في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: {الرجل الأول} فيلم الافتتاح... عودة إلى الفضاء ومغامراته

يطرق باب الأسرة والعلم والحرب الباردة

TT

في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: {الرجل الأول} فيلم الافتتاح... عودة إلى الفضاء ومغامراته

افتتاح الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، جرى مساء أمس (الأربعاء)، بعرض فيلم داميان شانيل «الرجل الأول». سبقه عرض الفيلم نفسه للصحافة في الصباح الباكر من اليوم ذاته.
في المناسبتين كان الحماس لمشاهدة هذا الفيلم الثالث للمخرج الأميركي شانيل في أوجه. التوقعات عالية والرغبة في التعرف على جديد المخرج الشاب الذي كان عرض فيلمه السابق «لا لا لاند» في المهرجان ذاته قبل عامين.
ذلك الفيلم اختلف عن فيلم شانيل الأول «ويبلاش»، كما يختلف الفيلم الحالي «الرجل الأول» عن كليهما. ليس أن الفيلم الجديد أكبر إنتاجاً من كلا الفيلمين معاً فحسب، بل كذلك من حيث إن الموضوع الذي اختاره المخرج كما من حيث عمله الفني والتقني الصعب على الأسلوب ككل وعلى تفاصيل التنفيذ.
إنه عن الملاح الفضائي نيل أرمسترونغ الذي حظي سنة 1966، بالسير على سطح القمر وكان بذلك أول إنسان ينجز هذه المهمة التي قد تبدو للبعض، وإلى اليوم، كتحصيل علمي حاصل، بينما هي في الواقع نتيجة مخاض عسير للفرد كما للمحيط الاجتماعي والمهني الذي عايشهما من قبل ومن بعد أن تم قبوله كملاح فضاء في وكالة «ناسا» الأميركية.

- لحظات الحزن والفرح
يبدأ الفيلم بأرمسترونغ (رايان غوزلينغ) وهو في قمرة طائرة مدنية. منذ اللحظة الأولى التي تلي مباشرة شعار شركة «يونيفرسال» الممولة، نحن مع أرمسترونغ في محنته. يتبدى أنه في مهمة اختبار لقدراته على قيادة طائرة والتحكم بها إذا ما تعرضت للخطر. ترتفع الطائرة وتهبط. تهتز في كل اتجاه. تتأرجح أدواتها وتنطلق أبواق الإنذار فيها. أربع دقائق بالغة التوتر يصورها المخرج بكاملها من داخل الطائرة (غالباً من داخل قمرة القيادة) مع لقطات لوجه الطيار تحت الخوذة.
التجربة (إذا ما كانت كذلك) قاسية وأرمسترونغ يحط بالطائرة ويدخل مرحلة انتظار الحكم له أو عليه. يأتيه قرار المعنيين بأن يأخذ إجازة قصيرة بينما يُبحث بأمره. في ذلك اليوم ذاته، يقرأ أن «ناسا» تبحث عن ملاحي فضاء، فيقرر الانضمام.
يسير الفيلم على سكتي حديد: الأولى هي لأرمسترونغ المتحمس لريادة الفضاء والاشتراك في الرحلات الكونية التي كانت «ناسا» تخطط لها منذ أمد، والثانية هي حياته العائلية. هو متزوج من امرأة تحبه ويحبها، اسمها جانيت (كلير فوي) ولديهما ولدان صبي وطفلة. الطفلة تموت بعد قليل من بداية الفيلم. وبعد سنة، ها هي جانيت حبلى من جديد (هذه المرة بصبي آخر).
ينتقل الفيلم بين هذين الخطين المتوازيين جيداً لا من حيث كيف يسرد المخرج حكايته الجامعة ومحورها الكامن في شخصية أرمسترونغ فقط، (هذا هو الجزء الهين)، بل في سبر غور الجانب العائلي في تكوين الأحداث التي نراها.
بكلمات أخرى، هناك من لحظات الحزن أكثر بكثير من لحظات الفرح. أرمسترونغ، حسب الفيلم، لم ينس وفاة ابنته وهي بعد دون الخامسة. وبعد ذلك، هناك موت عدد من رفاقه خلال تمارين أو نتيجة إطلاق «صواريخ» (كما كانت تسمى آنذاك)، صوب الفضاء. أحدهم مات منفرداً، من ثم مات ثلاثة رفاق معاً نتيجة مس كهربائي أدى إلى اشتعال النار في المركبة مما تسبب بانفجارها كليا. كل شيء حصل سريعاً، كما يقول أحد رؤساء أرمسترونغ، وكل شيء يحصل سريعاً على الشاشة.
ما يقوم به المخرج، هو إظهار الجانب العائلي والشخصي الذي يتماوج بين المأساة وانعكاساتها بغاية تكوين صورة سينمائية (واقعية قدر الإمكان لكنها ليست بالضرورة حقيقية) شاملة. أيضاً لكي يصور كم التحدي الفردي الذي يشعر به أرمسترونغ حيال حياته وحيال عمله. يعلن لرئيسه في أعقاب نبأ وفاة رفاقه أن الوقت فات لكي تتراجع «ناسا» عن قرار رحلتها صوب القمر.
في منتصف سنة 1966، تنطلق تلك الرحلة. يعالجها المخرج في 24 دقيقة من بينها نحو عشر دقائق من الهبوط على سطح القمر وأول ملامسة لقدم إنسان على سطحه.

- نقرات خفيفة
إنها دقائق حاسمة لا ينتهي الفيلم بها بل تستجمع في لحظاتها كل ما سبق من مشاعر داخلية لأرمسترونغ. تلك الناتجة عن مخاوف مكبوتة (في أن تبوء الرحلة بالفشل أو بالموت المحتم)، وعن إصرار على خوض المخاطرة (في تحد للمجهول وتحد للذات). ذكرى ابنته تعود. مشاهد من حياة الأرض التي خلفها. غرابة الحدث ذاته. رجل على سطح القمر ممتلئ بمشاعر الأرض.
مع تصوير منفذ بعناية من لينوس ساندغرن (اشتغل على أفلام لغس فان سانت وديفيد أو راسل كما على فيلم شازيل السابق «لا لا لاند»)، يعمد المخرج إلى التغيير منتقلا من نوع كاميرا إلى أخرى.
يصور بكاميرا آيماكس بعض المشاهد التي تتطلب مشهداً عريضاً (تلك المشاهد الفضائية للأفق والسماء) من ثم ينتقل إلى كاميرتين ديجيتال (أتون وكامتك). يغير الأحجام تبعاً لمقاسات الأفلام فيصور بـ16 مم وبـ35 مم ثم بالعدسة العريضة 65 مم. خلال ذلك ينتقل ما بين التصوير الثابت والتصوير المحمول، وفي كلا الناحيتين يجيد ربط القرار بالاختيار. هناك فارق بين تلك التي يستخدم فيها الكاميرا المحمولة عن تلك التي يستخدم الكاميرا في مشاهد ثابتة (ولو أن الكاميرا أحيانا كانت محمولة أيضاً).
موسيقى جوستين هورويتز تبدأ هادئة كما لو كانت تلعب على ألحان ذات نقرات خفيفة موحية، ثم تتصاعد في النصف الثاني من الفيلم متبلورة نحو مشاركة كاملة مع المشاهد الصعبة والمصيرية، لكنها لا تتحول إلى ضجيج على الإطلاق.
حاجة المخرج لدفع الحياة العائلية في قلب تلك المهنية لبطله ينتج عنها أكثر من التلوين الحدثي وما هو أبعد من مجرد التنويع. يمنح الفيلم فرصة الابتعاد عن الظهور كعمل ميكانيكي من أفلام الخيال العلمي. يبقيه إنسانياً على طريقة أندريه تاركوفسكي في «سولاريس» (1971). بل أن هناك ذلك المشهد الذي يتذكر فيه أرمسترونغ الأرض وهو في قمرته الفضائية، تماماً كما فعل بطل تاركوفسكي دوناتاس بانيونيس في ذلك الفيلم.
هناك أيضاً مشهد ضروري للملاحظة ولو أنه أقل أهمية من المشهد المستوحى المذكور. إنه المشهد الذي تنعكس فيه مرآة صغيرة على عين وقسم من وجه الممثل رايان غوزلينغ وهو في القمرة. بعد قليل يكتشف أن هناك ذبابة كبيرة تسللت إلى القمرة ذاتها.
انعكاس المرآة يغطي عين غوزلينغ اليسرى وهي العين المصابة للممثل جاك إيلام والذبابة تشدنا صوب ذلك المشهد الشهير من فيلم سيرجيو ليوني «ذات مرة في الغرب» (1968) حيث تحط ذبابة (بنفس الحجم) على وجه الممثل إيلام.
ما هو أكثر فاعلية في هذا الإطار ملاحظة أن أداء رايان غوزلينغ قابل لتفسيرات متعددة. إنه ما زال الممثل الذي يريد إثارة الحماس بأقل قدر من التعابير. مستواه التعبيري ونبرته الكلامية لا يتغيران من مطلع الفيلم لنهايته. في ذلك اقتراب من شخصيته المعتادة في كل أفلامه وابتعاد عن شخصية أرمسترونغ الحقيقية. درامياً مقبولة، لكنها بدورها تذكر بشخصية هنري فوندا الذي مارس التمثيل من منطلق مُشابه باستثناء أنه كان أكثر تعبيراً بعينيه ولكنته مما يفعل غوزلينغ.
بدورها تشبه الممثلة الجديدة (وهذا الفيلم الثامن لها)، كلير فوي بأدائها الأكثر فاعلية وانفعالاً أداء جين فوندا، ابنة الممثل الراحل هنري فوندا، خصوصاً أن قصة شعرها تشبه قصة شعر فوندا في السبعينات.

- افتتاحات
علاوة على كل هذه الجوانب المذكورة بغالبيتها الإيجابية، يتيح السيناريو المجال للتوقف ولو سريعاً عند نقطتين تاريخيتين أو ثلاث: هناك تصوير شامل لأجواء الحرب الباردة في الستينات والسباق الفضائي بين القوتين الأميركية والسوفياتية من ناحية، وتصوير للوضع الاجتماعي المحبط بالنسبة للأفرو - أميركيين. هذا الثاني يتم من خلال مشهد واحد لرجل يخطب مذكراً أنه بينما يصعد الرجل الأبيض ليحط فوق سطح القمر، هناك في أميركا جوع وفقر وبيئة أفرو - أميركية تحتاج للرعاية.
لا يبني المخرج الكثير حول هذه النقطة، لكن بمجرد اختياره لها وإبقائه عليها (مقابل رميها في سلة مهملات المونتاج لاحقاً) اعتبار مهم لهذه الناحية لا يمكن تجاهله.
كفيلم افتتاح، يعود المهرجان إلى الفضاء ومغامراته باختياره هذا الفيلم. كان قد خاض قبل أربع سنوات المضمار ذاته، عندما عرض للمخرج ألفونسو كوارون «جاذبية» (Gravity). في الحالتين قصد المهرجان أن يبدأ دورته من أعلى السلم. كذلك حاله في الدورات الأسبق أو تلك الفاصلة ما بين 2013 عندما عرض «جاذبية» واليوم.
لابد إذن، من المقارنة بين هذا الافتتاح وافتتاح مهرجاني برلين وكان في السنة الحالية. برلين افتتح دورته الأخيرة في فبراير (شباط) المنصرم، بفيلم وس أندرسن نصف الناجح «جزيرة الكلاب». فيما افتتح «كان» دورته الأخيرة بالفيلم الإسباني «الكل يعرف» لمخرجه الإيراني أصغر فارهادي. هذا الفيلم الجديد لشازيل أفضل منهما واختياره على قاب قوسين أو أدنى من توجهه كأحد أكثر الأفلام عرضة للنجاح في موسم الجوائز المقبل.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».