبا المستشار النمساوي: «أليست أوروبا مهتمة بذلك؟».
ورأى بوتين أن ثمة آفاقا لتكثيف العملية السياسية في سوريا «على أساس القرار رقم 2254، والاتفاقات التي تم التوصل إليها في إطار عمليات آستانة»، مشيرا إلى ارتياحه للمحادثات مع المستشار النمساوي الذي «أعرب عن استعداد النمسا للانضمام إلى العمليات الإنسانية التي تدعم سكان سوريا».
لكن بوتين شدد في الوقت ذاته على «ضرورة أن يجري تقديم كل أنواع المساعدات عبر القنوات، التي تم تنسيقها مع السلطات الشرعية، وأن يشمل كل المناطق المتضررة جراء الاعتداءات الإرهابية والحرب الأهلية». في حين أكد كورتز على ضرورة انسحاب كل القوات الأجنبية من أراضي سوريا، بما في ذلك القوات الإيرانية والمدعومة من جانب إيران.
وخاطب بوتين مشيرا إلى أن «روسيا تتحمل مسؤولية كبيرة» في حل الأزمة في سوريا، وزاد: «تابعت تصريحاتكم اليوم (أمس) يا سيد بوتين، حول سوريا، وآمل في أن يتم التمكن من سحب كل القوات الأجنبية من سوريا، وبالدرجة الأولى الإيرانية، لإنهاء الحرب في سوريا».
وكان بوتين قد أكد قبل لقائه المستشار النمساوي على ضرورة «انسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا بعد الانتصار على الإرهاب».
ورغم أن إشارة بوتين كانت إلى القوات الأميركية التي قال إنها يجب أن تحصل على تفويض أممي، أو دعوة من دمشق لتقنين وجود قواتها في سوريا، فإنه رد على سؤال صحافيين عما إذا كانت عبارته حول انسحاب كل القوات الأجنبية تنسحب على روسيا ذاتها، بالإشارة إلى أن موسكو مستعدة للانسحاب من سوريا «إذا طلبت منا الحكومة الشرعية ذلك».
في الأثناء، جددت الخارجية الروسية تأكيد ترحيبها بنشاط القوات الإيرانية والتشكيلات العسكرية المتحالفة مع إيران في سوريا، وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، أمس، إن «القوات الإيرانية والقوى القريبة من طهران تساعد حقا في مكافحة الإرهاب في سوريا».
وأكد أن «العسكريين الإيرانيين وكل التشكيلات المتحالفة معهم، ينشطون في سوريا بطلب من الحكومة السورية الشرعية. قيل ذلك مرارا؛ لكن يجب الحديث عن هذا وتأكيده؛ لأن هذا مهم جدا. إنهم يوجدون هناك لتقديم مساعدة، وهم يقومون بالفعل بتقديم هذه المساعدة في مواجهة الإرهاب».
ورأى الدبلوماسي الروسي أنه لا بد من تقريب وجهات النظر بين إيران وإسرائيل، وزاد أن «الاتفاق بين إيران وإسرائيل، وإن كان ليس في الأفق القريب؛ لكنه أمر حتمي يتعين عليهما». ولفت إلى أن «الأوضاع في الأراضي السورية الحدودية القريبة من إسرائيل هادئة. والجولان مثال على ذلك؛ حيث تسيطر القوات الحكومية السورية على الأوضاع، وحيث توجد الشرطة العسكرية الروسية، وإلى حيث عادت قوات الفصل الأممية. هذا كثير، هذا أفضل ضمان لأن يتم نزع القلق والمخاوف إذا كانت موجودة لدى إسرائيل فيما يتعلق بالأمن».
على صعيد آخر، لفتت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إلى أن «جزءا مهما من المعارضة السورية في إدلب يدعم إقامة المنطقة المنزوعة السلاح في المحافظة».
لكنها عادت إلى تكرار أسطوانة التحضير لـ«استفزازات كيماوية» التي باتت مفضلة لدى جزء من النخبة الدبلوماسية الروسية، وقالت إن «التنظيمات الإرهابية بعد تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية، ونتيجة لخشيتها من العزلة، تقوم بأنواع مختلفة من الاستفزازات، وتحاول المحافظة على الوضع في محيط منطقة خفض التصعيد في إدلب، وما زلنا نتلقى معلومات حول محاكاة لهجمات كيماوية تم إعدادها من قبل الإرهابيين، على نطاق واسع، في إدلب، للزعم أنها كانت ستُرتكب من قبل القوات الحكومية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.