واشنطن تحذّر موسكو وطهران من «عواقب وخيمة» للهجوم على إدلب

مخاوف دولية متصاعدة من «كارثة إنسانية»

هيلي خلال اجتماع لمجلس الأمن أول من أمس (أ.ف.ب)
هيلي خلال اجتماع لمجلس الأمن أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تحذّر موسكو وطهران من «عواقب وخيمة» للهجوم على إدلب

هيلي خلال اجتماع لمجلس الأمن أول من أمس (أ.ف.ب)
هيلي خلال اجتماع لمجلس الأمن أول من أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت الأصوات في مجلس الأمن محذرة من حصول كارثة إنسانية إذا مضت قوات النظام السوري في خططها لشن هجوم عسكري واسع النطاق على إدلب، ومن إمكان استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري في محاولة لتطويع هذه المنطقة التي يقيم فيها نحو ثلاثة ملايين شخص.
ووردت أبرز التحذيرات في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن على لسان رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة الأميركية نيكي هيلي التي أكدت أن «إيران وروسيا ستواجهان عواقب وخيمة» إذا استمرتا في التصعيد في سوريا. فيما نبه مندوبون آخرون من «حصول كارثة إنسانية جديدة» في إدلب تحديداً.
وخلال الجلسة، كرر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا موقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أن «أي استخدام للأسلحة الكيماوية أمر غير مقبول مطلقاً». وأشار إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية خلصت أكثر من مرة إلى أن «القاعدة ضد استخدام الأسلحة الكيماوية انتهكت مراراً في سوريا. هذا يجب ألا يحصل مرة أخرى». وشدد على أن «الغالبية الساحقة من المدنيين قتلوا في سوريا من جراء الهجمات العشوائية أو التي استهدفت في بعض الأحيان المدنيين بالأسلحة التقليدية، وهي أيضا مقيتة وغير مقبولة». وقال إن «كل الحديث الجاري عن هجوم يمكن أن يؤدي إلى (عاصفة كاملة) في إدلب يحصل تحديداً في وقت الحديث الجاد عن التقدم في اللجنة الدستورية، والرغبة في حض اللاجئين السوريين على العودة إلى بلدهم». هذه الأمور لا تتماشى مع بعضها. وقال: «إما أن نحاول إيجاد طريقة سياسية لإنهاء هذه الحرب والانتقال إلى سيناريو سياسي لمرحلة ما بعد الحرب، أو سنرى هذه الحرب تصل إلى مستويات جديدة من الرعب». وأكد أن عدد المدنيين في إدلب يصل إلى مليونين و900 ألف شخص، من النساء والأطباء والمزارعين، مؤكداً أن «هؤلاء ليسوا إرهابيين. بل ثلاثة ملايين مدني». وأبلغ مجلس الأمن أن «لديه أفكارا لفصل الإرهابيين عن المدنيين في إدلب» وأنه «سيكون سعيداً يتقاسمها معهم لتجنب أن تصير هذه أكبر مأساة إنسانية في نهاية النزاع الأفظع في ذاكرتنا».
وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله أن الهجوم العسكري على محافظة إدلب «سيكون كارثة»، داعياً كل الأطراف إلى «التزام باتفاق مناطق خفض التصعيد».
واعتبر المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر أن «الهجوم على إدلب خطر يهدد الجميع»، محذراً من «حصول كارثة إنسانية جديدة».
وذكرت المندوبة البريطانية كارين بيرس بأن الأمين العام «كان واضحاً في أن الاستخدام المنتظم للأسلحة العشوائية في المناطق المأهولة قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب. يجب أن نكون واضحين في ذلك». وشددت على أن «استخدام الأسلحة الكيماوية أمر مقيت»، مضيفة أن بلادها «تلتزم الاتفاقات الدولية التي وضعها المجتمع الدولي». واعتبرت أن «العالم أكثر فقراً لأن روسيا - وهي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن - لن تنضم إلينا في هذا المسعى تحديداً».
وقال المندوب الهولندي كاريل فان أوستروم إن «مكافحة الإرهاب ليست مبرراً للهجوم من دون تمييز أو بصورة غير متناسبة»، مؤكداً أن «مكافحة الإرهاب ليست مبرراً لمهاجمة المدنيين الأبرياء. ومحاربة الإرهاب ليست عذراً لإيجاد كارثة إنسانية».
وأفاد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا بأن «حملة الدعاية حيال إدلب صممت على سيناريوهات كانت استخدمت أثناء تحرير حلب والغوطة». وأضاف أنه «في تلك الأماكن، ثبت أن جميع التنبؤات المروعة كانت خاطئة، على عكس ما حصل في الرقة، التي دُمِرت عن بكرة أبيها بالقصف الذي قام به ما يسمى التحالف». ورأى أن «العواصم الغربية برئاسة واشنطن تجهد للحيلولة دون سقوط نظام يقوده المتطرفون التابعون لهم. لم يستغلوا نفوذهم لضمان النأي بالنفس. لديهم عوض ذلك خطط عدوانية جديدة يدبرونها عبر استفزازات الأسلحة الكيماوية». وقال: «يتركز الإرهابيون بأعداد كبيرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، مما يهدد الأمن الدولي والإقليمي»، مضيفاً أن «جبهة النصرة تسعى إلى الحفاظ على سيطرتها على الأرض». ولذلك فإن «تجميد» الوضع غير مقبول.
وحذرت المندوبة الأميركية نيكي هيلي من أن «هجوماً عسكرياً على إدلب سيضعف سوريا ويحطمها أكثر، ويوجد أجيال من السوريين الذين لن ينسوا أبدا الوحشية الجبانة والحمقاء لنظام الأسد وحلفائه». وأضافت أن «إيران وروسيا ستواجهان عواقب وخيمة إذا استمرتا في التصعيد في سوريا»، مشددة على أن «أي هجوم على إدلب ستعتبره واشنطن تصعيداً خطيراً». وأضافت أن «نظام الأسد خلف وراءه بلداً من الركام»، معتبرة أن «الفظائع التي ارتكبها الأسد ستكون وصمة دائمة في التاريخ». ورأت أنه «حين تقول روسيا ونظام الأسد إنهما يريدان مكافحة الإرهاب، فإنهما يعنيان في الحقيقة أنهما يريدان قصف المدارس والمستشفيات والمنازل»، لأنهما «يريدان معاقبة المدنيين الذين تجرأوا على الانتفاض ضد الأسد». وأكدت أن الولايات المتحدة لن تشارك في إعادة أعمار سوريا من دون التوصل إلى حل سياسي وفقاً للقرارات الدولية، وخصوصاً القرار 2254.
من جهته، أكد المندوب السوري بشار الجعفري أن حكومته «عازمة على مكافحة الإرهاب واجتثاثه واستعادة كل أراضيها وتحريرها من الإرهاب والاحتلال الأجنبي بكل أشكاله ومظاهره». وأضاف أن «أي تحرك تقوم به الحكومة السورية لطرد التنظيمات الإرهابية من إدلب هو حق سيادي مشروع تكفله مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق وقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتفاهمات آستانة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».