مساعي غريفيث في صنعاء تصطدم بتعنت الحوثيين مجدداً

المبعوث الأممي أطلع قيادة الميليشيات على نتائج مشاوراته مع الشرعية

سيارات تصطف في طابور للحصول على وقود في صنعاء أمس في ظل اختلاق الحوثيين أزمة المشتقات النفطية (أ.ف.ب)
سيارات تصطف في طابور للحصول على وقود في صنعاء أمس في ظل اختلاق الحوثيين أزمة المشتقات النفطية (أ.ف.ب)
TT

مساعي غريفيث في صنعاء تصطدم بتعنت الحوثيين مجدداً

سيارات تصطف في طابور للحصول على وقود في صنعاء أمس في ظل اختلاق الحوثيين أزمة المشتقات النفطية (أ.ف.ب)
سيارات تصطف في طابور للحصول على وقود في صنعاء أمس في ظل اختلاق الحوثيين أزمة المشتقات النفطية (أ.ف.ب)

أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل عقد جولة جديدة من المشاورات اصطدمت من جديد بتعنت الميليشيات الحوثية التي تناور من أجل إطالة أمد الحرب وتتذرع بتداعيات الأوضاع الإنسانية.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء وفد الجماعة الحوثية وقادتها أبلغوا المبعوث الأممي عدم موافقتهم على حضور الجولة المقبلة من المشاورات التي يجري التحضير لها في جنيف إلا في حال تم تنفيذ مطالبهم وفي مقدمتها وقف العمليات العسكرية الحكومية المسنودة من التحالف الداعم للشرعية باتجاه الحديدة، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية، وضمان عودة وفدها إلى صنعاء عبر الطيران الذي تختاره الجماعة.
وكشفت المصادر أن وفد الميليشيات الحوثية طالب بتوفير ضمانات أممية إضافية لجهة تأمين سفر الوفد المفاوض وضمان عودة أعضائه كاملا، مع نقل العشرات من جرحى الجماعة وقادتها على متن الطائرة التي ستقل الوفد إلى الخارج.
وذكرت المصادر أن المبعوث الأممي التقى وزير خارجية حكومة الانقلاب هشام شرف وعددا من أعضاء وفد الجماعة التفاوضي، إضافة إلى لقائه رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية مهدي المشاط والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» صادق أمين أبوراس الذي تم تنصيبه رئيسا للحزب بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح تحت إشراف الميليشيات.
وتحاول الجماعة الحوثية - بحسب المصادر - الضغط على المبعوث الأممي لتلبية مطالبها في السعي لدى الحكومة الشرعية والتحالف الداعم للشرعية من أجل وقف العمليات العسكرية في الحديدة، أملاً في التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب صفوفها المتهاوية أمام زحف القوات الشرعية التي توشك على حسم المعركة بعد تطويقها للمدينة من أكثر من اتجاه.
ويسعى المبعوث الأممي إلى استدراج الجماعة الحوثية لحضور جولة المشاورات المقبلة التي يحضر لها في جنيف بعد أن كانت الجماعة أفشلت الجولة الأولى بسبب عدم حضور وفدها المفاوض لجهة مطالبها المتعنتة التي اشترطتها للحضور، ومنها نقل الوفد على متن طائرة عمانية إلى مسقط مع عشرات الجرحى والقيادات قبل التوجه إلى جنيف، شريطة ألا تخضع الطائرة للتفتيش أو تقوم الجماعة بتقديم لائحة بأسماء الشخصيات التي تستقل الطائرة.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية أملت على القيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» أن يؤكدوا خلال لقاء غريفيث على ذات المطالب التي تريد الجماعة من خلالها عرقلة مهام المبعوث الأممي وإفشال الجولة المقبلة من المشاورات.
