مع انتهاء التحضيرات لإطلاق أضخم مناورات عسكرية روسية في البحر المتوسط بدءاً من اليوم ولمدة أسبوع، برزت تحذيرات من جهات دولية، ودعوات أميركية للروس بالتزام معايير السلامة في المياه الدولية. وأشارت نشرة دولية إلى تحذير الطائرات والسفن بأن الأساطيل الروسية ستغلق «اعتباراً من مساء الجمعة منطقة المياه الدولية في البحر المتوسط عشية مناورات واسعة النطاق في المنطقة».
وأوضحت أن تنفيذ مجموعة السفن الحربية الروسية رمايات صاروخية ومدفعية تدريبية في المنطقة بمشاركة عشرات المقاتلات والطائرات من الطرازات المختلفة سوف يسفر عن إغلاق منطقة تم تحديد إحداثياتها في المياه الدولية على مقربة من الحدود البحرية السورية. وزادت، أنه سيمنع فيها تحليق الطائرات المدنية ومرور السفن اعتباراً من الساعة السادسة من مساء الجمعة بتوقيت دمشق.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت عن إجراء أوسع مناورات في هذه المنطقة تبدأ صباح اليوم (السبت)، وتستمر حتى الثامن من الشهر الحالي. ووفقاً لبيانات الوزارة، تشارك في التدريبات سفن حربية وسفن إمداد، بقيادة الطراد الصاروخي «المارشال أوستينوف»، وطائرات حربية مقاتلة وقاذفة واستراتيجية.
ونقل المكتب الصحافي لوزارة الدفاع الروسية، عن الأميرال فلاديمير كوروليوف، قائد القوات البحرية الروسية «ستشارك في المناورات، سفن تابعة لأساطيل، البحر الأسود والشمال وبحر البلطيق وقزوين، وعدد من القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى».
وزاد، أن العدد الإجمالي للقطع المشاركة، 26 سفينة، وغواصتان و34 طائرة، وستخوض المناورات حاملات الصواريخ الاستراتيجية «توبوليف - 160» وطائرات مكافحة الغواصات «توبوليف - 142» و«إيليوشين - 38»، إضافة إلى مقاتلات «سوخوي - 33» و«سوخوي - 30».
وفي أول رد فعل من جانب وزارة الدفاع الأميركية، أعربت عن أمل في أن تتقيد السفن الروسية المشاركة في المناورات شرق المتوسط بمعايير السلامة والمهنية، وأن تراعي الأعراف المتبعة في مثل هذه المناورات.
وقال الناطق الإعلامي في وزارة الدفاع (بنتاغون) إيريك بيهون «نعلم بالتقارير الإعلامية المتعلقة بالتدريبات البحرية الروسية في شرق المتوسط. وتتواجد السفن الحربية الأميركية بشكل تقليدي في هذا البحر، وكذلك على الطرق البحرية في العالم، ونحن كأي دولة أخرى، نعمل بحرية في المياه الدولية. وبالتالي، فإننا نأمل في أن تتصرف السفن الروسية في المتوسط بشكل آمن، وأن تعمل بشكل مهني ومحترف وفقاً للمعايير والأعراف الدولية».
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت، أن المناورات تشمل تدريبات على حماية المجال الجوي، ومكافحة الغواصات والتصدي لعمليات التخريب ومكافحة الألغام.
بالتزامن، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، رفض بلاده ما وصفه «استخدام سوريا حجر شطرنج في لعبة دولية لها أهداف جيوسياسية أحادية».
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإريتري عثمان صالح، أمس، في موسكو، إن التهديدات الأميركية بشن هجمات جديدة على الأراضي السورية تؤكد مجدداً مساعي واشنطن وحليفاتها استخدام سوريا في ألاعيب لتحقيق أهداف جيوسياسية.
وجدد لافروف التأكيد على موقف موسكو حول «حق الحكومة السورية في الدفاع عن سيادة البلاد وطرد الإرهابيين من جميع أراضيها للتخلص من خطر الإرهاب» مؤكداً ضرورة إنهاء تواجد الإرهابيين في إدلب.
وكان لافروف حذر سابقاً من استعدادات جارية لتنفيذ ما وصفه «استفزاز كيماوي» من جانب «جبهة النصرة» لإيجاد ذريعة لشن ضربات غربية جديدة. وقال، واشنطن تهدف إلى حماية «النصرة» من عملية مرتقبة في إدلب، لمواصلة استخدامها ضد نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.
في الأثناء، أعلنت موسكو، أنها سلمت المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فيرناندو آرياس، معلومات عن التحضير لاستفزاز بالمواد السامة يجري إعداده من قبل المسلحين في إدلب السورية.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمة، ألكسندر شولغين، إن بلاده تأمل في أن تأخذ المنظمة المعطيات بشأن هذا الاستفزاز الكيماوي على محمل الجد.
وأضاف أن البعثة الروسية ستجري في وقت قريب اجتماعاً مع عدد من وفود الدول الأعضاء الأخرى في المنظمة لمناقشة التقارير حول إعداد المسلحين الهجوم الكيماوي المفبرك في إدلب.
في الأثناء، لفتت صحيفة «آر بي كا» الروسية القريبة من أوساط المال والأعمال في روسيا إلى الصعوبات التي تعترض دعوات روسيا للغرب والأمم المتحدة بالانخراط في عمليات إعادة إعمار في سوريا قبل الوصول إلى تسوية سياسية شاملة في هذا البلد، ورأت أن الأسد الذي انتصر في الحرب بفضل روسيا لن يكون قادراً على تحقيق انتصارات سياسية في المقابل. ولفتت إلى أن «الاتحاد الأوروبي غير مستعد لإجراء حوار جوهري مع روسيا بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم».
وزادت أن «الحجر العثرة في الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي هو عزم الأوروبيين الثابت على ربط إعادة إعمار البلاد بمسار المفاوضات السياسية. يصر الاتحاد الأوروبي على أنه لا يمكن تقديم مساعدة إضافية لسوريا إلا بعد التوصل إلى اتفاقيات بشأن مستقبلها السياسي. وينبغي أن تكون الاتفاقات (شاملة وذات طابع كلي)، وأن تتم الموافقة عليهم من قبل أطراف النزاع، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 2254»، كما قال ممثل الاتحاد الأوروبي لصحيفة «آر بي كا».
ونقلت الصحيفة عن رئيس قسم أبحاث النزاعات في الشرق الأوسط بمعهد التنمية الابتكارية، أنطون مارداسوف، أنه «يمكن لأوروبا أن تستثمر في مناطق سورية التي تسيطر عليها المناطق المعارضة المعتدلة، بما في ذلك القوات الكردية، شرقي نهر الفرات، لكن في نهاية المطاف سوف يتم دمج هذه الأراضي مع دمشق، وبالتالي فلا أفق خاصاً لتنفيذ الاقتراح الروسي بالنسبة للأوروبيين لإعادة إعمار سوريا».
وقال كيريل سيمينوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، إن «نقص التمويل لإعادة إعمار البلاد سوف يحول الأسد الذي كسب الحرب إلى خاسر أكبر في السلام». وحذر من أنه «من دون تمويل إعادة الأعمار، بما في ذلك من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن ينتهي كل شيء بانهيار جديد وانفجار اجتماعي جديد».
موسكو تغلق مياه البحر المتوسط وواشنطن تذكرها بـ«المعايير الدولية»
موسكو تغلق مياه البحر المتوسط وواشنطن تذكرها بـ«المعايير الدولية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة