فيما تزداد المحاذير من آثار الحروب التجارية على الطلب النفطي، خصوصاً مع تراجع الإمدادات المتوقَّع في ظل العقوبات الأميركية الوشيكة على النفط الإيراني، دعا محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة «أوبك»، إلى التعاون بين المنظمة والدول غير الأعضاء، محذراً من أن الإخفاق في ذلك قد يفضي إلى الأزمة تلو الأخرى.
وقال باركيندو خلال مناسبة تنظمها شركة النفط والغاز الإسبانية (ثيبسا) في مدريد، أمس، إنه «من المهم أن تتعاون (أوبك) والدول غير الأعضاء فيها بحيث لا ننزلق من أزمة إلى أخرى».
وقال باركيندو مستشهداً بتقرير توقعات سوق النفط العالمية في المدى الطويل الذي أصدرته «أوبك» يوم الأحد، إنه من المتوقع نمو الطلب العالمي على الطاقة 33% حتى عام 2040. موضحاً أن النفط سيظل يضطلع بدور مهيمن في مزيج الطاقة في المستقبل المنظور.
من جهة أخرى، قال مسؤول تنفيذي كبير في مجموعة النفط والطاقة الفرنسية «توتال» أمس، إن عجز النفط في آسيا سيزيد إلى 35 مليون برميل يومياً بحلول 2025، بارتفاع نسبته نحو 30% عن المستوى الحالي البالغ 27 مليون برميل يومياً، مما سيعزز اختلالات تدفقات التجارة العالمية.
وقال توماس وايميل رئيس التجارة والشحن في الشركة، إنه في الوقت ذاته ستنخفض واردات أوروبا 10 ملايين برميل يومياً، بينما ستزيد الصادرات من أميركا الشمالية والشرق الأوسط.
وذكر وايميل خلال مؤتمر «البترول لآسيا والمحيط الهادي» في سنغافورة، أن الولايات المتحدة ستصدّر النفط الصخري، لكن مصافيها ستواصل استيراد درجات الخامات العالية الكبريت المتوسطة والثقيلة. وأضاف أن التغييرات التنظيمية مثل القواعد التي ستطبقها المنظمة البحرية الدولية عام 2020، والتي ستضع سقفاً لمحتوى الكبريت في وقود السفن، ستكون محركاً آخَر للنمو وتغير التدفقات التجارية.
وقال وايميل: «تدفقات زيت الوقود ستنخفض. في الوقت ذاته ستحتاج صناعة الشحن إلى نواتج التقطير... لذا ستجذب أوروبا وسنغافورة المزيد من نواتج التقطير». وأشار إلى أن الطلب سيزيد على الخام الخفيف المنخفض الكبريت، بينما ستحتاج الخامات الثقيلة العالية الكبريت إلى مصافٍ متطورة تعالجها.
في غضون ذلك، قالت مديرة تداول النفط في آسيا لدى «بي بي» إن العقوبات الأميركية على إيران ستؤدي إلى شح حاد في إمدادات النفط العالمية حتى نهاية العام، لكنْ ثمة خطر يتهدد الطلب العالمي ويلوح في 2019 من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ويتفاقم تناقص الإنتاج في فنزويلا بسبب العقوبات المفروضة عليها، في حين تؤدي التعطيلات في نيجيريا وليبيا إلى مزيد من شح الإمدادات، حسبما ذكرت كونغ، وذلك في الوقت الذي يجد فيه «برنت» دعماً فوق 80 دولاراً للبرميل.
وفرض أكبر اقتصادين في العالم، الصين والولايات المتحدة، كلٌّ منهما رسوماً على واردات الآخر في حرب تجارية متصاعدة هزت الأسواق العالمية وأثارت المخاوف من تباطؤ في الاقتصادات العالمية والطلب على السلع الأولية العام القادم.
وقالت كونغ: «بالنسبة إلى عام 2019، أخشى تأثير الحرب التجارية الأميركية الصينية، الذي يتبدى ببطء. أثر الحرب التجارية لم يظهر حقيقة في البيانات بأي مكان، لكنه سيظهر تدريجياً مع مرور الوقت. وهكذا فإن صدمة المعروض حادة جداً وفورية، في حين أن أثر الحرب التجارية يتصاعد ببطء».
وأضافت إن المحللين وصندوق النقد الدولي يتوقعون تراجعاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بين 0.5 و1% العام القادم.
وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها النفطي الشهري إن الطلب العالمي على النفط سيتجاوز 100 مليون برميل يومياً العام القادم، وإن كانت أزمة الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تنال من هذا الرقم.
وقالت كونغ: «إدارة ترمب تريد حماية حقوق الملكية الفكرية... وخفض دعم الشركات الصينية المملوكة للدولة، وفتح السوق لجميع الشركات، وهو أمر صعب، من وجهة نظري، أن توافق عليه الحكومة الصينية... لذا من المرجح للغاية أن تستمر هذه الحرب لفترة طويلة».
وفي الأسواق، بلغت أسعار النفط، أمس (الثلاثاء)، أعلى مستوى في أربع سنوات، بفضل العقوبات الأميركية الوشيكة على صادرات إيران من الخام، وعدم إعلان منظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) وروسيا، على ما يبدو، عن خطوات لتعويض النقص المحتمل في الإمدادات العالمية.
وفي الساعة 1121 بتوقيت غرينتش ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 61 سنتاً إلى 81.81 دولار للبرميل، بعد أن لامست أعلى مستوى في الجلسة عند 82.20 دولار، وهو أعلى سعر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
ويتجه سعر النفط صوب تسجيل خامس زيادة فصلية على التوالي، في أطول سلسلة من المكاسب منذ أوائل 2017، حين قادت موجة ارتفاع استمرت ستة فصول سعر النفط إلى مستوى قياسي عند 147.50 دولار للبرميل.
وزادت العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 30 سنتاً إلى 72.38 دولار للبرميل قرب أعلى مستوياتها منذ منتصف يوليو (تموز).
وتستهدف الولايات المتحدة من الرابع من نوفمبر صادرات النفط الإيرانية بعقوبات، وتضغط واشنطن على الحكومات والشركات في أنحاء العالم للامتثال وخفض المشتريات من طهران.
وقال هاري شلينغوريان مدير استراتيجية أسواق السلع الأولية في بنك «بي إن بي باريبا» الفرنسي، متحدثاً لمنتدى النفط العالمي الذي نظّمته «رويترز» أمس: «ستفقد إيران أحجام تصدير كبيرة، ونظراً إلى تردد (أوبك+) في زيادة الإنتاج، فالسوق ليست مجهّزة لملء الفجوة».
ويشير الاسم «أوبك+» إلى مجموعة منتجي النفط، بما فيها روسيا غير العضو في «أوبك»، والتي اتفقت على خفض الإنتاج بدءاً من 2017.
وفي حين قالت بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وإيران، أمس، إنها عازمة على تطوير آليات دفع لمواصلة التجارة رغم العقوبات الأميركية، فإن معظم المحللين يتوقعون أن تُخرج إجراءات واشنطن ما بين مليون و1.5 مليون برميل يومياً من إمدادات النفط الخام من الأسواق.
حرب التجارة قد تهدد الطلب النفطي في 2019
باركيندو يدعو للتعاون بين «أوبك» وغير الأعضاء
حرب التجارة قد تهدد الطلب النفطي في 2019
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة