تحية تكريمية لملحم بركات بقيادة {الأوركسترا الوطنية} اللبنانية

استضافتها الباحة الخضراء في الجامعة الأميركية

الراحل ملحم بركات
الراحل ملحم بركات
TT

تحية تكريمية لملحم بركات بقيادة {الأوركسترا الوطنية} اللبنانية

الراحل ملحم بركات
الراحل ملحم بركات

في الذكرى الثانية لرحيل الموسيقار ملحم بركات، عبقت الباحة الخضراء في «الجامعة الأميركية» بموسيقاه من خلال تحية تكريمية أقيمت له بقيادة الأوركسترا الوطنية اللبنانية. نظم هذا الحفل، الذي أقيم مساء أمس، بالتعاون مع وزارة الثقافة في لبنان، وأعده وأشرف عليه المايسترو أندريه الحاج قائد الأوركسترا المذكورة للموسيقى الشرقية في المعهد العالي الوطني للموسيقى، المشارك في هذه المبادرة. تضمن برنامج الحفل، الذي استغرق نحو 90 دقيقة، أجمل أغاني الموسيقار الراحل بصوت فريق «كورال الفيحاء» الطرابلسي، الذي سبق وشارك في تحيات تكريمية مماثلة لوديع الصافي وزكي ناصيف ونصري شمس الدين وغيرهم من عمالقة الفن اللبناني.
«هدف هذه التحية إبقاء هؤلاء الفنانين في ذاكرتنا. فهم ليسوا بحاجة لمبادرات تكريمية لأن أعمالهم كرّمتهم وهم على قيد الحياة»، يقول المايسترو أندريه الحاج في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «يجب أن نتمثل بالمصريين الذين يفتخرون بفنانينهم ويتذكرونهم دائماً في برامج تلفزيونية أو حفلات موسيقية، فيما نحن نعطي أهمية أكبر لفنانين غير لبنانيين».
وبـ«وثائقي» يحكي عن سيرة «أبو مجد» الفنية، استهلت الحفلة التي فتحت أبوابها أمام الجميع مجاناً. وبأغنية «موعدنا بأرضك يا بلدنا» التي أداها كورال الفيحاء أولاً بأسلوب «أكابيلا» دخلت بعدها آلات الإيقاع وغيرها مع عزف جماعي للأوركسترا. «حاولت أن أظهر أسلوب الراحل بركات الأكاديمي في الموسيقى، ويا حبذا لو بقي حياً حتى يومنا هذا لنغب منه أنماطه الموسيقية الخارجة عن المألوف، التي تؤلف مدرسة بحد ذاتها» يوضح الحاج في سياق حديثه. وكرت بعد هذه الأغنية السبحة لمجموعة من أغاني الموسيقار الراحل التي يحفظها اللبنانيون، وما زالوا يرددونها حتى اليوم. أغنية «ما يهمنيش» و«يمكن نتهنى» و«كيف» و«سلم عليها» و«كرمال النسيان» و«ولا مرة» ليكون مسك الختام مع «ومشيت بطريقي».
وبأغنيتي «حبيتك وبحبك» و«يا حبي اللي غاب» تلونت مقدماتهما عن طريق عزف كمان سولو لأندريه سويد شارك في غنائها بعده 10 من أعضاء الكورال. «لم تجر أي تغييرات أساسية على الألحان الأصلية لتلك الأغاني، كل ما في الأمر هو أننا أعددناها بطريقة جديدة مع عمل أوركسترالي رفيع المستوى يخدم فكرة النغمة الموسيقية الخاصة ببركات»، يقول المايسترو أندريه الحاج. وعن سبب تعاونه الدائم مع فريق الكورال في الحفلات التكريمية التي ينظمها يرد: «الكورال يعطي الأغنية حقوقها كاملة فتستمعين إلى كلام الأغنية على أفضل وجه، كما تستمتعين باللحن دون أن يتأثر نظر مشاهد العرض بحركات وحضور مغن واحد يقف على الخشبة. فيصبح التركيز أكبر على القطعة الموسيقية المغناة بشكل عام».
المعروف أن المايسترو أندريه الحاج سبق وقدم حفلات تكريمية عديدة لفنانين من لبنان وغيره. وأحدثها تلك التي جرت ضمن برنامج «مهرجانات صيدا الدولية» للراحلة فايزة أحمد، فيما سبقتها أخرى لفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهم.
وتعد هذه الحفلة الأولى من نوعها التي تصب في تكريم الراحل ملحم بركات، إذ سبقها تقديم مقطع موسيقي له من أغنية «يا حبي اللي معذبني» بمناسبة مرور 40 يوماً على وفاته بمبادرة من المايسترو أندريه الحاج خلال قيادته الأوركسترا في حفل لكارلا رميا يومها. «كنت أتمنى أن يحضر الموسيقار هذا الحفل الذي نقيمه اليوم ليعطني رأيه به ويستمتع باستعادة نجاحاته». وهل برأيك كان سيعطيك ملاحظاته عليه؟ «لطالما كان الفنان الراحل متطلباً ودقيقاً في مشواره الغنائي لا يرضيه القليل ويطالب دائماً بالأفضل. قد يكون من الصعب إرضاؤه بالكامل، ولكني بالتأكيد كنت سأنجح في إقناعه بحضور الحفل والجلوس في المقاعد الأمامية لمتابعتنا».
هذا الحفل يأتي خارجاً عن «برنامج زكي ناصيف الفني» التابع للجامعة الأميركية في لبنان، التي أخذت على عاتقها من خلاله تكريم عدد لا يستهان بهم من الفنانين العمالقة. «كان من المنتظر أن نقيم هذا الحفل في (قصر اليونيسكو) في بيروت. ولكن بسبب إجراء ترميمات وأعمال بناء فيه لبينا دعوة الجامعة الأميركية لإقامته في الباحة الخضراء في حرمها بشارع بلس.
وقد لعب وزير الثقافة دكتور غطاس خوري دوراً كبيراً، لا سيما أنه بادر إلى طلب هذا الأمر من رئيس الجامعة الأميركية دكتور فضلو خوري الذي رحب بالفكرة دون تردد» يقول المايسترو أندريه الحاج، مثنياً على الدور المهم الذي تلعبه وزارة الثقافة في حقبة دكتور خوري. «فهو يهتم كثيراً بتكريم تراث الفن اللبناني، والحفاظ على أسماء عمالقته من خلال هذا النوع من الحفلات» كما يشير الحاج في ختام حديثه.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».