يحتفل مجلس الأعمال السعودي الأميركي بمرور خمسة وعشرين عاما على إنشائه. وفي هذا الحوار يشرح إدوارد بيرتن الرئيس التنفيذي للمجلس التحديات والفرص لتعزيز التعاون والمشروعات والمجالات التي تهتم بها الشركات الأميركية والفرص التي توفرها مشروعات عملاقة مثل نيوم وبناء المفاعلات النووية والمشروعات السياحية وتحضيرات المجلس لعقد منتدى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مدينة لوس أنجليس بكاليفورنيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وجذب مزيد من الشركات للاستثمار والعمل في المملكة العربية السعودية.
> في الاحتفال بمرور 25 عاما على تأسيس مجلس الأعمال السعودي الأميركي في عام 1993 هل لك أن تسلط الضوء على ما قام به المجلس من إنجازات خلال تلك الفترة؟
- هذا المجلس نشأ من مستوى عميق من التعاون بين وزارة الخزانة الأميركية ووزارة المالية في المملكة العربية السعودية واللجنة الاقتصادية المشتركة التي تم تأسيسها في أواخر الثمانينات والتسعينات، وعمل وزيرا الخزانة والمالية في كل من واشنطن والرياض على تعزيز التنمية الاقتصادية والتعاون بين البلدين. وبعد فترة وجيزة من إنشاء اللجنة المشتركة كان هناك إدراك بأهمية إنشاء منظمة أعمال مشتركة تمثل الجانبين، وتهتم بمناقشة التعاون والعمليات بين الشركات والقضايا ذات الأهمية بالنسبة للجانبين وكيفية حل المشكلات والعراقيل وما يمكن القيام به على مستوى السياسات من البلدين في إطار العمليات التجارية الثنائية.
ومنذ البداية كانت المملكة العربية السعودية لديها خطط للتنمية الاقتصادية وتحديث اقتصادها وكان القطاع الخاص السعودي يدعم دائما التنمية الاقتصادية لحكومتهم. وقد بدأ مجلس الأعمال السعودي الأميركي في عام 1993 ومنذ تأسيسه كان له القدرة على التأثير في المشاركة الأميركية في السوق السعودية من حيث دعم المشروعات الحكومية الكبيرة وأيضا من حيث الدخول في علاقات تعاونية وتحالفات استراتيجية وشراكات مثمرة مع الشركات السعودية التي شهدت منذ ذلك الوقت نموا هائلا. ويقوم مجلس الأعمال بنشر المعلومات حول السوق السعودية وأيضا عن فرص الأعمال في السوق الأميركية ومساعدة الشركات الأميركية التي تدخل السوق السعودية والشركات السعودية التي تدخل السوق الأميركية.
> إذا كانت شركة أميركية ترغب في العمل والاستثمار في السعودية، أو شركة سعودية تريد دخول السوق الأميركية ما المنافع التي تحصل عليها من التواصل مع مجلس الأعمال السعودي الأميركي هنا في واشنطن وما الذي يقدمه المجلس؟
- إذا تحدثنا عن العلاقة التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة عن الحياة والعمل في الخليج لا سيما القيام بالأعمال التجارية وكيفية إدارة الأعمال. ولأن الاقتصاد الأميركي كبير فهناك شركات راضية عن حصتها في السوق الوطنية وربما تصدر إلى كندا أو المكسيك.
لكن عدد الشركات الأميركية التي تصدر للسوق العالمية صغير والأسواق الأخرى التي تتبادر للذهن هي أوروبا والمكسيك وكندا، لذا يتعلق عملنا بتثقيف مجتمع الأعمال الأميركي ككل وإعطاء النصيحة لما يمكن للمملكة السعودية تقديمه من مزايا تنافسية وتعريفات مواتية تشجع الشركات الأميركية للذهاب إلى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وإلى دول منطقة الشرق الأوسط في إطار الاتفاقات الثنائية التي أبرمتها السعودية مع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة إذا نظرنا إلى المملكة العربية السعودية جغرافيا كمركز لبيع المنتجات وتصديرها إلى أسواق أفريقيا وآسيا وأوروبا.
لذا فإن جزءا كبيرا من عملنا هو تثقيف الأميركيين عن مزايا وفوائد الدخول في السوق السعودية بالنسبة لهم، وتحليل أفضل أسلوب للعمل سواء عبر الدخول في تحالفات استراتيجية ومشاريع مشتركة مع شركات أو الاستحواذ عن حصص في شركات سعودية. وهناك الكثير من الجهات التي تقدم هذه الخدمة سواء القسم التجاري بالسفارة السعودية أو وزارة التجارة الأميركية وجميع المكاتب التجارية وغرفة التجارة الأميركية.
> ماذا عن الشركات الأميركية التي تعمل بالفعل في السعودية وتواجه بعض العقبات مثل التأخر في الحصول على مستحقاتها أو تواجه عراقيل لوجيستية؟
- العلاقات بين الشركات الأميركية والمملكة العربية السعودية بدأت في الثلاثينات من القرن الماضي. ووفق تقييم مجلة «فورتشن» لأكبر 500 شركة فإن مائة شركة من كبرى الشركات الأميركية تعمل في المملكة منذ ذلك التاريخ منذ عهد الرئيس الأميركي روزفلت، وتقوم بتوظيف سعوديين وجلب التكنولوجيات والمعدات الحديثة والدخول في شراكات مع القطاع الخاص والعام في عقود كبيرة للمشاريع. وتأتي لنا هذه الشركات من وقت لآخر للحديث عن بعض التحديات التي تواجهها، وهم يعرفون تاريخنا في التعامل مع كافة الهيئات السعودية والأميركية. فعلى سبيل المثال تطلب منا وزارة الخارجية الأميركية - حينما تعقد لقاءات اقتصادية مع النظراء السعوديين - معرفة آراء رجال الأعمال الأميركيين في بعض القضايا التي تخرج من اللقاءات والمنتديات الاستراتيجية التي تناقش الكثير من القضايا منها مثلا الملكية الفكرية وكيفية التعامل معها، والتغييرات في لوائح العمل في المملكة وتأثيرها على الشركات الأميركية إيجابا وسلبا، ونعالج أيضا قضايا لها أبعاد جيوسياسية لا أريد الخوض فيها. وفي النهاية نجمع تلك المعلومات ونسلمها للحكومة السعودية سواء ما يتعلق بشركة منفردة أو قضية جماعية تشغل بال قطاع من الشركات.
> ما هي التحديات الأكثر شيوعاً التي تواجه الشركات الأميركية بصفة عامة؟
- منذ عملي رئيسا لمجلس الأعمال منذ 12 عاما وقبلها كدبلوماسي في الرياض لثلاث سنوات فإن هناك قضية تظهر بشكل متكرر هي التحديات المتعلقة بعمليات التشغيل وعمليات الإنتاج والتصنيع وعمليات المشاريع المشتركة، وتواجه الشركات العملاقة والمتوسطة تحديات أيضا تتعلق بالعمالة والقضايا العمالية، وقد عملت الحكومة السعودية خلال العشرين عاما الماضية على تحسين قوانين العمل، وإفساح المجال للموظفين السعوديين المؤهلين واستبدال السعوديين ذوي المهارات بالعمال الأجانب.
وعندما نقارن الشركات الأميركية بمنافسيها من الشركات الأجنبية الأخرى في السوق السعودية نجد الأميركية تميل إلى الوفاء بالمتطلبات المتعلقة بعدد السعوديين العاملين بها. أما ما يتعلق بتحديات الملكية الفكرية فقد أخذت الحكومة السعودية على محمل الجد هذه القضية وتحسن الوضع جدا في مجال حقوق الملكية الفكرية. ولم يعد هناك أي صعوبات في النفاذ إلى السوق خاصة مع انضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة العالمية فقد كان هناك بعض الصناعات التي كانت مغلقة أمام الشركات الأجنبية بما يسمى القائمة السلبية لكن اليوم اختفت القائمة السلبية تقريبا وأصبح للشركات الأجنبية القدرة على الدخول في قطاعات والحصول على ملكية 100 في المائة.
وهناك بعض التحديات الفردية مثل التوزيع والخدمات اللوجيستية فالشركات الأميركية التي تقوم بتوزيع البضائع في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، يجب أن تنظر إلى السوق السعودية ليس فقط لأنها الأكبر من حيث عدد السكان - بعد مصر - في الشرق الأوسط وإنما لأنها سوق تحقق معدلات نمو جيدة جدا مقارنة بالبلدان الأخرى. وبعض الشركات تعتقد خطأ أن هناك احتكارا في قطاع النقل اللوجيستي وهنا لا بد من توفير المعلومات وتصحيح المفاهيم الخاطئة فالمملكة تعمل على تحرير الاقتصاد والانفتاح على المزيد من المنافسة الأجنبية والمزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر كما تقول رؤية 2030.
> كيف ترى الشركات الأميركية فرصها في ظل رؤية 2030 ومشروعات عملاقة مثل مشروعات بناء مفاعلات نووية ومشروعات مثل نيوم وغيرها وما دور المجلس في جذب مزيد من المستثمرين لتلك المشروعات؟
- الأمور تتحرك بشكل متزن، فالمملكة العربية السعودية كانت تعتمد في معظم اقتصادها على إنتاج النفط وبيعه، ولتحريك اقتصاد بحجم الاقتصادي السعودي الذي يعد من أكبر 20 اقتصادا في العالم (فهي البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين) فإنه يحتاج إلى التنويع وذلك لا يمكن أن يتم في ليلة وضحاها وإنما يتطلب سنوات من خلال وضع خطة من خلال أفضل المستشارين الذين يضعون الخطط لتقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد، وهذا هو جوهر رؤية 2030.
ومن المثير للإعجاب هو إصرار خادم الحرمين وسمو ولي العهد على وضع هذه الرؤية موضع التنفيذ. وقد رأيت حماس الكثير من الرؤساء والمديرين التنفيذيين لأكبر الشركات الأميركية للدخول بالسوق السعودية ووقعت الكثير من الاتفاقات. وأول زيارة خارجية للرئيس ترمب كانت للسعودية وهو تقدير لأهمية المملكة جيوسياسيا وتجاريا واقتصاديا. وبالنسبة لمشروع بناء مفاعلات نووية واستقدام التكنولوجيا النووية فإن الأمر يتطلب موافقة الكونغرس، ونحن نقوم بدورنا جنبا إلى جنب مع وزارة التجارة الأميركية ومعهد الطاقة النووية لإلقاء الضوء على أهمية دعم الشركات الأميركية في هذا القطاع أمام منافسة شركات أخرى فرنسية وكورية وروسية وغيرهم ممن يرغبون في جزء كبير من هذا المشروع. ونحن متفائلون أن نتمكن من توصيل الرسالة إلى الحكومة الأميركية بأهمية دعم الشركات الأميركية في هذا القطاع، وبناء المفاعلات التي تريد السعودية بناءها وهو ما يتماشى مع هدف إدارة الرئيس ترمب لخلق مزيد من فرص العمل وتعزيز العمل مع شركاء مهمين استراتيجيا مثل المملكة لعربية السعودية، ونخطط لأنشطة وفعاليات مع مسؤولين حكوميين للدفع بهذه المشروعات
> هناك الكثير من الجدل حول الطرح العام لشركة أرامكو والكثير من الاهتمام والترقب لإمكانات النمو في قطاع السياحة داخل المملكة فكيف ترى هذين المجالين؟
- طرح أرامكو للاكتتاب العام هو أمر تقرره السلطات السعودية، وليس لمجلس الأعمال السعودي الأميركي قرار فيه. وقد تم الإعلان عن مائة مليار دولار ستأتي بعد الطرح وبعد بيع 70 في المائة من شركة سابك إلى أرامكو. والأساس المنطقي للاكتتاب هو تعزيز أهداف رؤية 2030.
وقد قامت الحكومة السعودية بتخفيض الضرائب ووضع خطة لسد عجز الميزانية وخفض الدعم وسن ضريبة القيمة المضافة، وكل المستثمرين الأميركيين الذين نتحدث معهم لديهم ثقة كاملة في الاقتصاد السعودي، كما ضاعف صندوق النقد الدولي من توقعاته لمعدل النمو للمملكة من 1.2 في المائة إلى 2 في المائة. وقد شهدت بنفسي حماس الشركات الأميركية لمبادرة صندوق الاستثمار العام في أكتوبر الماضي، وستكون هناك زيارة أخرى في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر المقبل بمشاركة أكثر من 3800 مستثمر من جميع أنحاء العالم.
وفي نهاية الأمر فإنني أتحدى أن توجد شركة أميركية غادرت السوق السعودية بخيبة أمل أو باستياء لأن تجربة الشركات الأميركية في المملكة العربية السعودية كانت دائما رابحة وناجحة.
أما بالنسبة لمشروع نيوم فاستثمارات هذا المشروع تصل إلى 500 مليار دولار وهي مدينة المستقبل من حيث الاتصالات الرقمية والتخطيط، وسيشارك نظمي النصر المدير التنفيذي لمشروع نيوم في منتدى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي ينظمه المجلس في لوس أنجليس بداية شهر أكتوبر المقبل، وهو مجال ينمو في إطار رؤية 2030 وقد أمضينا عامين في إجراء دراسة حول بيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وبالنسبة للسياحة فإن المملكة تخطط للقيام بالكثير من المشروعات السياحية وبالنسبة للشركات الأميركية فإن هذا القطاع مبشر جدا وقد تزايدت مشروعات البنية التحتية للمشروعات السياحية وهناك تركيز من المملكة العربية السعودية على السياحة الدينية للأهمية التاريخية لشبه الجزيرة التي تعود إلى قرون وهناك الكثير من المجالات التاريخية والأماكن الأثرية التي يمكن الترويج السياحي لها وهو جانب من العمل الذي يمكن أن يقوم به مجلس الأعمال السعودي الأميركي.
إدوارد بيرتن: حماسة متزايدة للشركات الأميركية للعمل في السوق السعودية ضمن إطار رؤية 2030
الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي ـ الأميركي تحدث عن مجالات التعاون المتعددة بين الجانبين
إدوارد بيرتن: حماسة متزايدة للشركات الأميركية للعمل في السوق السعودية ضمن إطار رؤية 2030
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة