المخرج الفرنسي لولوش يصوّر تتمة لفيلم «رجل وامرأة»

ترنتينيان وآنوك إيميه يعودان إلى الشاشة عجوزين بعد نصف قرن

لقطة من فيلم «رجل وامرأة»
لقطة من فيلم «رجل وامرأة»
TT

المخرج الفرنسي لولوش يصوّر تتمة لفيلم «رجل وامرأة»

لقطة من فيلم «رجل وامرأة»
لقطة من فيلم «رجل وامرأة»

إنه الفيلم الذي صنع شهرة مخرجه ونقش اسمه في تاريخ السينما العالمية. وهو أيضاً الفيلم الذي ارتبط بذاكرة جيل من ملايين الرجال والنساء الذين تجاوزوا سن الشباب، باعتباره قصيدة شاعرية عن الحب المتأرجح بين الرقة والجموح. وها هو كلود لولوش، مخرج «رجل وامرأة» نفسه، يعلن أنه بدأ تصوير جزء ثانٍ من فيلمه مع بطلي الجزء الأول نفسيهما: جان لوي ترنتينيان (87 عاماً) وآنوك إيميه (86 عاماً).
لولوش، المخرج الفرنسي الثمانيني، كان قد حاز سعفة مهرجان «كان» الذهبية عن هذا الفيلم عام 1966، كما نال عنه «أوسكار» أفضل فيلم و«أوسكار» أفضل سيناريو و3 جوائز «غولدن غلوب». وتدور فكرة الفيلم حول رجل وامرأة، فقد كل منهما شريك حياته، ثم يتعارفان على شاطئ مقفر في مدينة دوفيل، شمال غربي فرنسا، وتقوم بينهما علاقة تتعثر بسبب ذكريات الماضي. وفي لحظة شجن تقرر البطلة أن تغادر المدينة الساحلية عائدة إلى باريس، وهناك تجد حبيبها قد سبقها بسيارته ووقف ينتظرها على رصيف محطة القطار.
يعود المخرج إلى الشاطئ نفسه لاستكمال حكاية «رجل وامرأة». وقد نجح النجمان العجوزان في أداء الدورين الرئيسيين في الفيلم الجديد الذي يحمل اسم «السنوات الأجمل». وكان ترنتينيان قد أعلن قبل شهرين بأنه يعاني من مرض خبيث في البروستاتا، وقد قرر التقاعد عن التمثيل. لكن يبدو أن الفكرة أعادت إليه الرغبة في العمل، رغم أن المخرج لم يفصح عن تفاصيل السيناريو ولا عن موعد نزول الفيلم إلى الصالات، واكتفى بالقول إنه سيكون مفاجأة للجمهور.
بداية الأسبوع الحالي، انتقل فريق العمل إلى قرية «بومون أونوج» الصغيرة قرب «دوفيل» التي كانت قد شهدت تصوير المشاهد الأكثر شهرة في الجزء الأول من «رجل وامرأة». كما ارتبط شاطئها بموسيقى الفيلم الإيقاعية الناعمة «شا بادابا دا» التي وضعها فرانسيس لاي وحققت أعلى المبيعات في حينها. وكان منتجع دوفيل الأنيق قد اكتسب دعاية عالمية بعد عرض الفيلم في ستينات القرن الماضي؛ الأمر الذي شجع على أن تطلق المدينة مهرجانها السنوي للسينما الأميركية، أواخر كل صيف. ومن جهته أعرب عمدتها، فيليب أوجييه، عن سعادته باستقبال لولوش وفريقه لاستكمال حكاية صار لها وقع الأساطير، موضحاً أن التصوير لن يتطلب سوى تحويرات بسيطة في حركة سير السيارات داخل المدينة.
في سنة 1965، عانى لولوش من فشل فيلم له بعنوان «اللحظات الكبرى». وروى أنه قصد مدينة دوفيل في خريفها الموحش لنسيان إحباطه، وهناك رأى على الشاطئ البعيد امرأة جميلة جداً تتنزه مع طفلتها، ووجد نفسه يحاول بلوغ مكانها ويتتبع خطواتها، وفي تلك الساعة خطرت له فكرة الفيلم. وقد ألهم «رجل وامرأة» وما زال يلهم مخرجين كثيرين في أنحاء العالم، حاولوا تقليد المسحة الرومانسية فيه. ومن هؤلاء الإخوة بوليش اللذان أخرجا، سنة 2001، فيلماً بعنوان «للعشاق فقط»، وجاء بمثابة تأدية التحية للمخرج الفرنسي. وفي عام 2016، حظي الفيلم بتكريم وطني في فرنسا بمناسبة مرور نصف قرن على عرضه. وما زالت سيارة بطل الفيلم، من نوع «فورد موستاغ» تشاهد في المعرض السنوي للسيارات التاريخية في باريس.
أثار خبر الجزء الثاني من «رجل وامرأة» اهتمام الأوساط السينمائية بحيث إن شارل بريمنر، مراسل «التايمز» قرر أن يترك مقره في أستراليا ويقيم في فرنسا لمتابعة مجريات التصوير. وتتولى إنتاج الفيلم شركة «فيلم 13» التي يملكها لولوش الذي يقوم أيضاً بوظيفة المخرج ومدير التصوير وكاتب السيناريو. وهو رغم احتفاله ببلوغه الثمانين ما زال بالغ الحيوية. وكان قد صور في سنة 1986 فيلماً بعنوان «20 سنة مرت على رجل وامرأة». لكن الفيلم لم يحقق رواجاً كبيراً.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».