كورنيش الإسكندرية نزهة البسطاء يقاوم البنايات الخرسانية

بني على 6 مراحل بين عامي 1925 و1934

انتقدت تقارير صحافية مصرية كثرة البنايات على شاطئ البحر(«الشرق الأوسط»)
انتقدت تقارير صحافية مصرية كثرة البنايات على شاطئ البحر(«الشرق الأوسط»)
TT

كورنيش الإسكندرية نزهة البسطاء يقاوم البنايات الخرسانية

انتقدت تقارير صحافية مصرية كثرة البنايات على شاطئ البحر(«الشرق الأوسط»)
انتقدت تقارير صحافية مصرية كثرة البنايات على شاطئ البحر(«الشرق الأوسط»)

كورنيش الإسكندرية... مسارٌ غير مستقيم، مثل أمواج البحر، يتمايل يميناً ويساراً كلما امتد أفقياً بطول المدينة التاريخية الكبيرة الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، عليه يجتمع كل فئات الشعب المصري، فهو ملتقى المحبين، ومقصد البسطاء والغلابة، وملاذ الأثرياء من راغبي تنفس اليود والهواء العليل، ووجهة الباحثين عن الرزق من الباعة الجائلين والصيادين. تغنّى به كبار المطربين المصريين والعرب، له نصيب كبير من الظهور على شاشات السينما الذهبية والمسلسلات الدرامية المصرية.
يعتز به أبناء مدينة الإسكندرية، ويعتبرونه ملاذاً آمناً للخروج من ضيق دوامة الحياة إلى فضاء البحر الساحر الذي يلامسهم، فالجلوس على مقاعده طقس متكرر، والمرور عليه رحلة ونزهة يومية من المنزل للعمل. تغنت به فيروز، وقالت: «شط إسكندرية يا شط الهوا... رحنا اسكندرية ورمانا الهوا»، لتخلده في وجدان ملايين العرب، وترسم له صورة مميزة، ارتبطت في أذهان الملايين، ليصح كورنيش شاطئ الإسكندرية واحداً من أبرز معالم مصر.
وتفرد مدينة الإسكندرية، التي تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة بنحو 200 كيلومتر شمالاً، لا يعود إلى أنها مدينة كوزموبوليتانية فقط، وأنها تجمع ثقافات مختلفة، ومكتبة متفردة في العالم، ولكن لكونها مدينة ساحلية تاريخية ساحرة، تأسر قلب كل زائريها ومواطنيها.
يقاوم الكورنيش الساحر، تطورات الزمن والبنايات الاستثمارية والنوادي والكافيهات الجديدة، ليحتفظ عبر أجزاء طويلة منه بمناظر متميزة لمياه البحر الزرقاء، التي تجتذب الزوار صيفاً وشتاءً. يضيق زواره بالكتل الخرسانية التي تحجب رؤية البحر عنهم، لكنهم يجدون بدائل أخرى لرؤية البحر عبر مساره الممتد من منطقة بحري (غرباً) وحتى أسوار حدائق قصر المتنزه الشهيرة (شرقاً) بطول نحو 12 كيلومتراً تقريباً. وانتقدوا في مناسبات عديدة كثرة بناء الأندية على الكورنيش الذي تحول إلى مزار سياحي يجذب المصطافين وزوار المدينة الساحلية من جميع دول العالم، حتى إن الأديب العالمي لورانس داريل قد كتب عن طريق الكورنيش في روايته الشهيرة «رباعية الإسكندرية».
ويرجع تاريخ بناء الكورنيش إلى عام 1925، حيث تم بناؤه على 6 مراحل، وفقاً لدليل مزارات الإسكندرية ومزاراتها السياحية، بدءاً في منطقة الميناء الشرقي الأثرية، وانتهت آخرها عام 1934، التي امتدت من ستانلي وحتى أسوار قصر المتنزه الملكي.
وشهد الكورنيش تطويراً مستمراً منذ بنائه، بحسب وصف الباحث الأثري حسام عبد الباسط مؤلف كتاب «وصف الإسكندرية»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «على مر تاريخ كورنيش الإسكندرية، منذ العهد الملكي، شهد الكورنيش أعمال بناء متكررة عليه لخدمة رواده، أبرزها كبائن الاستحمام بمنطقة ستانلي والمندرة ونادي السيارات، ففكرة البناء ليست مستحدثة».
ورغم حالة الجدل التي أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، في الآونة الأخيرة، حول حجب الرؤية عن رواد الكورنيش، فإن عدداً كبيراً من مواطني المدينة يعتبرون الصور التي تم تداولها غير دقيقة، وقالت مروة رشدي لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد جزء كبير من البحر متاح للعامة في أماكن متفرقة على طول طريق الكورنيش، ولا يمكن الاعتماد على الضجة المثارة على وسائل التواصل الاجتماعي فقط».
وأضافت: «يجب النظر للصورة كاملة، فبعض المنشآت الموجودة حالياً على البحر مفيدة للرواج السياحي والتجاري لتوفير فرص عمل لشباب المدينة». وتوافقت تصريحات مسؤولي المحافظة مع كلام مروة، حيث أكد المسؤولون أن أعمال البناء على الكورنيش تتم في مساحات محدودة، وتهدف لتعظيم الاستفادة الاقتصادية منه لصالح المواطنين، لكن لم تهدئ تلك التصريحات حالة الجدل وانتقادات بعض المواطنين الذين يضيقون بالبنايات الحديثة التي تحجب رؤية البحر عنهم، بجانب تحطيم أجزاء من الكورنيش الذي يتخذه بعض مواطني الإسكندرية مساراً يومياً لممارسة رياضة الجري والمشي.
في السياق نفسه، انتقدت تقارير صحافية مصرية كثرة البنايات على شاطئ البحر، ونقلت استياء غواصين يعملون في مراكز إنقاذ المصطافين من كثرة تلك الإنشاءات التي اتهموها بالتسبب في رفع منسوب المياه في بعض المناطق، وتغيير سحب الأمواج، بما يمثل خطورة كبيرة على المصيفين الذين لا يجيدون السباحة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».