اختار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تعيين مبعوثه الخاص للمنظمة الدولية للعمل المناخي مايكل بلومبرغ لقيادة مبادرة رائدة تدعم التحرك العالمي لرأس المال الخاص، للاستجابة لتحدي تغيُّر المناخ.
وشهدت نيويورك مشاركة حشد من زعماء العالم والمسؤولين الدوليين مع رؤساء مجلس الإدارة عبر العالم في «منتدى بلومبرغ العالمي للأعمال 2018»، على هامش المداولات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقرر المشاركون تنفيذ الالتزامات التي جرى التعهد بها في «قمة الكوكب الواحد»، والعمل على بناء الثقة والتعاون من أجل عمل متعدد الأطراف في مجال المناخ. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، قد أطلقوا في ديسمبر (كانون الأول) 2017 قمة الكوكب الواحد لتسريع تنفيذ «اتفاق باريس» والانخراط مع الجهات الفاعلة العامة والخاصة في السباق ضد الاحترار العالمي. وفي مواجهة مع الحالات الطارئة بسبب التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لتغير المناخ، دعا أعضاء تحالف الكوكب الواحد إلى مبادرات وحلول ملموسة لمعالجة تغير المناخ من خلال 12 التزاماً دولياً.
وستعمل مبادرة قيادة تمويل المناخ على تحقيق أهداف التمويل الخاصة المدرجة في اتفاق باريس، الذي أعاد التأكيد على هدف تحريك 100 مليار دولار سنوياً على الأقل بحلول عام 2020 عبر مزيج من تمويل التنمية العامة والاستثمار المباشر الأجنبي الخاص. وقال غوتيريش إن «تحريك الموارد من القطاعين العام والخاص أمر بالغ الأهمية لمعالجة مسألة تغير المناخ»، مضيفاً أنه «في هذا العام من العمل الذي أدّى إلى قمة المناخ، يسرّني أن مايك بلومبرغ، مبعوثي الخاص المعني بالعمل المناخي، وافق على جمع قادة القطاع الخاص من خلال هذه المبادرة والعمل بصورة وثيقة مع الحكومات الرائدة للمساعدة في ضمان تحقيق أهداف (اتفاق باريس)».
ومن الواضح أن التمويل أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف المحددة وطنياً، مثلما وضعتها الحكومات بموجب «اتفاق باريس»، وتمكين المدن والدول الطموحة من المساهمة في تحقيق أهداف كهذه. ويتوقّع أن تجلب مبادرة قيادة تمويل المناخ أعضاء من كبرى المؤسسات المالية الدولية والشركات لتحفيز الاستثمارات المتزايدة في مشاريع الطاقة النظيفة ومشاريع المناخ المرنة في كل أنحاء العالم، في كل من الأسواق المتقدمة والناشئة. وللمبادرة فترة مدتها عام واحد، تتوّج بعقد قمة الأمم المتحدة للمناخ في سبتمبر (أيلول) 2019. وستعلن أسماء الأعضاء المؤسسين قبل نهاية العام.
وقال بلومبرغ إن «تخصيص السوق لرأس المال هو سلاح قوي في معركتنا ضد تغير المناخ. ومع تزايد شفافية المخاطر والفرص المناخية، صار المستثمرون والشركات يمولون أكثر حلول المناخ»، مضيفاً: «يسعدني أن أساعد الأمين العام على تسريع هذا الانتقال الحرج خلال العام المقبل».
وفي وقت سابق، طلب غوتيريش من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنيس من أجل المشاركة معه في قيادة موضوع زيادة تمويل المناخ خلال العام المقبل. وستعمل مبادرة قيادة تمويل المناخ بشكل وثيق مع الحكومة الفرنسية عبر دعم رئاستها لمجموعة السبعة للدول الصناعية الكبرى عام 2019، وستقدم التقرير الأول إلى وزراء المال لمجموعة السبع بحلول يوليو (تموز) 2019.
وقال الرئيس ماكرون إنه «بفضل المبادرات الدولية مثل قمتي الكوكب الواحد في عامي 2017 و2018 والتعاون الوثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل المناخي مايكل بلومبرغ، نشهد للمرة الأولى منذ (اتفاق باريس) ديناميكية استثنائية بين القطاعين العام والخاص، وبين الوسط العلمي وﻗﺎدة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، وبين اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻴﻦ واﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، مما يحفِّز ويدفع أجندة مناخ واحدة ﻣﻮجهة نحو اﻟﺤﻠﻮل»، مضيفاً أنه «يجب علينا تسريع جهودنا مرة أخرى في الأشهر المقبلة».
وبصفته رئيساً لفريق عمل مجلس الاستقرار المالي المعني بالإفصاحات المالية ذات الصلة بالمناخ، قاد بلومبرغ جهود القطاع الخاص لتصنيف المخاطر المرتبطة بالمناخ وتحديدها والإفصاح عنها وإدارتها. سوف تعتمد مبادرة «قيادة تمويل المناخ» الجديدة على هذا العمل، وتسعى إلى تحفيز تدفقات استثمارية جديدة، من خلال توجيه حصة أكبر من نشاط أسواق رأس المال إلى المشاريع والفرص المتعلقة بالمناخ في جميع أنحاء العالم. وستجمع المبادرة مجموعة واسعة من الشركاء الذين يدعمون ويختبرون آليات لتسريع عملية نشر رأس المال في مشاريع الطاقة المتجددة ومقاومة المناخ.
ولدعم تكرار الحلول، ستعمل المبادرة عن كثب مع مختبر الابتكار العالمي لتمويل المناخ، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص تدعمها مؤسسة «بلومبرغ» الخيرية ومؤسسات وحكومات خيرية أخرى. يضم أعضاء المختبر مؤسسات تمويل التنمية الرائدة مثل «إيه إف دي» (فرنسا) و«بي إن ديس» (البرازيل)، والمنظمات متعددة الأطراف مثل مجموعة البنك الدولي، والشركات المالية الخاصة مثل «بلاك روك» و«بنك أوف أميركا ميريل لينتش» و«يس بنك» في الهند. يعقد المختبر اجتماعه السنوي على هامش قمة «الكوكب الواحد» في نيويورك هذا الأسبوع.
وخلال اليوم أيضاً، أعلن بلومبرغ أنه سيساعد في تشكيل مجموعة من «وول ستريت» من أجل التمويل المستدام بغية تشجيع المزيد من الابتكار المالي المستدام والصديق للمناخ عبر أسواق رأس المال الأميركية. وتعد هذه المجموعة أحدث إضافة إلى قائمة متنامية من «مراكز مالية من أجل الاستدامة»، بما فيها مبادرة التمويل الأخضر لمدينة لندن، ومبادرة التمويل من أجل الغد في باريس، وأكثر من 15 مبادرة أخرى ذات صلة من البرازيل إلى ألمانيا وحتى الصين وما وراءها.
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ايريك سولهايم الذي يستضيف الشبكة الدولية للمراكز المالية: «كانت (وول ستريت) في قلب كثير من الابتكارات الرئيسية في مجال التمويل المستدام، ومن الرائع أن نرى هذا التعبير الجديد عن الهدف المشترك»، مضيفاً أن «الوفاء بتعهد أميركا في شأن تغير المناخ يعني أن الشركات المالية الرائدة في أميركا يجب أن تقوم بدورها. إعلان اليوم يدل على أنهم كذلك. من خلال التعاون مع بعضها، وتبادل أفضل الممارسات مع نظيراتها في جميع أنحاء العالم، يمكن لشركات (وول ستريت) أن تضطلع بدور مهم في تسريع تمويل العمل المناخي والتنمية المستدامة».
وفي الوقت ذاته، أعلن النادي الدولي لتمويل التنمية، وهو شبكة مؤلفة من 23 مصرفاً رائداً في مجال التنمية الوطنية والإقليمية، أنه ضاعف تمويله للمناخ منذ مؤتمر «كوب 21»، إذ ارتفع من 100 مليار دولار في أواخر عام 2014 إلى قرابة 200 مليار دولار عام 2017. وأعلنت الأرقام الجديدة في «قمة الكوكب الواحد»، وهي تظهر التزام النادي الدولي لتمويل التنمية بتنمية مستدامة منخفضة الكربون ومقاومة للمناخ.
مايكل بلومبرغ يقود مبادرة دولية لمواجهة التحديات المناخية
مايكل بلومبرغ يقود مبادرة دولية لمواجهة التحديات المناخية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة