المطبخ الألباني... بصل ومشاوي وبطيخ

يعتمد على 250 صنفاً من الأعشاب

المطبخ الألباني... بصل ومشاوي وبطيخ
TT

المطبخ الألباني... بصل ومشاوي وبطيخ

المطبخ الألباني... بصل ومشاوي وبطيخ

أصبحت الجالية الألبانية في بريطانيا وحدة من أكبر الجاليات الأجنبية والأوروبية الشرقية في البلاد خلال العقد الماضي، إذ وصل عدد الألبان إلى أكثر من 100 ألف شخص معظمهم في العاصمة لندن.
ويكثر الألبان في لندن في منطقة وودغرين وكامدن تاون شمال العاصمة ومنطقة باركينغ ومنطقة أونسلو ومنطقة وولويتش وسويس كوتيج وغيرها، ولهذا أيضاً كثرت المطاعم الألبانية في هذه المناطق ولندن بشكل عام إلى جانب المطاعم التركية، وبدأ الناس بالاهتمام التدريجي بهذا المطبخ المغمور الذي تأثر كثيرا بالمطابخ التركية واليونانية والبلقانية والإيطالية منذ مئات السنين. ومن المطاعم المعروفة حاليا مطاعم «بيزار باكهام» و«مانغاليمي».
وقد شهد هذا المطبخ اهتماما ملحوظا من الطباخين والنقاد والمهتمين بالطعام خلال السنوات القليلة الماضية، إذ أمضى الطباخ المعروف ريك ستاين عدة أسابيع هناك وأنتج واحداً من أكثر رحلات الطبخ الأجنبية إثارة منذ فترة طويلة.
يمكن القول إن الصفات الرئيسية للمطبخ الألباني إنه مطبخ عائلي، أي يتم تحضير وتناول الوجبات جماعيا وعائليا وإنه يعتمد على المازة كما هو الحال في المطابخ المتوسطية ويتصف بالكرم وتكثر فيه الأعشاب والمشاوي والفطائر.
بشكل عام يكثر الألبان تناول اللحوم، وخصوصا لحم الغنم على شكل مشاوي وفي اليخنات أكانت خاصة باللحم أم يخنات الخضار. كما يستخدم الألبان كثيرا بعد الغنم لحم الدجاج والبط ثم السمك ثم لحم بقر. وهناك ما لا يقل عن عشرين طبقا من أطباق اللحوم المعروفة في البلاد ومنها الكثير من أطباق المشاوي.
وفيما يستخدم الألبان الخبز بكثرة، تقل عندهم أطباق الخضراوات الرئيسية إذ ما استثنينا أطباق السلطات. وأهم مواصفات المطبخ الألباني هي احتواؤه على كثير من أنواع الفطائر المحشوة باللحم أو الخضراوات أو الجبنة. وتسمى هذه الفطائر بـ«البوريكس».
وعادة ما يكثر الألبان أيضا من استخدام الخضراوات مثل البندورة والكوسا والباذنجان والبصل الأخضر والبصل العادي والكراث والثوم والبطاطا والفلفل الحلو (البابريكا) والليمون الحامض ويلي ذلك الجزر والسبانخ والخس وورق العنب والفاصوليا والخيار وكثيرا من أنواع الفطر. أما من الفواكه فيحب الألبان البطيخ والعنب والخوخ والتوت والكرز والتين والتفاح والبرتقال والدراقن والمشمش والأفوكادو والكريز.
لا بد من الذكر هنا أن ألبانيا من أهم البلدان المنتجة للأعشاب في العالم وتضم ما لا يقل عن 250 نوعا من أنواع الأعشاب المستخدمة في الطبخ وللغايات الطبية وعلى رأسها الزعتر والمريمية والسالفا وإكليل الجبل ونبات أو زهرة الجانتيان التي يطلق عليها اسم العشبة المرة... كما يستخدم الألبان كثيرا الخرشوف والريحان والفلفل الحار والكزبرة والخزاما والمردقوش والأوريجانو والنعناع والبقدونس والزعفران والفانيليا وورق الغار.
بشكل عام يعتبر المطبخ الألباني من مطابخ حوض البحر الأبيض المتوسط التي تعتمد كثيرا على زيت الزيتون والحمص والقمح والسمك والخضراوات والفاكهة الطازجة والأعشاب. لكن هذا لا يعني أنه ليس مطبخا متنوعا، وأن أهله ليسوا لا يتمتعون بصفة الكرم والسخاء. من المعروف أن المطبخ الألباني ينقسم إلى ثلاثة أقسام أو ثلاث مناطق، المنطقة الأولى هي منطقة الشمال الجبلية، المطبخ في المنطقة الشمالية لديها أصل ريفي وساحلي وجبلية. اللحوم والأسماك والخضراوات هي أساسية لمطبخ المنطقة الشمالية. يستخدم الناس هناك أنواعاً كثيرة من المكونات، والتي تنمو عادة في المنطقة بما في ذلك البطاطا والجزر والذرة والفاصوليا والملفوف ولكن أيضا الكرز والجوز واللوز. يعد البصل والثوم من المكونات الهامة للمطبخ المحلي ويضاف إلى كل الأطباق تقريباً. ويقال إن ألبانيا ثاني أهم البلدان في العالم من ناحية استهلاك البصل.
هناك ثلاث مطابخ رئيسية في ألبانيا من الناحية الجغرافية، ففي المناطق الشمالية التي تضم مناطق جبلية وساحلي وريفية مختلفة، يكثر استخدام السمك ولحم الغنم والخضراوات وعلى رأس المكونات التي تحتويها الأطباق هي الثوم والبصل والبطاطا والفاصوليا والملفوف والجزر والذرة ومن الفاكهة الكرز واللوز والجوز.
أما في الجنوب الذي ينقسم إلى مناطق ساحلية ومناطق ريفية زراعية فيكثر استخدام الألبان والأجبان والحمضيات وزيت الزيتون والسمك.
المناطق الوسطى ذات الطابع المتوسطي والتي تضم أيضا مناطق شاسعة ريفية وجبلية وساحلية، مناطق غنية من النواحي الطبيعية والنباتية والتنوع البيولوجي ومن نواحي الأطباق والأطعمة التي تنتجها. وتضم هذه الأطباق الكثير من أطباق السمك واللحوم والخضراوات والحلويات.
وعلى الصعيد البحري تشير المعلومات المتوفرة إلى أن المدن الساحلية كسراندا القريبة من جزيرة كورفو اليونانية وفولوري ودوريس ودومين وسبيلي وشينغجين وغيرها تشتهر بأطباق السمك المحلي المتعددة، ويكثر سكان المناطق الساحلية من استخدام أسماك السلمون المرقط والتراوت والإخطبوط والحبار والبوري الأحمر وذئب البحر المعروف بـ«السي باس» وسمك الإبراميس وسمك القد والشبوط والسلطان إبراهيم والحنكليس. وتكثر أطباق هذه الأنواع الأخيرة مطبوخة بالفرن مع الثوم وزيت الزيتون.
من الأطباق المعروفة جدا في ألبانيا طبق تافي كوسي المعروف بتركيا بطبق إلباسان تافا على اسم المدينة الألبانية إلباسان. ويعتبر هذا الطبق من الأطباق الوطنية الرئيسية ويتكون من لحم الضأن أو الدجاج أحيانا واللبن والبيض والأرز والطحين.
طبق الكيبابا، الذي يشمل قطع اللحم وقطع النقانق الصغيرة والمصنوعة من لحم الغنم أو لحم البقر. وعادة ما تؤكل إلى جانب اللبن والبصل وخبز البيتا المعروف بـ«البتالكا».
ومن الأطباق الجبلية التقليدية طبق جولاش الهنغاري الأصلي، ويحتوي هذا الطبق عادة على يخنة اللحم مع البابريكا. ولا بد من ذكر طبق الباجي الشتوي أيضا، وهو محضر من لحم رأس الغنم أو البقر المطبوخ بالثوم والبصل والفلفل الأسود والخل.
أضف إلى ذلك طبق الـ«كوفتة» وهو عبارة عن كرات اللحم المقلية والمحضرة من اللحم المفروم المطبوخة بصلصة البندورة والأعشاب والخضراوات. وهناك مطاعم خاصة في ألبانيا بهذا النوع من الأطباق المعروفة والمحبوبة جدا.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك المستهلك يمكنه تجنب فقدان العناصر الغذائية والنكهة عن طريق اختيار لحوم البقر والدجاج المجمدة (رويترز)

6 أطعمة من الأفضل تناولها مجمدة وغير طازجة

خبيرة التغذية البريطانية ريانون لامبرت، كشفت هذا الأسبوع عن أن وجهة نظرنا السلبية تجاه الأطعمة المجمدة قد تحرمنا عناصر غذائية قيّمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العناصر الغذائية الدقيقة تؤدي أدواراً بالغة الأهمية في وظائف الخلايا والمناعة (رويترز)

7 عناصر غذائية أساسية لا نتناول ما يكفي منها

أكثر من 5 مليارات شخص لا يستهلكون ما يكفي من اليود أو فيتامين «E» أو الكالسيوم... وأكثر من 4 مليارات شخص لا يتناولون كمية كافية من الحديد والريبوفلافين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سمكة السمّ القاتل (أ.ف.ب)

طفلة يابانية تصبح أصغر المؤهَّلين لإعداد سمكة سامّة تُهدِّد بالموت

أصبحت يابانية، تبلغ العاشرة، أصغر شخص يحصل على تصريح لإعداد سمكة «فوغو» المنتفخة؛ وهي من الأطعمة الشهية التي قد تقتل الإنسان إذا لم تُزَل أجزاؤها السامّة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
TT

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

«لحمة وعليها خلطة خاصة»؛ جملة سينمائية وردت على لسان بطل فيلم «خلي الدماغ صاحي»، الفنان المصري مصطفى شعبان، مُحدثاً بها مرافقه «العفريت»، شارحاً له مكونات ساندويتش الحواوشي.

وكما تروي أحداث الفيلم، فبعدما راق الساندويتش لـ«العفريت»، حاول أن يعده بنفسه، ورغم اجتهاده فإنه لم يتمكن من إتقانه، لأنه برأيه ثمة «تكة» ناقصة، و«التكة» هي «التكنيك» الخاص في لغة المصريين الدارجة.

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

ولا تزال تلك «التكة» هي الرهان الذي يحجز بها ساندويتش الحواوشي موقعه المميز بين المأكولات الشعبية المصرية، ورغم أنه مكون في الأساس من اللحم، مرتفع الثمن، فإن ذلك لم يمنع هذا الرغيف من الحضور على مائدة الفقير والغني، غير متأثر بزيادات الأسعار، فإذا كان في جيبك 10 جنيهات فقط (الدولار يساوي 48.45 جنيه مصري بالبنوك) ويمكنك شراؤه والتهامه سريعاً.

أينما حللت في مصر يصادفك رغيف الحواوشي، فمع التجول في الحارات والمناطق الشعبية تتسلل الروائح الشهية من أفران طهيه، أو تتطاير أدخنة شوائه فوق الفحم المشتعل، فيميزه عشاقه، ويجدونه بتلك الجنيهات البسيطة، بينما يزيد ثمنه جنيهاً وراء آخر كلما اتجهوا ناحية المناطق الراقية والمطاعم الفاخرة التي تتخصص في طهيه، حيث يتخطى ثمنه 200 جنيه.

ساندويتش الحواوشي له مكانة خاصة في مصر (حواوشي الرفاعي)

بين هذه المنطقة وتلك، ما عليك إلا أن تغمض عينيك، وأن تلتهمه لمزيد من الاستمتاع بنكهته، من دون التفكير بسعر كيلوغرام اللحم الذي يصل إلى 450 جنيهاً، فكيف يحافظ رغيف الحواوشي على صموده، وكيف تختلف مكوناته بحسب سعره والمكان الذي يقدمه؟

في سوق المنيرة الشعبية بوسط القاهرة، وداخل مطعم «الأمير»، المتخصص في بيع الحواوشي والفطائر، يقول نور الدين أنور، أحد العاملين: «نبيع الرغيف بـ10 جنيهات فقط، ونعتمد على اللحوم المستوردة، التي تكون أرخص من نظيرتها المصرية، فنجلبها من أحد المصانع، ونخلطها مع البصل والفلفل الأخضر، وتكون بكمية أكبر من اللحم بالطبع، حتى تعطي كمية حشو تناسب حجم الرغيف».

«مع ارتفاع سعر اللحوم، وكذلك البصل مؤخراً، أصبحت الدهون مكوناً أساسياً حالياً في خلطة الرغيف، التي تكاد تصل إلى نصف كمية الخلطة»، بحسب ما يضيف أنور لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى اللجوء لتقليل حجم الرغيف كثيراً للمحافظة على الثمن بما يناسب الزبائن.

يقطع حديثنا مع العامل أحد الزبائن، الذي جاء لشراء رغيفين من الحواوشي، والذي تداخل في الحديث، مُبيناً أنه زبون دائم التردد على المطعم منذ 3 سنوات لشراء الحواوشي، الذي وصفه بـ«أحلى رغيف بسعر خفيف»، لافتاً إلى أن «الرغيف قبل سنوات كان يباع بـ5 جنيهات»، مؤكداً أن المطعم يحافظ على جودة الساندويتش رغم غلاء اللحوم.

مطاعم الحواوشي تخلق توازناً بين المذاق والثمن (الشيف خالد عبد الفتاح)

في أحياء أخرى من القاهرة، تلمع مطاعم بعينها في تقديم الحواوشي، بعد أن صنعت لنفسها علامة مميزة في صناعة الرغيف الشعبي، من أبرزها مطعم «الرفاعي»، الذي يعد أشهر مطاعم الحواوشي في مصر منذ تأسيسه عام 1969، حيث تنتشر فروعه في أنحاء القاهرة.

«سر المذاق يكمن في الخلطة» وفق محمد يسري، مدير التسويق بالمطعم، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أن «حفاظ حواوشي (الرفاعي) على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة يعود إلى عدة أسباب. أبرزها المهنية في إعداد الخلطة داخل الرغيف، وضبط نسب التوابل فيها، لأن الغرام الواحد يغّير في الطعم».

وأضاف: «المسألة ليس كما يتصور البعض وضع كمية من اللحم في رغيف الخبز، وانتهاء الأمر على ذلك، فهذه التوابل هي التي تميز مطعماً عن آخر، وهو ما يتحقق لدينا بأيدي شيفات متخصصين، قادرين على إعداد كميات كبيرة بنفس المذاق الثابت».

كما يوضح أن «الجودة تتحقق أيضاً من خلال فرم اللحم المستخدم مرتين، وليس مرة واحدة، ليصبح ناعماً، مع التوازن بين المكونات الأخرى من بصل وفلفل وطماطم دون زيادة مكون عن آخر، مثلما يفعل كثير من المطاعم الأخرى، بهدف تقليل ثمن الحواوشي على حساب الجودة».

ويلفت «يسري» إلى أن «رغيف الحواوشي يعد من أرخص الوجبات، فالرغيف التقليدي يباع داخل المطعم بـ65 جنيهاً، ويتدرج السعر حسب الإضافات والابتكارات فيه، ليبلغ أعلاها 115 جنيهاً، وبالتالي هي أسعار تناسب الفئات الاجتماعية كافة، رغم أن اللحم هو المكون الرئيسي للرغيف».

ساندوتش الحواوشي حافظ على وجوده غير متأثر بزيادات الأسعار (حواوشي الرفاعي)

ما بين خلطتي المطعمين، المغمور والمشهور، يوضح الشيف خالد عبد الفتاح، عضو جمعية الطهاة المصريين، أن أصحاب مطاعم الحواوشي يشغلهم دائماً التوازن بين مذاق الساندويتش وسعره، لذلك يزيدون خلطة الحشو للحفاظ على هذه المعادلة، بزيادة الخضراوات والتوابل والشطة بشكل كبير، مع التقليل من كمية اللحم، الذي يكون مستورداً في الغالب لكونه رخيصاً نسبياً.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تلجأ بعض المطاعم أو مفارم اللحوم إلى إضافة بدائل اللحوم، مثل فول الصويا أو البقسماط المطحون إلى اللحم المفروم لزيادة كميته، وحشو عدد كبير من الأرغفة، مع إضافة كمية من الدهون حتى يكتسب الساندويتش المذاق المطلوب».

وأمام الظروف الاقتصادية التي يعاني منها كثيرون، وارتفاع سعر اللحوم، يلفت الشيف خالد إلى أنه وجد حلاً مبتكراً لساندويتش الحواوشي التقليدي، حيث قام باستخدام «الباذنجان» بدلاً من اللحوم في الخلطة، مع إضافة بعض البهارات وقليل من دهن الضأن، ومع اختبار الساندويتش المبتكر، وفق قوله، نال رضا من تذوقه، بل لم يلحظ غياب اللحوم عنه، مبيناً أنه اختار الباذنجان تحديداً لفوائده الصحية المتعددة، ولأنه مرغوب من غالبية الزبائن.