كيف تتخلص من مزعجي الإنترنت؟

التعليقات الإلكترونية ميدان واسع للنقاش والتنمر وتحريف الحقائق

كيف تتخلص من مزعجي الإنترنت؟
TT

كيف تتخلص من مزعجي الإنترنت؟

كيف تتخلص من مزعجي الإنترنت؟

التعليقات الإلكترونية، مسألة يتفق الجميع تقريبا على أنّه لا حلّ سهلا لها ولإزعاجاتها. وخلال العقد الفائت، تحوّل التعليق إلى أكثر من مجرد مربع أسفل مقال إلكتروني ومقاطع فيديو وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كـ«فيسبوك» و«تويتر»، فاتحا الباب أمام التنمّر العدواني، والتحرّش، وإمكانية نشر معلومات مغلوطة، غالبا ما تترتب عليها عواقب صعبة على أرض الواقع.
ويتناول المحللون الأميركيون هذه القضية بتمعن ويتساءلون؛ ماذا يظهر لنا هذا الأمر؟ ويجيبون أننا كمستخدمين لشبكة الإنترنت لا نملك القوة المطلوبة في مواجهة محتوى قد نجده مهينا أو مؤذيا على الشبكة، لأنّ شركات التقنية هنا هي التي تتحكّم بأوراق اللعبة.

- إغراءات واندفاعات
ترى زيزي باباتشاريسي، أستاذة التواصل في جامعة إلينوي – شيكاغو والمحاضرة المتخصصة في مواقع التواصل الاجتماعي، أنّه نظرا للاتجاه الذي تسير فيه الأمور، فقد نشعر أنّ ثقتنا بالإنترنت بدأت تتراجع حتى نفقدها أخيرا بالكامل كما حصل مع أخبار التلفاز. لماذا تصل تعليقات الإنترنت إلى هذه الدرجة من السوء؟ وكيف نحمي أنفسنا؟ على الرغم من غياب حلٍّ بسيط لهذه المعضلة، فتوجد بعض الإجراءات التي يمكننا أن نتخذها. لماذا يبلغ الناس هذه الدرجة من السوء عبر الإنترنت؟ كثيرة هي النظريات التي تتحدّث عن دور الإنترنت في استخراج السوء من بطون الناس، لذا تتجمع بعض المعلومات الموثوقة حول هذا الموضوع.
تقول باباتشاريسي، إنّها خلال السنوات العشرين التي أمضتها في البحث ومحاورة الناس حول السلوك الإلكتروني، توصّلت إلى خلاصة واحدة ثابتة أن الناس يستخدمون الشبكة ليحصلوا على مزيد مما لا يكتفون منه في حياتهم اليومية. لهذا السبب، ففي الوقت الذي تمّ فيه تطويع الناس للتأقلم اجتماعيا على مقاومة الاندفاع في العالم الحقيقي، فإنهم يستسلمون لإغراء التخلص من القيود على الإنترنت ويطلقون العنان لاندفاعهم.
وتضيف المحاضرة في وسائل التواصل الاجتماعي: «تحوّلت شبكة الإنترنت إلى وسيلة بسيطة تتيح لنا رفع الصوت في أمر معيّن للشعور بنوع من الرضا ولو أننا نعلم أننا في الحقيقة لصرخنا في الهواء».
هذا الأمر ليس بجديد طبعاً. فقبل الإنترنت، حمل الناس إحباطاتهم إلى البرامج الحوارية على التلفزيون والراديو، ولكنّ الإنترنت تمثّل بالنسبة لهم وسيلة أكثر انتشارا وأقلّ صرامة.
رأى دانيال ها، مؤسس «ديسكوس Disqus»، أداة شعبية للتعليق عبر الإنترنت يستخدمها كثير من المواقع، أنّ نوعية التعليقات تتغيّر بشكل كبير بحسب المحتوى المناقش والجمهور الذي يجذبه. إذ توجد مثلا مقاطع فيديو حول موضوعات متخصصة كالتغييرات والتحسينات المنزلية، تستدعي تعليقات بناءة من المتحمّسين. ولكن هناك مقاطع أخرى، كمقطع موسيقى مصوّرة لفنان مشهور أو مقال إخباري عام، يجذب الناس من جميع أنحاء العالم للتعليق، وهنا تبدأ الأمور بالخروج عن السيطرة.
وقال ها: «لديكم حشد كبير من الناس من جميع الاتجاهات الحياتية يجتمعون سوياً، ويتحدّثون بلغات مختلفة ومواقف مختلفة ويقولون أشياء... لا أكثر». قد يعود سوء التعليقات ببساطة إلى كون الأشخاص الذين يكتبونها سيئين. ولكنّ الأمر يعود أوّلا وأخيرا لمزودي المحتوى والمنصات التقنية التي يجب أنّ تضبط جمهورها وتضع القواعد والمعايير المطلوبة للنقاشات الحضارية.

- تعليقات مزيفة
ماذا عن التعليقات المزيفة؟ لطالما وظّفت شركات التقنية وسائل متنوعة لرصد التعليقات المزيفة من الروبوتات والمستخدمين المزعجين. مثلاً، تطلب منكم ما يعرف باختبارات «كابتشا Captcha tests»، أي الإجراءات الآلية الكاملة للتمييز بين الكومبيوترات والبشر (Completely Automated Procedures for Telling Computers and Humans Apart)، أن تطبعوا كلمة أو أن تختاروا صورة تعود لشيء محدد للتأكّد من أنّكم بشر ولستم روبوتاً. أمّا الوسائل الأخرى، كتحديد نوع الجهاز أو موقع كاتب التعليق، فيمكن استخدامها أيضا لكشف الروبوتات.
ولكنّ الباحثين المختصين بشؤون الأمن الإلكتروني فقد أثبتوا وجود حيل تبطل جميع هذه الوسائل. فقد أصبح بعض القراصنة الإلكترونيين اليوم أكثر ذكاء عند اختيار منهجيات عملهم. فعندما كانت هيئة الاتصالات الفيدرالية تحضّر لإبطال حيادية الإنترنت العام الماضي، تمّ نشر 22 مليون تعليق على موقعها بين أبريل (نيسان) 2017 وأكتوبر (تشرين الأول) 2017، حيث عبّر كثيرون فيها عن دعمهم لهذه الجهود.
استخدم عالم البيانات جيف كاو، خوارزمية ذكاء صناعي واكتشف أنّ 1.3 مليون تعليق منها كانت مزيفة ومنشورة من قبل روبوتات. فقد ظهرت تعليقات كثيرة شديدة الإقناع، بجمل متماسكة وطبيعية، ولكن اتّضح أنّ هناك تكرارات كثيرة للتعليقات نفسها، ولكن مع استبدال بعض الكلمات بمرادفات لها.
وقال كاو: «بدا الأمر كلعبة (ماد ليبس)، (لعبة ترتكز على تأليف الجمل واستبدال الكلمات). إذا قرأتم التعليقات كما هي، فسيصعب عليكم معرفة أنّ بعضها ينتمي إلى الصيغة نفسها. ولكن إذا رأيتم خوارزميات التعلّم الآلي هذه، فستتمكنون من قراءتها على شكل مجموعات». وقالت هيئة الاتصالات الفيدرالية في رسالة إنّها خططت لإعادة هندسة نظام التعليق لديها على ضوء التزييف الذي حصل.

- خطوات مضادة
ماذا يمكننا أن نفعل فيما يتعلّق بالتعليقات المزيفة؟ يوجد حلّ بسيط جداً؛ يمكنكم التبليغ عنها لدى مالك الموقع، الذي سيعمل على الأرجح على تحليل التعليقات المزيفة وإزالتها.
ومن ناحية أخرى، يفضّل ألا تأخذوا التعليقات الإلكترونية بمعانيها الحرفية الظاهرة. فقد قال كاو إنّ الدرس الذي تعلّمه كان ضرورة السعي دائما لرؤية التعليق من سياق أوسع. ونصح أيضا بالنظر إلى تاريخ المعلّق في منشورات أخرى، أو بالتحقق من صحة أي ادعاءات أو موافقات مريبة في مكان آخر على الشبكة.
أمّا بالنسبة للتعليقات العدائية الحقيقية، فيجب أن نعترف بأنّ المستخدم قليل الحيلة في محاربتها. فقد نشرت الشركات التقنية كـ«فيسبوك» و«يوتيوب» و«تويتر» قواعد إرشادية تحدّد أنواع التعليقات والمواد المسموح مناقشتها على مواقعها، ووفّرت أدوات يستطيع المستخدم من خلالها وسم المحتوى غير الملائم والتبليغ عنه.
أمّا بعد التبليغ عن تعليق مهين، فيعود الأمر تلقائيا للشركة؛ لتقرر ما إذا كان يهدّد سلامة المستخدم أو يخالف القانون. ولكن غالبا ما يكون المتحرشون على دراية تامة بدرجة العدائية التي يمكنهم بلوغها دون مخالفة القانون. تاريخياً، أبدت شركات التقنية تحفظا وتلوّنا فيما يتعلّق بحذف التعليق غير الملائم، وغالبا للحفاظ على مكانتها كمنصات حيادية حيث يستطيع الناس أن يعبّروا عن أنفسهم بحريّة عبرها.


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
TT

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)

عرضت شركة «غوغل»، الخميس، تطوّراتها في تكنولوجيا الواقع المختلط، مع إطلاقها نظام تشغيل جديداً لنظارات وخِوَذ الواقعَيْن الافتراضي والمعزَّز، وهو مجال حققت فيه «ميتا» و«أبل» تقدماً كبيراً.

وأطلقت الشركة الأميركية العملاقة «أندرويد إكس آر» المعادل لأجهزتها القائمة على نظام «أندوريد»، وهو نظامها لتشغيل الهواتف المهيمن إلى حد كبير على الهواتف الذكية في العالم، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت «غوغل»، في بيان: «سيُطلق نظام (أندرويد إكس آر) في مرحلة أولى على خِوَذ رأس تغيّر طريقة مشاهدتكم لمقاطع الفيديو، وكيفية عملكم واستكشافكم لمحيطكم».

ويُفترض نشر نظام التشغيل الذي ابتكرته «غوغل»، بالتعاون مع «سامسونغ»، على جهاز من تصنيع المجموعة الكورية الجنوبية، سُمي مؤقتاً بـ«بروجكت موهان»، وسيُباع في العام المقبل.

أما راهناً، فستوفر «غوغلاندرويد اكس آر» بهدف المعاينة للمطورين الراغبين في ابتكار تطبيقات وألعاب في الواقعين الافتراضي والمعزز.

وأكّدت «غوغل» أنّ «خوذ الرأس ستتيح لمستخدمها الانتقال بسهولة من الانغماس التام في بيئة افتراضية إلى الوجود في العالم الحقيقي».

وأشارت الشركة الأميركية إلى استخدامات عدة لها، كمشاهدة مقاطع فيديو أو صور تغطي مجال الرؤية بالكامل أو إظهار جسم ما على الكاميرا وإجراء بحث عبر الإنترنت، بفضل الذكاء الاصطناعي.

وأضافت: «يمكنكم ملء المساحة من حولكم بالتطبيقات والمحتوى، ومع (جيميناي)، المساعد القائم على الذكاء الاصطناعي، يمكنكم أيضاً إجراء محادثات بشأن ما ترونه، أو التحكم بأجهزتكم».

يُفترض أن يعمل «أندرويد إكس آر» أيضاً على نظارات الواقع المعزز التي سيكون «جيميناي» متاحاً باستمرار فيها «لتوفير معلومات مفيدة عندما يحتاج المستخدم إليها، مثل الترجمات أو ملخصات الرسائل، من دون الحاجة إلى استخدام الهاتف. كل شيء سيكون مرئياً أو مسموعاً».

تهيمن شركة «ميتا» حالياً على سوق الواقع المختلط من خلال خوذ «كويست» ونظارات «راي بان»، وكلتاهما تباع بأسعار معقولة مقارنة بخوذ «فيجن برو» من «أبل»، التي يبلغ سعرها 3500 دولار.

وقبل 10 سنوات، أطلقت «غوغل» نظارات «غوغل غلاس» المتصلة، التي لم تلقَ استحسان المستهلكين، مما دفع الشركة للتخلي عنها في النهاية.