في معظم تشكيلاته السابقة، إن لم نقل كلها، استلهم المصمم إرديم موراليوغلو من التاريخ والأدب والفن أفكاراً وصوراً حوّلها إلى قطع فنية رسّخت مكانته بوصفه واحداً من أهم المصممين الشباب. كان الاستلهام من عظماء الماضي يمنحه فرصة لإطلاق العنان لخياله من دون قيد أو شرط. كان يتمسّك بهذه الحرية الإبداعية إلى حد التعَصُّب. الوضع تغيّر في تشكيلته لخريف وشتاء 2025. لأول مرة قرر التعاون مع فنانة معاصرة. ورغم ما يعنيه الأمر من تخلٍّ عن جزء من استقلاليته الفنية ومساحته الإبداعية تقبّل الأمر برحابة صدر.

فهناك خيوط تجمعه بالفنانة كاي دوناشي مثل أسلوبها الشاعري. فرسماته عبارة عن أفكار أكثر منها تجسيداً للواقع. اعترف إرديم قبل عرضه أنه تخوّف من فكرة التعاون مع الفنانة كاي دوناشي في بادئ الأمر، «فهذه أول مرة أتعاون فيها مع فنان معاصر لا يزال يعيش بيننا». لكن إعجابه بالفنانة الاسكوتلندية الأصل وصداقته بها ذوَّبا مخاوفه وجعلاه يدخل معها في شبه «رقصة فكرية»، حسب قوله، خطت فيها هي خطوات إلى عالمه بشاعرية، وتقرَّب هو منها بأخذه أشكال تطريزات من أعمالها وطبع بورتريهات بريشتها وضعها في أماكن بارزة من كل قطعة، ممّا أضفى عليها رومانسية فنية لا تُقاوم.

جدير بالذكر أن كاي دوناشي من بنات جيله. تخرجت في المعهد نفسه الذي تخرّج فيه، «رويال كوليدج أوف آرت»، إلا أنه تعرّف إليها وإلى أعمالها أكثر من خلال صديق مشترك. أعجب بها واشترى مجموعة منها، ثم طلب منها أن ترسم بورتريهاً لوالدته وهي في شبابها.
تطوّرت العلاقة والإعجاب، وكانت النتيجة هذا التعاون الذي أثمر فساتين ومعاطف بأحجام هندسية أضفت عليها تطريزاتها نعومة وأنوثة. فهي تظهر تارة على شكل بورتريهات من تحت طبقة من الأورغنزا بألوان مائية خفيفة، وتارة تأخذ أشكال ورود وأزهار مطبوعة على الحرير أو الجلود أو صوف المورينو.

كان المتحف البريطاني مسرحاً مناسباً لها، كونها تحاكي الفن من جهة والـ«هوت كوتور» من جهة ثانية. لكن المثير فيها أنها تؤكّد أن الحاضر لا يقلّ جمالاً وثراءً عن الماضي، وأن الفن يمكن أن يدخل الحياة اليومية بشكل سلس وأنيق.