البرلمان العراقي ينتخب الحلبوسي رئيساً بدعم من تحالف العامري «الحشدي»

منافسه وزير الدفاع السابق اتهمه بـ «شراء المنصب»

v
v
TT

البرلمان العراقي ينتخب الحلبوسي رئيساً بدعم من تحالف العامري «الحشدي»

v
v

بعد جدل لا يزال مستمرا بشأن دستورية عقد جلساته على إثر إخفاقه في اختيار رئيس له منذ عقده جلسته الأولى في الثالث من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري حسم البرلمان العراقي أمس أمره بانتخاب النائب الشاب محمد الحلبوسي (مواليد 1981 في محافظة الأنبار) رئيسا له.
الحلبوسي اكتسح 9 من منافسيه من النواب السنة انسحب 6 منهم (أحمد خلف الجبوري وطلال الزوبعي ومحمد تميم ورعد الدهلكي وأحمد عبد الله الجبوري ورشيد العزاوي) بينما بقي منافسا له حتى إعلان الفوز ثلاثة (أسامة النجيفي وخالد العبيدي ومحمد الخالدي). وحصل الحلبوسي الذي ينتمي إلى المحور الوطني ويتزعم تحالف الأنبار هويتنا على 169 صوتا من مجموع 251 نائبا مقابل حصول منافسه الأول خالد العبيدي، وزير الدفاع السابق، على 89 صوتا فيما حصل أسامة النجيفي رئيس البرلمان الأسبق على 19 صوتا بينما حصل محمد الخالدي على 4 أصوات.
وطبقا لمجريات جلسة البرلمان العراقي فإن فوز الحلبوسي جاء بدعم من كتلة (البناء) المشكلة من فصائل «الحشد الشعبي» ويتزعمها هادي العامري وتعد نفسها الكتلة الأكبر مقابل كتلة (الإصلاح والإعمار) التي تعد هي الأخرى نفسها هي الكتلة الأكبر.
وحسب مصدر عراقي مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن «انتخاب الحلبوسي حدد إلى حد كبير ملامح الكتلة الأكبر التي تمكنت من تمرير مرشحها لرئاسة البرلمان برغم عدم تصويت كتلة (سائرون) المدعومة من زعيم التيار الصدري له رغم الاتفاق المسبق بين السيد مقتدى الصدر وهادي العامري». وأضاف المصدر أنه «برغم تنصل سائرون عن دعم الحلبوسي لأسباب لا تزال غير معروفة فإن التعليمات صدرت إلى نواب كتلة البناء التي تضم تحالفي (الفتح) بزعامة هادي العامري و(دولة القانون) بزعامة نوري المالكي للتصويت لصالح مرشح (سائرون) حسن كريم الكعبي لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان والذي حصل على أكثر من 218 صوتا وهو ما لا يمكنه الحصول عليه لولا دعم (البناء) له في إشارة إلى الصدر بأن (البناء) لا تزال ملتزمة بالاتفاقات التي أبرمت معه».
وفجر حصول الحلبوسي على غالبية كبيرة خلافات سنية - سنية قسم منها صامت بانتظار ما يمكن أن تسفر عنه الأيام المقبلة وقسم منها معلن. ففيما عبر أثيل النجيفي، القيادي في تحالف القرار وشقيق أسامة النجيفي أحد منافسي الحلبوسي، عن رؤية واقعية في التعامل مع النتيجة فإن نوابا آخرين عبروا عن سخطهم لما حصل. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، يقول أثيل النجيفي إنه «أيا كانت النتيجة فإننا نحترم الخيار الذي ذهب إليه البرلمان عبر انتخاب رئاسته». وأضاف: «سنتعامل مع النتيجة بعقلية سياسية واعية حيث لا يزال الوقت مبكرا للحديث عن مديح أو انتقاد هذا الطرف أو ذاك بل ننتظر النتيجة لنتعرف بدقة على المرحلة الجديدة التي يمر بها العراق».
لكن النائب السابق مشعان الجبوري كتب على صفحته في «فيسبوك»: «أعزّي نفسي وكل العراقيين الذين ابتلاهم الله بطبقة سياسية لا تأبه بمصالح البلاد والعباد بتمكن شلة الفساد من إحكام قبضتها على أهم سلطات الدولة». أما النائب المنافس للحلبوسي، وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الذي يتزعم كتلة «بيارق الخير» المنضوية في ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، فقد اتهم الحلبوسي «بشراء منصب رئاسة البرلمان بـ30 مليون دولار» دون أن يفصح عن كيفية دفع هذا المبلغ الكبير.
في المقابل، أكد النائب محمد الكربولي، أمين عام حزب الحل الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان الجديد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحلبوسي تنافس على المنصب بشكل حر وعلى الهواء مباشرة وعبر جلسة مفتوحة وبالتالي فإن فوزه مستحق»، مبينا أن «كل الأطراف تقريبا دعمت فوزه سواء كانوا في كتلة البناء أو الإصلاح وكذلك الكرد والتركمان والمسيحيون وبالتالي هو الآن رئيس برلمان كل العراق». وأضاف الكربولي أن «الوقت حان للعمل والبناء الآن بعيدا عن أي إشكاليات هنا أوهناك».
في السياق نفسه، برر النائب المنسحب عن المنافسة أحمد الجبوري لـ«الشرق الأوسط» انسحابه «بعدم دعمي من قبل الكتلة التي أنتمي إليها وهي الإصلاح والإعمار رغم وقوفي معهم». وأضاف الجبوري «لذلك قررت الانسحاب من هذه الكتلة والانضمام إلى كتلة البناء لأنني أعتبر أن هذا هو مكاني الطبيعي».
وباكتمال هيئة رئاسة البرلمان فإن الباب أصبح مفتوحا أمام فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية فضلا عن تحديد ملامح الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الحكومة المقبلة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.