هنيدة صيرفي ... سعودية تضع من باريس لمساتها الأخيرة على «شجرة الدر»

المصممة هنيدة صيرفي
المصممة هنيدة صيرفي
TT

هنيدة صيرفي ... سعودية تضع من باريس لمساتها الأخيرة على «شجرة الدر»

المصممة هنيدة صيرفي
المصممة هنيدة صيرفي

لا يقتصر تركيز المصممة السعودية هنيدة صيرفي هذه الأيام على وضع لمساتها الأخيرة على مجموعتها الجديدة «شجرة الدر» من باريس، بل إنها تستعد في الوقت نفسه لإطلاق مجموعة أزياء تعتبرها «استثنائية»، اختارت لها عنوان «أنا مستقلة»؛ تزامناً مع اليوم الوطني السعودي، وسيشكل مفاجأة، على حدّ تعبيرها.
أما مجموعة «طائر الهدهد» التي أطلقتها صيرفي، لخريف وشتاء 2019، فقد استوحت فكرتها من «ملكة سبأ» التي تعتبر شخصية نسائية مؤثرة في التاريخ، والمجموعة تضمنت احتفالاً بمجموعة خاصة أخرى اسمها «Driving Force».
تقول صيرفي «لقد أطلقتها بمناسبة السماح للمرأة السعودية بالقيادة».
الشغف بتصميم الأزياء كان يتسلل إلى مخيلة هنيدة الطفلة، التي أخذت مع الوقت تعمل على نمو تلك الموهبة واحترافها، وساعدها على ذلك انبهارها بمختلف أنواع الفنون، وهو ما حدا بها إلى دراستها في الجامعة. «ثم صقلت ما لدي من موهبة وشغف بدراسة متخصصة في الأزياء في باريس»، وبعد فترة ليست بعيدة عن التخرج أطلقت أولى المجموعات التي اختارت لها اسم «الحديقة السرية»، التي لم تكن إلا إيذاناً بإطلاق مزيد من التصميمات باسم العلامة التجارية التي سمّتها «HONAYDA».
«قدمت أولى مجموعاتي (الحديقة السرية)، التي استوحيتها من علاقتي بوالدتي، ومن تجربة والدتي نفسها كامرأة سعودية حجازية، لثقافتها أثر وثراء، ومن هنا كان استلهام بعض طبعات وقصات المجموعة من الطابع والتراث الحجازي، بعدها قدمت مجموعة (الحب والحرب)، التي كان مصدر الإلهام فيها شخصية عبلة حبيبة عنترة، ووثقت من خلال التصميمات كيف واجهت عبلة العنصرية بقوة، بدافع الحب». وتقول هنيدة «لا يوجد دافع للنجاح في أي مجال أقوى من الشغف به، حبي للأزياء كان هو أقوى أدواتي في البداية، وحينما درست الفنون والتصميم، صارت هناك ترجمة عملية لهذا الحب، ولا يمكنني إخفاء أن تشجيع أسرتي وزوجي وأولادي لي ساهموا بشكل أساسي في شحذ طاقاتي ودعمي بطول المشوار».
وعن تميز إنتاج «طائر الهدهد»، تصف المصممة السعودية ذلك بالقول «الجمال والرقي وأن تكن المرأة دائماً حاضرة بثقافتها وإدراكها للتاريخ، هذه الأفكار أسعى طوال الوقت لترجمتها من خلال ما أنتج؛ فالنساء عبر التاريخ كن وما زلن صاحبات جاذبية وحضور وذكاء، هذه الصورة الثرية للمرأة طالما حاولت اختزالها في قصص التصميمات التي قدمتها».
وتعتقد صيرفي أن الأزياء أداة من أدوات التوثيق والتأريخ مثلها مثل الكتابة والتصوير وغيرها من الفنون، متيقنة أن صناعة صورة ذهنية جيدة عن النساء باستخدام الملابس هو أمر مهم رغم مشقته.
وعن الأفكار المستوحاة في تصاميمها، تقول صيرفي «المرأة والطبيعة، هما العنصران اللذان يؤثران فيّ طوال الوقت، وأستخلص منهما عشرات الأفكار والقصص والمشاهد التي تغذي تصميماتي وتلهمني كل فترة. كما أضع عيني على تاريخنا الثري، ولا أغفله حين أقدم أزياء عصرية، لكن مستوحاة من قصص مأثورة وجميلة».
وعن قدوتها في هذا المجال التي تأثرت بها، تجيب هنيدة «لا يمكنني القول إني تأثرت بشخص بعينه في مجال الأزياء، لكن البيئة الثرية التي نشأت فيها في السعودية كانت أكبر مصدر تأثير على ذائقتي، فالسعودية موطن للجمال والثقافة والتاريخ، ومن يتأمل التاريخ العربي بفنونه وذائقة أهله، يجد عشرات المؤثرات والثروات الثقافية الملهمة».
ومع إطلاق آخر مجموعة «طائر الهدهد» في أسبوع الموضة الأخير بباريس، حصلت المجموعة، وفقاً لهنيدة «على التقدير الذي تستحقه».
وتستعد حالياً، لمجموعة جديدة لربيع وصيف 2019 استوحيها من الملكة المصرية شجر الدر التي تعد مثالاً مدهشاً للذكاء والقوة والجمال، حيث تضع اللمسات الأخيرة عليها لتكن في الأسواق خلال 4 أشهر تقريباً.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.