وزعمت المصادر الحوثية أن غريفيث التقى وفد الجماعة برئاسة جلال الرويشان، نائب رئيس الوفد، وهو محسوب على حزب «المؤتمر الشعبي» وأن الأخير أعرب عن استيائه من عدم توفير وسيلة نقل آمنة للوفد إلى جنيف وضمان عودة أعضاء الوفد إلى صنعاء. وفيما أكد غريفيث، بحسب المصادر الحوثية، أنه لا يزال يؤمن بإمكانية استمرار العمل من أجل الوصول إلى تسوية وبناء ثقة بين الجماعة والحكومة الشرعية، أطلع الوفد الحوثي على نتائج مشاوراته مع وفد الشرعية بخصوص ملفات بناء الثقة. وتشمل هذه الملفات قضايا الأسرى والمختطفين، والوصول الإنساني للمساعدات الإنسانية، وفتح مطار صنعاء، ورواتب الموظفين الحكوميين.
وفي مسعى منها إلى الاستثمار في الجوانب الإنسانية، تعمدت الجماعة الحوثية، بحسب المصادر، إحداث أزمة وقود حادة في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي، لجهة محاولتها إقناعه بأن سبب الأزمة هي العمليات العسكرية في الحديدة، على الرغم من عدم توقف الميناء واستمراره في استقبال الشحنات البحرية المتنوعة.
إلى ذلك، أفادت المصادر الرسمية الموالية لقيادات «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، بأن غريفيث ونائبه معين شريم التقيا عددا من قيادات الحزب برئاسة صادق أمين أبوراس. وذكرت المصادر أن أبوراس حاول التركيز في حديثه على الجوانب الإنسانية لمحاولة التأثير على غريفيث، مستشهدا بأزمة الوقود الحادة التي افتعلتها الجماعة إلى جانب انخفاض سعر العملة الوطنية أمام العملات الأخرى.
وطالب أبوراس أن تكون قضية رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيات على رأس أولوية أي مشاورات يتم عقدها، إلى جانب مطالبته بتوفير ضمانات لسفر الوفد الحوثي وعودته إلى صنعاء، وكذا فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وهي ذات المطالب التي رددها قادة الميليشيات.
وكانت الميليشيات الحوثية أوقفت صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها منذ أكثر من عامين، متعللة بنقل الحكومة الشرعية البنك المركزي إلى عدن، على الرغم من وجود إيرادات مالية ضخمة تجنيها الجماعة وتسخرها للمجهود الحربي وإثراء قادتها عوضا عن دفع الرواتب. ورفضت الميليشيات عرضا أمميا سابقا بتسليم الحديدة ومينائها إلى الشرعية وتوريد الأموال المحصلة من المؤسسات الحكومية إلى البنك المركزي في عدن مقابل التزام الشرعية بصرف رواتب الموظفين كافة.
وتوقع مراقبون أن يلتقي غريفيث خلال الزيارة الحالية زعيم الميليشيات الحوثية، عبر دائرة تلفزيونية، ضمن مساعي المبعوث الدولي لانتزاع موافقة صريحة من عبد الملك الحوثي على حضور وفد الجماعة إلى جولة المشاورات التي يحضر لها مجددا في جنيف.
ويشكك غالبية المتابعين للشأن اليمني في جدية الجماعة الموالية لإيران في التوصل إلى حل ينهي الانقلاب على الشرعية بموجب القرارات الدولية ذات الصلة، خصوصا أنها لا تزال تواصل حشد المقاتلين والمجندين الجدد للزج بهم إلى جبهات القتال.
وسبق للجماعة أن ضيعت أكثر من فرصة خلال جولات التفاوض السابقة من أجل التوصل إلى حل سياسي على الرغم من التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة الشرعية من أجل طي صفحة الحرب واستعادة مؤسسات الدولة واستكمال المسار الانتقالي القائم بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وتتهم الحكومة الشرعية الجماعة الحوثية بأنها لا تملك قرارها، وأنها تتلقى تعليماتها من طهران تنفيذاً لأجندة إيران في المنطقة، فضلا عن تلقيها الأسلحة المهرّبة عبر مناطق سيطرتها على الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.