جامعتان أميركيتان تكرمان سعوديين غرقا خلال إنقاذ طفلين

والداهما لـ«الشرق الأوسط»: موقفهما البطولي يطفئ حزننا

جامعتان أميركيتان تكرمان سعوديين غرقا خلال إنقاذ طفلين
TT

جامعتان أميركيتان تكرمان سعوديين غرقا خلال إنقاذ طفلين

جامعتان أميركيتان تكرمان سعوديين غرقا خلال إنقاذ طفلين

لا يزال الموقف البطولي للمبتعثَين السعوديين جاسر آل راكة وذيب آل راكة اللذين لقيا حتفهما غرقاً خلال محاولتهما إنقاذ طفلين أميركيين من نهر شيكوبي في ولاية ماساتشوستس، يلقى صداه في المجتمع الأميركي. فبعد تسمية قاعات جامعية باسم جاسر وذيب تخليداً لهما، تستعد جامعة «western New England University» وجامعة «Hartford University» لإقامة احتفالين تكريميين للراحلين في مناسبة تشهد حضور عدد من المسؤولين السعوديين والأميركيين.
ويستعد والدا الطالبين وعدد من أفراد عائلتهما للتوجه إلى أميركا صباح اليوم لحضور حفلي التكريم.
وقال دهام جاسر آل راكة والد جاسر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، «نستعد للتوجه صباح غد (اليوم) إلى أميركا، بعد أن تلقينا دعوات من الجامعتين اللتين كان يدرسان فيهما ابني وابن شقيقي لحضور احتفالية تكريمهما، وأنهينا إجراءات الأوراق الرسمية».
وتابع: «لا شك أن فقدي ابني وابن شقيقي محزن كجانب طبيعي وإنساني، ولكن موقفهما البطولي الذي عرَّف بنبل وشجاعة أبناء المجتمع السعودي هو ما هون علينا، وهذا المواقف هي مواقف قادتنا وشعبنا».
فيما تحدث مانع جاسر آل راكة، والد ذيب، عن تضحية الطالبين السعوديين، موضحاً أن ابنه ذيب وابن شقيقه جاسر كانا متجهين في رحلة إلى نهر شيكوبي في ولاية ماساتشوستس، وأثناء جولتهما على النهر لاحظا تجمهر عدد من الأميركيين وسط استغاثة امرأة لإنقاذ طفليها اللذين يواجهان الموت غرفاً بسبب التيارات المائية القوية، فقاما بواجبهما الإنساني والمناط بهما، ولكن القدر لم يمهلهما، لافتاً إلى أن آخر تواصل بين الطالبين وأسرتيهما كان قبل يومين من وفاتهما.
وتطرق دهام آل راكة إلى أن جاسر (25 سنة) كان يدرس الهندسة المدنية في جامعة «نيوانجلاند»، في حين يدرس ذيب (27 سنة) أيضاً الهندسة المدنية في جامعة «هارتفورد»، وكانا على وشك التخرج، ولا سيما ذيب، ولم «نشاهدهما منذ قرابة 3 سنوات على أمل إكمال دراستهما الجامعية والعودة إلى الوطن».
يذكر أن موقف الراحلين أخذ بعداً كبيراً على المستويين الشعبي والرسمي الأميركي، إذ بعث الرئيس الأميركي دونالد ترمب برقية عزاء ومواساة إلى عائلتي الطالبين. وأعرب ترمب باسمه واسم الشعب الأميركي عن خالص تعازيه لعائلتي الطالبين السعوديين، منوهاً بالعمل الإنساني، وما قاما به في سبيل إنقاذ الطفلين، مبيناً أن عملهما النبيل لن ينسى.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».