قرر المغرب وموريتانيا إعادة الدفء إلى علاقتهما السياسية والاقتصادية بعد «أزمة صامتة» بين البلدين استمرت لسنوات، حيث أجرى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس في الرباط مباحثات مع وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وذلك بمناسبة زيارته الرسمية للمغرب التي دامت يومين.
ووصف العثماني العلاقات، التي تجمع المغرب وموريتانيا، أنها «قوية ومتينة»، مشيرا إلى وجود آفاق واعدة للتعاون بين البلدين، وإمكانية التنسيق في عدد من المجالات، منها الفلاحة والصيد البحري، وكذا تبادل التجارب في مجال التكوين المهني والتعليم العالي.
من جانبه، شدد وزير الخارجية الموريتاني على ضرورة تعزيز فرص التعاون الثنائي بين البلدين، والعمل على تقوية العلاقات الثنائية، والاستفادة من الروابط المشتركة الكثيرة التي تميزها. كما شدد ولد الشيخ خلال اللقاء، الذي حضره سفير موريتانيا بالرباط، على «وجود تفاعل إيجابي بين البلدين بشأن عدد من القضايا الأساسية»، مبرزا أن «الروابط الأخوية والتاريخية بين الجانبين تشكل عوامل داعمة لتعاون أرحب وأوسع في عدة مجالات».
وعرفت علاقة الرباط ونواكشوط توترا على خلفية موقف موريتانيا من نزاع الصحراء، فضلا عن تباين الرؤى بين البلدين في ملفات أخرى، لا سيما بشأن محاربة الإرهاب بالمنطقة.
وأجرى ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، مساء أول من أمس، مشاورات سياسية معمقة مع نظيره الموريتاني في بالرباط، شملت عددا من القضايا الثنائية والعربية والإقليمية والدولية، وسجلا تطابق وجهات النظر بشأنها، كما اتفقا على تنسيق المواقف على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية.
وبحث بوريطة وولد الشيخ أيضا وضعية اتحاد المغرب العربي، وشدّدا على أن «الاندماج المغاربي رهين بعلاقات ثنائية وطيدة بين دوله الخمس، باعتبار أن التعاون الثنائي هو الأساس المتين لأي عمل جهوي ناجح، مما يتطلب تعميق التشاور وتعزيز الحوار الثنائي البناء والجاد بين البلدان المغاربية، وذلك بهدف تجاوز الخلافات وتوسيع مجال التوافق خدمة للمصالح المشتركة».
كما جدد الوزيران إدانتهما الشديدة للإرهاب بمختلف أشكاله وتجلياته، وأكدا على ضرورة توطيد التعاون، وترسيخ الحوار وزيادة التنسيق الأمني بين البلدين لمكافحة هذه الآفة، وفق منهجية ناجعة ومقاربة شاملة واقعية واستباقية، تراعي التعاون في مجال معالجة الهشاشة الاجتماعية، وتحقيق التنمية المستدامة، إلى جانب دعم الحكامة الأمنية.
وخلال هذا اللقاء هنأ بوريطة موريتانيا على نجاح محطة الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجال التجاري والاقتصادي والأمني، ودعم مصالح جاليتي البلدين، وتحسين ظروف إقامتهما. كما أعرب الوزيران في لقاء صحافي عقب هذه المباحثات، عن ارتياحهما للدينامية الإيجابية التي تشهدها العلاقات بين البلدين، والتي توجت بتعيين سفير للمغرب بنواكشوط، وسفير لموريتانيا في الرباط، وتكثيف اللقاءات لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة على الجوار الجغرافي، وعلى روابط تاريخية قوية، ووشائج أخوية بين الشعبين، وعلى مصالح وتحديات يواجهها البلدان على المستوى المغاربي والقاري.
كما شدد بوريطة على أن هناك طموحا للارتقاء بالعلاقات الثنائية ذات البعد التاريخي والإنساني، وفقا لرؤية الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد عبد العزيز، ورغبة الشعبين المغربي والموريتاني. وأشار في هذا الصدد إلى أن اللقاء شكل مناسبة لبحث سبل تفعيل الآليات الثنائية، مثل اللجنة العليا المشتركة، التي لم تنعقد منذ 2013. إذ تم الاتفاق على أن تنعقد السنة المقبلة، وجعلها نوعية ونموذجية في أشغالها ونتائج أعمالها. بالإضافة إلى تفعيل آلية التنسيق والتشاور السياسي، باعتبارها آلية للتشاور والتنسيق حول القضايا والتحديات التي تواجه البلدين، وعلى مواصلة التنسيق المنتظم لإعطاء زخم أكبر للأواصر التي تربط البلدين. كما اتفق الجانبان على ضرورة انخراط مختلف الفاعلين، مثل البرلمانيين ورجال الأعمال، بشكل أكبر في الجهود الرامية إلى إغناء محتوى العلاقات بين البلدين.
من جهته، قال ولد الشيخ إن زيارته للمغرب تؤشر إلى «دينامية جديدة في العلاقات الثنائية، تجسدت بتعيين السفيرين، وتفعيل الآليات الثنائية»، مشددا على أن رؤية قائدي البلدين تقوم على طموح في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى، مضيفا أن «علاقات البلدين مقبلة على دينامية إيجابية ترتكز على مبادرات عملية وملموسة».
المغرب وموريتانيا يقرّران إعادة الدفء إلى علاقتهما السياسية والاقتصادية
العثماني أشار إلى وجود آفاق واعدة للتعاون والتنسيق
المغرب وموريتانيا يقرّران إعادة الدفء إلى علاقتهما السياسية والاقتصادية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة