إضراب شلّ مناطق واسعة في نيكاراغوا للمطالبة بانتخابات مبكرة

محطة وقود مغلقة في ماناغوا (إ. ب. أ)
محطة وقود مغلقة في ماناغوا (إ. ب. أ)
TT

إضراب شلّ مناطق واسعة في نيكاراغوا للمطالبة بانتخابات مبكرة

محطة وقود مغلقة في ماناغوا (إ. ب. أ)
محطة وقود مغلقة في ماناغوا (إ. ب. أ)

شل إضراب للقطاع الخاص دعا إليه تحالف المعارضة في نيكاراغوا للمطالبة بالإفراج عن مئات "السجناء السياسيين" واستئناف الحوار مع حكومة الرئيس دانيال أورتيغا، أمس (الجمعة) العاصمة ماناغوا جزئيا.
ويشكل هذا الإضراب حلقة في سلسلة الأزمة السياسية التي تشهدها نيكاراغوا وقتل خلالها أكثر من 300 شخص منذ أبريل (أبريل).
وأغلقت معظم المتاجر البالغ عددها 20 ألفا في السوق الشرقي الأكثر شعبية والأكثر ازدحاما في ماناغوا، وبقيت الشوارع شبه مقفرة. وقالت غيدي آرياس (38 عاما) التي تعمل في التجارة في السوق إن "الإضراب أمر ممتاز. ندعم الشبان المسجونين والذين يتعرضون للتعذيب، ووهؤلاء لا يجوز أن يكونوا في السجن لمجرد أنهم تظاهروا".
والأمر نفسه حدث في محطات الوقود والمصارف والمراكز التجارية التي بقيت مغلقة في العاصمة، بينما لم تتوقف الخدمات والشركات الحكومية عن العمل.
وخارج العاصمة، لقيت دعوة المعارضة تجاوباً في منطقتي ليون في الغرب وماسايا في الجنوب حيث تعرض المعارضون لأقسى درجات القمع. وسجل تجاوب مع الإضراب في شمال البلاد وفي مرفأ سان خوان ديل سور السياحي.
ويؤكد "التحالف المدني للعدالة والديمقراطية" الذي يضم طلابا وشركات ومنظمات للمجتمع المدني ونقابات، أن "الحوار هو الطريق الوحيد" للخروج من الأزمة التي تهز البلاد. وقد أكد في دعوته إلى الإضراب ان "نيكاراغوا في حاجة ملحّة إلى مخرج سلمي من خلال الحوار". وأضاف: "نحن بحاجة إلى العيش بأمان دون اعتقالات وسجناء سياسيين وضطهاد".
والحوار الذي كان يُجرى برعاية الكنيسة الكاثوليكية بين الحكومة والمعارضة، متوقف منذ يونيو (حزيران) الماضي بسبب قمع التظاهرات ورفض الحكومة مناقشة تركيبة النظام. والمطلب الأول للمعارضة هو تقديم موعد الانتخابات التي يفترض أن تجرى في 2021، لتنظم في 2019.
وبدأت الأزمة في 18 ابريل (نيسان) الماضي بتظاهرات ضد مشروع إصلاح الضمان الاجتماعي الذي تخلت عنه الحكومة بعد ذلك. لكن التظاهرات استمرت للمطالبة برحيل أورتيغا.
وتتهم المعارضة دانيال أورتيغا (72 عاما) المقاتل السابق في حركة التمرد، بإقامة نظام حكم ديكتاتوري يسوده الفساد والمحسوبية، مع زوجته نائبة الرئيس روزاريو موريو. لكن أورتيغا يرد على المعارضة بالتأكيد أن سلطته نابعة من صناديق الاقتراع ويتّهم الولايات المتحدة بتدبير حركة التمرد.
وفي هذا الإطار، طردت حكومة نيكاراغوا الاسبوع الماضي بعثة للأمم المتحدة لحقوق الانسان بعد يومين على توجيه المنظمة الدولية انتقادات حادة إلى السلطات بسبب رد فعلها العنيف على الاحتجاجات.
وندّدت الأمم المتحدة بمجموعة واسعة من الانتهاكات الجسيمة بما في ذلك استخدام الشرطة للقوة بشكل مفرط، مما أدى في بعض الحالات إلى عمليات قتل خارج نطاق القانون وحالات اختفاء قسري واعتقال تعسّفي وتعذيب.
ورفض أورتيغا الاتهامات ووصف الأمم المتحدة بأنها "أداة لسياسات الإرهاب والأكاذيب والعار".
ويلاحق القضاء 300 شخص على الأقل لمشاركتهم في التظاهرات ضد الحكومة، بينهم 85 اتُّهموا "بالارهاب"، كما تقول المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».