كثبان الرمال تعانق أمواج البحر في ميناء العقير السعودي

«دارة الملك عبد العزيز» توثّق تاريخ المكان الحافل بالمنتجات السياحية المتكاملة

تمتد شواطئ العقير على مسافة 24 كيلومتراً على ساحل ‏الخليج العربي - قام الملك عبد العزيز بتطوير الميناء عبر إنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ومبان مختلفة
تمتد شواطئ العقير على مسافة 24 كيلومتراً على ساحل ‏الخليج العربي - قام الملك عبد العزيز بتطوير الميناء عبر إنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ومبان مختلفة
TT

كثبان الرمال تعانق أمواج البحر في ميناء العقير السعودي

تمتد شواطئ العقير على مسافة 24 كيلومتراً على ساحل ‏الخليج العربي - قام الملك عبد العزيز بتطوير الميناء عبر إنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ومبان مختلفة
تمتد شواطئ العقير على مسافة 24 كيلومتراً على ساحل ‏الخليج العربي - قام الملك عبد العزيز بتطوير الميناء عبر إنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ومبان مختلفة

تتلوى كثبان الرمال على امتداد البصر، لتصافح أمواج البحر على الساحل الخليجي للأحساء؛ حيث تشكل لوحة بصرية رائعة؛ لكّن هذا الموقع الذي أصبح ملاذاً لسكان واحة الأحساء، ويوفر فرصاً للاستثمار السياحي، مسكون بعبق التاريخ يمتد مئات السنين.
مثّل ميناء العقير، وهو أقدم ميناء بحري في السعودية، ويتربع على ساحل الخليج العربي، أهمية بالغة خاصة؛ فقد كان العثمانيون خلال حكمهم الخليج يعتمدون على ميناء العقير الذي كانت ترسو فيه سفن النقل والبضائع، وكان طريق التواصل مع تركيا والعالم. وفي عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود شهد الميناء التاريخي عقد اتفاقيات ومفاوضات سياسية، وكان البوابة الاقتصادية لبداية الدولة السعودية، والميناء الرئيس الذي ‏يفد إليه الزائرون لوسط الجزيرة العربية وشرقها، وفي هذا الميناء وقع الملك عبد العزيز معاهدة العقير لترسيم الحدود مع بيرسي كوكس، في 2 ديسمبر (كانون الأول) عام 1922.
وفي تقرير لها، رصدت دارة الملك عبد العزيز الأثر السياسي ‏والتجاري والعسكري والفكري لميناء العقير، الذي شهد أحداثاً مختلفة في عهد الملك المؤسس، عندما اتخذه مقراً ‏لمقابلة الدبلوماسيين الأجانب وإجراء المفاوضات مع القوى الدولية السياسية في المنطقة.
وبفعل تحول الطرق التجارية بعد اكتشاف النفط في بقيق ‏والظهران، تراجعت أهمية العقير لوجود طرق حديثة معبدة، وبناء عدد من الموانئ الحديثة، ‏قريبة من منابع النفط والأسواق التجارية في المنطقة الشرقية.‏
وقالت الدارة إن الملك عبد العزيز قام بتطوير الميناء، وذلك عبر إنشاء الجمارك، والجوازات، والفرضة، ‏ومبنى الخان، ومبنى الإمارة، والحصن، والمسجد، وعين الماء، وبرج أبو زهمول؛ حيث أصبح العقير شريان الحياة لوسط الجزيرة العربية وشرقها، وكانت البضائع ‏والأغذية وغيرها ترد إلى قلب الجزيرة العربية والعاصمة الرياض عبر هذا الميناء المهم، وشهد هذا الميناء في عهده تنظيمات كثيرة لضمان استمراره في أداء دوره ‏الاقتصادي في البلاد.‏
