«الوحدة» و«النفط» يتلازمان في رحلة بناء الكيان بوعي من المؤسس

الملك عبد العزيز أيقن أن تربة وطنه هي الأغنى

شركة «أرامكو» تعتبر عملاق شركات النفط في العالم
شركة «أرامكو» تعتبر عملاق شركات النفط في العالم
TT

«الوحدة» و«النفط» يتلازمان في رحلة بناء الكيان بوعي من المؤسس

شركة «أرامكو» تعتبر عملاق شركات النفط في العالم
شركة «أرامكو» تعتبر عملاق شركات النفط في العالم

الملك قال لوزير ماليته: «توكل على الله ووقّع» فانطلق المارد الأسود من مكمنه إلى العالم
لم يغب عن بال الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في أثناء رحلته الطويلة لاستكمال توحيد البلاد، وإعادة ملك آبائه وأجداده، أن يبحث عن مصدر لفك ضائقته المالية والصرف على حلمه الكبير في إقامة مملكته التي بدأت ملامحها تتشكل، وهو ما يعبر عن الفراسة والوعي والكاريزما الخاصة التي يمتلكها الملك، إذ أيقن أن إقامة كيان كبير يحتاج إلى وعاء اقتصادي عبر مداخيل ثابتة وآمنة ومجزية لتنمية هذا الكيان، فكان النفط هو الهاجس والهدف، خصوصاً أن هذه السلعة تم اكتشافها والتنقيب عنها شرق الأحساء التي دخلت في حكم الملك عام 1913م، حيث تم في عام 1908 اكتشاف النفط في الدولة «الفارسية القاجرية»، مما دفع السلطان عبد العزيز إلى البحث عن خيار لاستكشاف النفط في بلاده وهو القائل: «من المحقق أن تربة وطننا هي من أحسن الترب وأغناها».
الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن لعبون العالم الجيولوجي المتخصص في جيولوجيا النفط، خص «الشرق الأوسط» بمعلومات مهمة عن قصة وتاريخ صناعة النفط في البلاد السعودية الناشئة، موضحاً أنه بعد الحرب العالمية الأولى، ظهر ميجور بريطاني لعب دوراً ولفترة من الزمن في الساحة النفطية وترك أثراً كبيراً في تاريخ صناعة النفط في الخليج وجزيرة العرب، هو الميجور فرانك هولمز الذي استغل خبرة تنقلاته في منطقة الخليج وجزيرة العرب، فأسس شركة باسم «الشركة - النقابة - الشرقية والعامة المحدودة» وذلك في السادس من أغسطس (آب) 1920م، وسعى للحصول على امتيازات نفط المنطقة من حكامها، وبالفعل تمكن هولمز بجدِّه ومثابرته من الحصول على امتيازات للنفط في المنطقة، مضيفاً أن السلطان عبد العزيز آل سعود أدرك أن النفط المحتمل وجوده في باطن الأرض ربما هو السبيل لفك ضائقته المالية وتطوير مملكته الناشئة، فانتهز السلطان هذه الفرصة ودعا الميجور هولمز إلى زيارة الرياض في شهر أغسطس 1922م للتباحث حول امتياز النفط. وصل الميجور هولمز وكان برفقة الدكتور مان ممثل السلطان في لندن، وقدم هولمز مسودة امتياز المنطقة ليطلع عليها السلطان، كما واصل هولمز اتصالاته بالسلطان عبد العزيز، بغية الحصول منه على امتياز منطقة الأحساء، فقام بزيارة ثانية للسلطان عبد العزيز خلال انعقاد مؤتمر العقير في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 1922م.
وأشار ابن لعبون إلى أن أمنية هولمز تحققت وحصل على امتياز النفط في منطقة الأحساء في 6 مايو (أيار) 1923م، حيث حصلت «الشركة الشرقية والعامة المحدودة» من «عظمة سلطان نجد وتوابعها في بلاد العرب السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود» على خيار شامل لاستكشاف النفط وحقوق التعدين، وهي أول اتفاقية لاستكشاف النفط في الخليج العربي وشرقي جزيرة العرب، وقد باشرت «الشركة الشرقية والعامة المحدودة» تنفيذ اتفاقية الامتياز، فدفعت الإيجار السنوي، وبدأت بالإعداد لعمليات البحث ودراسة المنطقة جيولوجياً للتعرف على احتمالات وجود النفط.
ولفت العالم ابن لعبون إلى أول دراسة جيولوجية نفطية في البلاد الناشئة من خلال تقاعد هولمز مع الجيولوجي السويسري أرنولد هاي، لمسح جيولوجية المنطقة في شهر فبراير (شباط) 1924م؛ من خلال دراسة ميدانية جيولوجية لمنطقة امتياز الأحساء، وموافقة كل من السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والشيخ أحمد الجابر الصباح، على مسح المنطقة المحايدة (قبل منح امتيازها) وتقديم تقرير مكتوب عنهما، مشيراً إلى أن النتائج غير المشجعة لدراسة هايم، وبعد سنتين من توقيع الشركة على اتفاقية الامتياز، أدت إلى إخلال الشركة بالتزاماتها مع السلطان عبد العزيز، فأوقفت عمليات الاستكشاف، وتهربت من دفع التزاماتها المالية السنوية لثلاث سنوات لاحقة دون إشعار أو اعتذار، فقام السلطان بإنذارها ثم فسخ العقد معها، وخسر هولمز أثمن فرصة للتنقيب عن النفط في أغنى بقاعه في الأرض، وساءت علاقته بالملك عبد العزيز، وهذا ما ترك أثراً بليغاً في سمعة هولمز في المنطقة.
وذكر الدكتور ابن لعبون أنه وفي خضم هذه الأحداث أبدت شركة النفط الأميركية «ستاندرد أويل كومباني أوف كاليفورنيا» (سوكال)، وقبل شراء امتياز البحرين، اهتماماً بشرق جزيرة العرب، وبعد حصولها على امتياز البحرين سعت «سوكال» وبكل طاقتها للاتصال بالملك عبد العزيز من خلال أكثر من جهة بهدف السماح لجيولوجييها الموجودين في البحرين بالقيام بدراسة جيولوجية مبدئية للمنطقة الشرقية خصوصاً تلال الظهران التي تُشاهَد من البحرين، وما إن شاع خبر اكتشاف «سوكال» للنفط في البحرين حتى تبددت الصورة القائمة لاحتمالات وجود النفط في المنطقة، وأخذت شركات النفط العالمية، وأولاها الإنجليزية، تتهافت للحصول على امتيازات النفط في هذه المنطقة، فانهالت العروض على الملك عبد العزيز، ودخلت «سوكال» في مفاوضات مع المملكة واستمرت مفاوضات الامتياز لأكثر من ثلاثة أشهر، وعند اختتامها استجدت أمور شكّلت عقبات أمكن التغلب عليها عندما راجع مفاوض الحكومة -وزير المالية عبد الله السليمان الحمدان- الملك عبد العزيز للاستعانة برأيه فأمره بأن «توكل على الله ووَقّع»، فوقَّع ابن سليمان عن الملك عبد العزيز، ولويد هاملتون عن «سوكال» على اتفاقية الامتياز في 29 مايو 1933م. وكان التوقيع على اتفاقية الامتياز مع «سوكال» الأميركية بعد مضيّ عشر سنوات من عقد الامتياز الأول المبرم مع الشركة البريطانية، الشركة الشرقية والعامة المحدودة.
وبعد توقيع اتفاقية الامتياز والاتفاقية الخاصة التابعة لها من قبل كلٍّ من وزير المالية ومحامي شركة «سوكال» والمفوض عنها، أصدر الملك عبد العزيز مرسوماً ملكياً 7 يوليو (تموز) 1933م بالمصادقة على الاتفاقيتين والأمر بإنفاذهما اعتباراً من تاريخ نشر اتفاقية الامتياز في الجريدة الرسمية.
وبعد عمليات من العمل المتواصل وبذل الأموال الطائلة والحفر المتكرر استمرت نحو 15 شهراً، وجاءت النتائج مخيبة للآمال، انطلق المارد الأسود من مكمنه.
وأشار ابن لعبون إلى أن الشركة عندما تأكد لها اكتشافها للنفط وبكميات تجارية، بعثت إلى الملك عبد العزيز رسمياً بخبر اكتشاف النفط وإعلان إنتاجه تجارياً، وذلك في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1938م: «لقد اكتُشف النفط بكميات تجارية».
وقد قام الملك عبد العزيز بزيارة إلى المنطقة بعد مرور 5 سنوات على توقيع اتفاقية الامتياز، وتزامنت الزيارة مع تصدير أول شاحنة للنفط إلى الأسواق العالمية، وذلك في الأول من شهر مايو من عام 1939م.



«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.