عيد الفلاح المصري الـ66 يمضي بلا محتفلين

ملايين المزارعين يرتبطون بالأرض ويعانون التغيرات الحادة

مزارعون أثناء عملهم بمحصول الفراولة في محافظة القليوبية
مزارعون أثناء عملهم بمحصول الفراولة في محافظة القليوبية
TT

عيد الفلاح المصري الـ66 يمضي بلا محتفلين

مزارعون أثناء عملهم بمحصول الفراولة في محافظة القليوبية
مزارعون أثناء عملهم بمحصول الفراولة في محافظة القليوبية

يبدأ يومه عقب ظهور الخيط الأبيض كل صباح، ليسير بخطوات حثيثة، نحو وجهته الثابتة وعالمه الخاص... يتعثر في طريقه من الحشائش المتربة، وقطرات الندى، وقطع الطين، فيرفع ذيل جلبابه لأعلى، ويهمهم بكلمات وأدعية اعتاد على ذكرها منذ صغره: «يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم»... لا يخشى غشاوة الشبورة المائية، لكنه يغرس نفسه في الأرض غرسا، فهي تحب من يحبها، وتعطي من يعطيها.
مهامه محددة سلفا، قد يطهر المحصول اليوم من الحشائش الضارة، أو يجهز «ويعزق» الخطوط و«المصاطب» للري. وبينما ينحني صاحبنا في أرضه، محدقا في زرعته، تعكس أشعة الشمس صور نظرائه وجيرانه على صفحة الأراضي الفسيحة الخضراء، وهم يعملون مثله بتركيز وانسجام... مثل المصابيح يزينون لوحة طبيعية مليئة بالخير والثمار، يمدون بها الموظفين و«الأفندية» في المدن عند الحصاد. حياتهم هادئة، ورائقة، لا يعكر صفوها إلا ارتفاع أسعار التقاوي والأسمدة، والأيدي العاملة، وسعر التوريد الرسمي للمحاصيل.
وبينما تخصص مصر يوما في العام، للاحتفال بعيد الفلاح، يوم 9 سبتمبر (أيلول)، فإن الغالبية العظمى منهم يحتفلون بعيدهم وهم «يجمعون» القطن، أو يروُون الأرز، والذرة، وبقية المحاصيل الصيفية. ربما لا يدرون به أصلا، أو لديهم اهتمام لمتابعته، جل ما يعنيهم خدمة الأرض وتحقيق هامش ربح يعوض جهدهم وعرقهم، بعد بيع المحصول.
عيد الفلاح يحمل رقم 66، وتم تدشينه بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي، في 9 سبتمبر من عام 1952. مر هادئا دون احتفالات رسمية أو شعبية، فيما هنّأ خلاله الدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، جموع فلاحي مصر، بمناسبة الاحتفال بعيد الفلاح، قائلا: «إن وزارة الزراعة بكل أجهزتها وهيئاتها لا تدخر جهدا في سبيل النهوض بالفلاح المصري والتيسير عليه ورفع مستوى معيشته، والتواصل الدائم والمستمر معه في الحقول من أجل توعيته وإرشاده والتعرف على المشكلات التي تواجهه وحلها على الفور»، مشيرا إلى «حرصه على وصول الدعم إلى مستحقيه من المزارعين، ووعدهم بأنه سيتم ضبط منظومة توزيع الأسمدة لضمان حصول المزارعين كافة على مقرراتهم السمادية بسهولة، كذلك توفير كل مستلزمات الإنتاج المميزة بالجمعيات الزراعية من تقاوي محسنة ومبيدات وغيرها في سبيل الدعم المستمر للفلاح».
وأضاف أبو ستيت: «الفلاح المصري هو العمود الفقري للإنتاج، والاقتصاد القومي في مصر، وله دور مهم في تحقيق التنمية والأمن الغذائي».
الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الأبنودي صوّر الفلاح المصري الأصيل، في إحدى قصائده باللهجة العامية المصرية، قائلا: «يا مصر ابنك وابن الأرض علشانا - يفلق بفاسه الصخر ويزرعه جنه - لا بيطالبنا بمال ولا يحاسبنا - جلابية للي زارعها القطن والكتان - اللي بنا مصر كان في الأصل فلاحها -الأرض طبعا تموت لولا بيفلحها - من حبها تقوله اجرحني فيجرحها».
ويقول نقابيون فلاحيون إن عدد مزارعي البلاد يمثل نصف عدد السكان، ويساهمون بنسبة كبيرة في الناتج القومي، إذ تصدر بعض المنتجات الزراعية المصرية للخارج. لكن مع نهاية ثمانينات القرن الماضي، يعاني القطاع الزراعي في مصر من تدهور لافت، مع تدهور القطاع الصناعي وخاصة في مجال المنسوجات والأقمشة التي كانت تعتمد على القطن المصري طويل التيلة. وتم إغلاق عدد كبير من محالج القطن بمحافظات الجمهورية وسط دعوات من خبراء اقتصاديين وزراعيين بضرورة وضع خطة قومية للنهوض بالزراعة وإعادة هيكلة المصانع الحكومية الخاسرة.
السيد منصور، مزارع، بمركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة) يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفلاح المصري يدفع فاتورة الإصلاح الاقتصادي، بشكل مباشر، مع ارتفاع أسعار الوقود، ومستلزمات الإنتاج، ويتسبب ضعف توريد المحصول في زيادة أعبائه المادية».
وأضاف منصور: «الإعلام المصري نسي عيد الفلاح، ولم يسلط الضوء على مشكلاته بالشكل الأمثل هذا العام، بعدما غابت الاحتفالات الرسمية والشعبية، وبقي الفلاح في أرضه يكافح ارتفاع المبيدات والسماد والوقود». ولفت: «كان ينبغي أن تهتم القنوات الفضائية بعيدنا، وتعرض الأفلام والمسلسلات التي تهتم بالفلاح منذ أسبوع أو أكثر».
وقال منصور إن «عدم وجود استراتيجية ثابتة للزراعة في مصر، يؤثر على الفلاح، لأن كل وزير يدير شؤون الزراعة وفق رؤيته الشخصية، دون البناء على قرارات من سبقوه من وزراء الزراعة السابقين». وتابع: «الدولة لا تدعم الفلاحين بأي شيء، ولا تطبق هيئاتها الزراعية القوانين ولا تمد المزارعين باحتياجاتهم الضرورية من الأسمدة والتقاوي، وتتعامل بالأسعار الحرة».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.