وذكرت الدارة أن ميناء العقير التاريخي بدأت أهميته كميناء لشرق الجزيرة العربية ووسطها تتقلص في عام ‏ 1377هـ - 1957م، عندما بدأ العمل في إنشاء ميناء الدمام وخط السكة الحديد، والبحث ‏عن طرق أقرب وأسهل لمصادر النفط المكتشف آنذاك، وذلك لتسهيل نقله وما يحتاج إليه ‏من مواد، وتسهيل وصول العاملين فيه لمناطق العمل بيسر وبأقل كلفة، وبذلك أسدل الستار ‏على آخر أدوار ميناء العقير.‏
وفيما يتعلق بمكانة العقير السياحية، عدت الدارة ساحل العقير من أجمل السواحل في المملكة، ويتميز بتداخل مياه ‏الخليج بالشواطئ الرملية الضحلة، وتنوع المظاهر الجغرافية، وكثرة الرؤوس ‏والخلجان والجزر؛ حيث توجد بالعقير عدة جزر، من أهمها جزيرة الزخنونية ‏وجزيرة الفطيم، كما يستقبل شاطئ العقير آلاف الزوار والسياح طيلة أيام العام، ويجذب الشاطئ ‏الذي يبعد نحو 65 كيلومتراً عن مدينة الهفوف، كثيراً من المرتادين من مختلف ‏مناطق المملكة؛ خصوصاً من الأحساء والمنطقة الشرقية ومنطقة الرياض، ‏ويصل العدد اليومي لقاصدي الشاطئ قبل تطويره خلال المواسم والعطلات، ‏إلى أكثر من 28 ألف زائر‎.‎
وأشادت الدارة باهتمام الدولة بميناء العقير تاريخياً؛ حيث تم تسجيل مبنى الجمارك في ميناء العقير في سجل ‏الآثار الوطني، وترميم مباني المستودعات والجمارك والميناء في العقير؛‏ لافتة إلى أن العقير بمحافظة الأحساء، ترتبط بمدينة الجرهاء القديمة، وتستقي أهميتها التاريخية من كونها مكان توقيع معاهدة العقير المعروفة في عهد الملك عبد العزيز.
والعقير كوجهة سياحية، تمثل باكورة المنتجات السياحية المتكاملة في السعودية، تتميز بخصائص تاريخية وأثرية متفردة، ‏بالإضافة إلى الطبيعة الرائعة والشواطئ البحرية، وكوجهة ‏سياحية ساحلية كبرى متعددة الاستخدامات. وفي 10 سبتمبر (أيلول) 2013، تمّ تأسيس شركة لتطوير العقير برأسمال 2.7 مليار ريال (720 مليون دولار)، سبق ذلك تخصيص الحكومة السعودية مخصصات مالية لخدمات البنية الأساسية لمنطقة التطوير في العقير السياحية، بمبلغ 1.4 مليار ‏ريال (373 مليون دولار)‎.‎
وتمتد شواطئ العقير على مسافة 24 كيلومتراً على ساحل ‏الخليج العربي، ويبعد المشروع عن مدينتي الدمام والهفوف مسافة لا تتجاوز 70 كيلومتراً، ‏ومسافة 400 كيلومتر عن مدينة الرياض.‏
ويضم المشروع عدداً من مرافق الترفيه، إضافة إلى مناطق الشواطئ، ومواقع أثرية، ومواقع تراث عمراني، ومرافق ‏سياحية تتضمن إيواءً فندقياً ووحدات مفروشة، ومنازل ووحدات سكنية، ومراكز تجارية تضم مكاتب ومتاجر ‏البيع بالتجزئة، ومرافق رياضية ومرافق تعليمية، ومراكز ‏عناية صحية، وخدمات متنزهات، وكل ما يلزم ذلك من بنية أساسية.
ويستقبل شاطئ العقير معدلات عالية من الزائرين، تصل في المتوسط إلى أكثر من 20 ألف زائر في المناسبات، وتشتمل المنطقة الترفيهية على عناصر عدة، من بينها بحيرات مائية تحوي جزراً وجسوراً وألعاباً مائية، تصل مساحة مسطحاتها إلى أكثر من 30 ألف متر مربع، ومسطحات خضراء بمساحة 120 ألف متر مربع، زرع فيها أكثر من 1350 شجرة كبيرة، و40 ألف شجيرة ذات تشكيلات زهرية متنوعة، وملاعب وميادين وممرات للمشاة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».