«شانيل» تعود قروناً إلى الوراء لتصوغ جمال الحاضر والمستقبل

«كوروماندل» مجموعة جواهر جديدة مستلهمة من «بارافانات» القرنين 17 و18

أحد وجوه سوار «ريكتو - فيرسو»  -  الوجه الثاني لسوار «ريكتو - فيرسو»
أحد وجوه سوار «ريكتو - فيرسو» - الوجه الثاني لسوار «ريكتو - فيرسو»
TT

«شانيل» تعود قروناً إلى الوراء لتصوغ جمال الحاضر والمستقبل

أحد وجوه سوار «ريكتو - فيرسو»  -  الوجه الثاني لسوار «ريكتو - فيرسو»
أحد وجوه سوار «ريكتو - فيرسو» - الوجه الثاني لسوار «ريكتو - فيرسو»

59 قطعة تشد الأنفاس، ولن تعرف للوهلة الأولى إن كانت قد صممت في بداية القرن العشرين أم في منتصفه بالنظر إلى تأثير «الأرت ديكو» عليها. لكن الحقيقة التي أدلت بها دار «شانيل» عند عرضها خلال أسبوع «هوت كوتير» في شهر يوليو (تموز) الماضي، أن خيوطها تعود إلى أبعد من ذلك بكثير. فقد استلهمتها الدار من القرنين 17 أو 18، وتحديداً من البارافانات التي كانت الآنسة كوكو شانيل تمتلك ما لا يقل عن 30 منها، وتستعملها في كل شقة تقطنها. ولا تزال شاهدة على حياتها في شقتها بفندق الريتز كما في شقتها بشارغ غامبون الشهير. كانت تستعملها إما لخلق مساحات جديدة أو لتعليق رسومات أصدقائها الفنانين، أو فقط للتيه في صورها الطبيعية التي تجسد غالباً طيوراً وأشجاراً ووروداً متفتحة وما شابه من صور رسمها حرفيون صينيون من الورنيش وزينوها بعرق اللؤلؤ. «أنا مثل حلزون، أحمل بيتي معي دائماً»، حسبما قالته لصديقها وكاتب سيرتها الذاتية كلود ديلاي.
الرسومات الفنية التي تجسدها هذه «البارافانات» وهوس المصممة بها، كانت التيمة والعنوان على حد سواء. فترجمة «كوروماندل»، عنوان المجموعة، تعني بارافان.
كما العادة، احترمت الدار التقنيات التي استعملت منذ قرون لكن بأسلوبها الباريسي الخاص. ورغم أنها لم تعتمد فيها على الأحجار الكريمة، رغم حضورها، فإنها ركزت على التصميم كشكل من أشكال الفن، مستعملة في صياغتها تقنيات نادرة والمواد القديمة نفسها التي استعملت في القرنين 17 و18، مثل الورنيش وعرق اللؤلؤ مع إضافة أحجار كريمة. وحتى تواكب العصر ومتطلبات امرأة معاصرة، ركزت على أدق التفاصيل فيما يتعلق بتزيينها من الوجه والظهر لتمكن صاحبتها من استعمالها بوجهين، مثل سوار عريض بالذهب الأبيض والأصفر رصته بأحجار صفراء من الماس إلى جانب السفير، وعندما يستعمل وجهه الثاني نراه بالورنيش والماس الأبيض. هناك أيضاً أقراط أذن تحمل اسم «مينرال» من الذهب الأصفر والبلاتين مع حبات من اللؤلؤ الماس والورنيش الأخضر على أرضية عرق اللؤلؤ.
ونظراً لعدد المجموعة السخي، قسمته الدار إلى 3 تيمات طبيعية حتى تتمكن من اللعب على كل ألوان الطيف وتمنح مصمميها الشرعية للتحليق بخيالهم. لكن في كل الحالات، كان كل من الورنيش وعرق اللؤلؤ بألوان الأخضر والأبيض، القاسم المشترك بينها، إلى جانب الماس الملون، والسفير الأزرق والوردي، والتورمالين الأخضر والتسافوريت والعقيق واللؤلؤ. وإذا كان تأثير الـ«كوروماندل» صارخاً في عدد لا يستهان به من التصاميم، خصوصاً تلك التي تجسد طيوراً بأجنحة مفروشة ووردة الكاميليا المرصعة بالماس وغيرها، فإن فن «الأرت ديكو» كان أيضاً بالقوة والتوهج نفسهما. فقد تجلى في عدد من التصاميم التي لا تقل إبهاراً. واحد منها خاتم باسم «شانيل فلور دو لاك» من الذهب الأبيض والأصفر يجسد وروداً ناعمة مصفوفة بحبات صغيرة من اللؤلؤ والماس، على أرضية من الورنيش الأسود وعرق اللؤلؤ.


مقالات ذات صلة

دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

لمسات الموضة أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)

دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

كان هناك إجماع بين الحضور على أن العرض استوفى كل مقومات الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة رغم توالي كثير من المصممين على «ديور» بعد وفاة مؤسسها فإنهم احترموا مبادئه وأفكاره (هيئة الترفيه)

معرض «كريستيان ديور... مصمم الأحلام» يحط الرحال في السعودية لأول مرة

يواصل معرض «كريستيان ديور: مُصمم الأحلام (Christian Dior: Designer of Dreams)»، الذي افتُتح في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في المتحف الوطني السعودي بمدينة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
لمسات الموضة من اقتراحات دار «توم فورد» (توم فورد)

«رمضان كريم» على بيوت الأزياء العالمية... يُنعشها اقتصادياً ويحفزها فنياً

بيوت الأزياء العالمية تحقق ما بين 20 إلى 30 في المائة من مبيعاتها السنوية في المنطقة خلال شهر رمضان الكريم

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تنوعت الألوان والطبعات... والشاعرية واحدة (أ.ف.ب)

تشكيلة «إرديم» لخريف وشتاء 2025 تستكشف الخيال بواقعية

استلهم المصمم إرديم موراليوغلو من التاريخ والأدب والفن أفكاراً وصوراً حوّلها إلى قطع فنية رسّخت مكانته بوصفه واحداً من أهم المصممين الشباب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

بين طقس متقلب ورغبة في بثّ طاقة إيجابية، انطلق «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025». رغم محاولاته، فإنه جاء هزيلاً وهو يقاوم وعكة ألمّت به منذ بضعة مواسم، ولم يتعافَ…

جميلة حلفيشي (لندن)

دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)
أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)
TT

دانييل لي يُقدم لـ«بيربري» أقوى «عرض» شهدته منذ سنوات

أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)
أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)

سيغادر أم لا يغادر؟ هذا هو السؤال الذي كان يدور في أوساط الموضة حول مصير المصمم دانييل لي في دار «بيربري»، حتى مساء الاثنين الماضي. أي قبل أن يقدم عرضاً كان مسك ختام أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025. بكل تفاصيله وبهاراته، بشَّر بأن «بيربري» استعادت السحر الذي افتقدته في المواسم الماضية، وأن كل ما يدور من شائعات لا يتعدى كونها كذلك. أو على الأقل هذا ما خرج الحضور وهم يتهامسون به. كان هناك إجماع بينهم على أن العرض استوفى كل مقومات الإبهار والإبداع، بدءاً من عدد النجوم الذين شاركوا في العرض على اختلاف مقاساتهم وأعمارهم، أو احتلوا المقاعد الأمامية، وصولاً إلى الأزياء والإكسسوارات التي تفتح النفس على كل ما له علاقة بالريف الإنجليزي، بما في ذلك الطقس المتقلب.

عاد المصمم في هذه التشكيلة إلى الجذور والأساسيات (بيربري)

أقيم العرض في متحف «تيت بريتان» Tate Britain الواقع على مسافة خطوات قليلة من المقر الرئيسي الجديد لـ«بيربري». بمعماره النيوكلاسيكي شكل خلفية رائعة لعرض كان بمثابة قصيدة شعر تتغزل بالجمال الطبيعي والتاريخي لبريطانيا، فاجأ به دانييل لي الجميع بأنه يتمتع بلمسة ميداسية قادرة على تحويل التراب ذهباً. مهارة ظهرت لديه عندما كان في دار «بوتيغا فينيتا» قبل أن يلتحق بـ«بيربري». هنا أيضاً تجلت هذه المهارة والقدرات في تشكيلة حرَّكت الحواس وأيقظت إرثاً اعتقد البعض أنه فقد صلاحيته في ظل التغيرات الاقتصادية والثقافية التي يمر بها العالم عموماً وبريطانيا خصوصاً.

كونه بريطاني المولد، يعرف دانييل جيداً أن «بيربري» جزء لا يتجزأ من الثقافة البريطانية. كانت دائماً تتوجه لكل الطبقات، المتوسطة والأرستقراطية على حد سواء. وعكتها في السنوات الأخيرة تطلبت منه بذل كل الجهد لحمايتها من دوائر الزمن. وهذا ما كان. جمع نجوماً بريطانيين مثل ريتشارد إي غرانت، وليزلي مانفيل، وإليزابيث ماكغوفرن وناعومي كامبل وغيرهم لمساعدته في تلميع صورتها. هؤلاء شاركوا في العرض وأضفوا عليه بريقاً بنكهة إنجليزية طريفة، بعد أن شاركوا في شهر أكتوبر الماضي في حملة ترويجية أطلقتها الدار بعنوان «إنه دائماً طقس (بيربري)».

أبدع دانييل لي مجموعة من المعاطف تنوعت تصاميمها وخاماتها بشكل مدهش (بيربري)

بيد أنه حتى من دون مشاركتهم، فإن الاقتراحات التي أبدعها دانييل لي كانت كافية لإعادتها إلى قواعدها سالمة غانمة وتذكيرنا بماضيها الغني. يمكن القول إن تشكيلته لخريف وشتاء 2025، كانت من بين أقوى التشكيلات التي تم تقديمها منذ رحيل المصمم البريطاني السابق كريستوفر بايلي في عام 2018 إلى الآن.

دانييل لي مثل بايلي، ابن البلد. فيه تربى ودرس وغاص في وحله واحتمى من مطره، كما يعرف جيداً مدى أهمية «بيربري» في المجتمع البريطاني وتأثيرها على ثقافته. لهذا كانت ورقته الرابحة في هذه التشكيلة العودة إلى الأساسيات التي بُنيت عليها الدار منذ أكثر من قرن من الزمن، وإحياء العلاقة الحميمة التي تربطها بالريف البريطاني وما يتخلله من فروسية ونزهات صيد وفخامة تطبع جدران وستائر ومفروشات بيوته وقصوره.

من كل هذه العناصر، استقى قطع أزياء وإكسسوارات تتعدى الفصول والمواسم. زاد عليها حبة مسك بتطريزها وضخها بتفاصيل مبتكرة عصرية ارتقت بها إلى مستوى جديد.

تكاثف البريطانيون نجوماً وعارضات لإضفاء البريق على دار متجذرة في الثقافة البريطانية (بيربري)

من بين الأقمشة المتنوعة التي استعملها، برزت الجلود الطبيعية والبروكار المخملي والصوف المنسوج بسماكة. الممثل ريتشارد إي غرانت، البالغ من العمر 67 عاماً، مثلاً ظهر على المنصة مرتدياً معطفاً من الصوف مزدوج الصدر، وكنزة بياقة عالية. حمل معه أيضاً قفازات جلدية ومظلة صفراء بنقشات «بيربري» المربعة؛ تحسباً لأي تقلبات جوية قد تداهمه.

تصاميم أخرى كثيرة اقترحها المصمم، استوحى بعضها من عالم الفروسية تشمل سترات وسراويل وغيرها، وبعضها الآخر من أجواء الريف الإنجليزي وحياة المدن بإيقاعها السريع؛ الأمر الذي يحتاج إلى قطعة تحمل صاحبها من النهار إلى المساء بسهولة، مثل معطف باللون الأرجواني ظهرت به ناعومي كامبل، البالغة من العمر 54 عاماً. جاء بتصميم مزدوج الياقة من قماش الجاكار تم تنسيقه مع تنورة متعددة الطبقات وحذاء أسود عالي الساق.

إلى جانب المعاطف التي كانت نجم العرض تألقت العارضات في فساتين بتفاصيل مميزة (بيربري)

هذه هي خامس تشكيلة يقدمها دانيال لـ«بيربري» منذ التحاقه بها في عام 2022، والثانية بعد أن تسلم جاشوا شولمان وظيفته رئيساً تنفيذياً. استراتيجية هذا الأخيرة كانت العودة إلى جذور الدار، أي إلى تلك العلاقة التي تربط تصاميمها بالهواء الطلق، إضافة إلى إعادة النظر في أسعارها، والتي تم رفعها بشكل كبير في عهد الرئيس التنفيذي السابق رغبة منه في الارتقاء بها إلى مصاف بيوت الأزياء العالمية الأوروبية. لكن ما يصلح في باريس وميلانو لا يصلح بالضرورة في بريطانيا. فهذه لها ذائقة مختلفة تماماً في كل شيء، بما في ذلك روح النكتة.

هذا ما استوعبته الدار في هذه التشكيلة. جاءت متنوعة تخاطب الطبقات المتوسطة والأرستقراطية على حد سواء، بألوانها التي تباينت بين درجات متنوعة من البني، والرمادي، والأخضر والعنابي، وأيضاً بخاماتها التي تبث الدفء في الجسم بمجرد النظر إليها.

فساتين السهرة كادت أن تسرق الأضواء من المعاطف المتنوعة (بيربري)

الجميل في المعاطف الصوفية مثلاً أنها على الرغم من أنها تبدو سميكة، فهي تنسدل على الجسم بشكل أنيق، والمعاطف الواقية من المطر مطبوعة بالجاكار ما يُدخلها مناسبات المساء من أوسع الأبواب، بينما صُنعت التايورات من البروكار المخملي وهلم جراً.

اللافت أيضاً، أن أزياء السهرة والمساء، التي لم تكن يوماً تُشكِّل قوة كبيرة للدار، نالت اهتمام المصمم. ضخها بجرعة عصرية أكسبتها جمالاً وجاذبية. غلبت عليها نغمة رومانسية خفيفة وتفاصيل عملية، كادت أن تسرق الأضواء من المعاطف التي كانت نجم العرض بلا منازع، خصوصاً المصنوعة من البروكار الدمشقي والمطرزة بالورود.