مجلس الدولة اليوناني يقر إقامة مسجد في أثينا

وزير الخارجية يأمل أن يحتفل المسلمون بشهر رمضان المقبل في مسجد العاصمة الجديد

مسجد قديم تحول إلى متحف وسط أثينا
مسجد قديم تحول إلى متحف وسط أثينا
TT

مجلس الدولة اليوناني يقر إقامة مسجد في أثينا

مسجد قديم تحول إلى متحف وسط أثينا
مسجد قديم تحول إلى متحف وسط أثينا

رحب إيفانجيلوس فينزيلوس، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، بقرار مجلس الدولة بالموافقة على إقامة أول مسجد رسمي في العاصمة أثينا، ووجهة فينزيلوس التهنئة للمسلمين المقيمين في اليونان بمناسبة شهر رمضان الكريم، معربا عن أمله في إقامة الاحتفال بشهر رمضان العام المقبل 2015 في المسجد الجديد في أجواء من الحرية والكرامة.
وكانت الهيئة العامة لمجلس الدولة في اليونان قد وافقت قبل يومين على تمويل بناء مشروع أول مسجد رسمي في أثينا في قاعدة بحرية مهجورة بمنطقة فوتانيكوس القريبة من وسط العاصمة، وخصصت لبنائه مليون ومائة ألف يورو.
ورفض مجلس الدولة اليوناني، الطعون التي قدمت له، ضد قرار إنشاء مسجد من أجل المسلمين في العاصمة أثينا، حيث رفضت الجمعية العمومية بأغلبية الآراء اعتراضات تقدم بها تسعة أشخاص ضد إنشاء مسجد في العاصمة، وأكدت أن قرار إنشاء المسجد يتوافق مع الدستور اليوناني، وكان من المعترضين أسقف منطقة بيريوس (سيرافيم)، الجمعية الثقافية «أثينا» وضابطان تابعان للبحرية اليونانية وخمسة من سكان منطقة فوتانيكوس وأثينا.
وأوضحت الجمعية العمومية حيثيات قرارها بأن القوانين والأحكام الدستورية التي تقترح إنشاء مسجد، لا تنتهك مبادئ الحريات الدينية، ومبادئ المساواة، بل على العكس ترسخها.
من جانبه، رحب إيفانجيلوس فينزيلوس، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية بقرار مجلس الدولة، وقال إن مع هذا القرار من مجلس الدولة يعد خطوة نهائية لبدء أعمال البناء تحت مسؤولية الدولة اليونانية، ووجهة التهنئة للمسلمين المقيمين في اليونان بمنسابة شهر رمضان، معربا عن أمله في إقامة الاحتفال بشهر رمضان العام المقبل 2015 في المسجد الجديد.
يذكر أن الحكومة اليونانية تخطط منذ العام الماضي لإنشاء مسجد للمسلمين في العاصمة أثينا يتسع لنحو 350 شخصا، ووافقت وزارة البنية التحتية على عملية الإنشاء، ولكن هذه هي ليست المرة الأولى للشروع في بناء مسجد، بل منذ 20 عاما تقريبا وتحاول الحكومات المتعاقبة إتمام المشروع، إلا أن كل المحاولات كانت تبوء بالفشل.
ومنذ سنوات طويلة، ينتظر المسلمون في اليونان، قرارا حكوميا يمكنهم من بناء مسجد «رسمي» يؤدون فيه صلواتهم، كمكان لائق، على الرغم من أن موضوع المسجد طرح في اليونان منذ عام 1934، لكنه أخذ مرحلتين، الأولى عام 1987، عندما لم تكن هناك جالية مسلمة كبيرة، وكان المطلب ضمن مجموعة المساجد التي شرعت في بنائها الحكومة السعودية في كل بلاد العالم، أما المرحلة الثانية كانت في مطلع التسعينات، حيث تزايدت أعداد المسلمين، وكان طبيعيا أن يقام مسجد رسمي يخدم هؤلاء.
وبالإشارة إلى المعترضين على قرار المسجد، فقد تقدم الأسقف سيرافيم، أسقف منطقة بيريوس، مطلع العام الماضي بطلب إلى المحكمة العليا لإلغاء المرسوم الوزاري الخاص ببناء مسجد في أثينا، باعتباره «غير دستوري». ووقع على طلب الإلغاء وقتها كل من الجمعية الثقافية المحبة للطبيعة أثينا، إضافة إلى أستاذ جامعي، وضابطين في البحرية وخمسة من سكان منطقة فوتانيكوس، المقرر أن يقام فيها المسجد.
وبالإضافة إلى الطعن القانوني، ساق المطران في وسائل الإعلام، أسبابا أخرى، منها الأزمة الاقتصادية، قائلا إن الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد لا يسمح بزيادة الأعباء المالية كالإنفاق على بناء مسجد وسداد رواتب الأئمة والعاملين فيه.
وتذرع رجل الدين اليوناني الأرثوذكسي بأن الإسلام يقر الهيمنة العسكرية، قائلا إذا صرحنا ببناء هذا المسجد تحت شعار الديمقراطية وحرية العقيدة، فإننا بذلك نسب وطننا، الذي هو المدينة الأم لكل المدن الأرثوذكسية في العالم، وأثارت تصريحات الأسقف، الذي ينظر له الكثيرون باعتباره يمينيا معاديا لكل ما هو غير يوناني، ردود فعل غاضبة بين الجاليات المسلمة المقيمة في اليونان.
يذكر أن الدستور اليوناني يضمن حرية العقيدة، لكن خطط بناء المسجد أثارت الجدل في الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي والتي يشكل الروم الأرثوذكس 96 في المائة من سكانها، وتعد أثينا العاصمة الأوروبية الوحيدة التي تخلو من مسجد رسمي، سوى بعض الزوايا والمصليات الصغيرة غير القانونية.
وتوجد مساجد منذ العهد العثماني في الجزء القديم من أثينا والمعروف باسم «بلاكا»، ومنها مسجد فيذاير (أو النصر) والذي يعود تاريخه إلى عام 1458 من الميلاد، ولكنها تحولت إلى مزارات سياحية ومنها ما تحول إلى متحف للفن الشعبي اليوناني.
وأثناء سعي اليونان لتنظيم أولمبياد 2004 ولإظهار البلاد بشكل ملائم، اختارت الحكومة آنذاك موقعا في شرق أثينا لبناء مسجد ومركز إسلامي بتمويل من المملكة العربية السعودية، وأيضا وافق عليه البرلمان على مساحة 35 ألف متر مربع، إلا أن الكنيسة ذات النفوذ وأهالي منطقة بيانيا التي كان سوف يبنى فيها المسجد رفضوا القانون ونظموا مظاهرات حتى جرى إلغاء القانون.
من جهتها، أصدرت الأمانة العامة للشؤون الدينية في اليونان بيانا أعلنت فيه تخصيص أماكن لأداء شعائر صلاة عيد الفطر للمسلمين المقيمين في منطقة أثينا، وذلك في إطار منح التيسيرات لهم خلال الأعياد.
وذكر البيان أن اللجنة المكونة من ممثلي الوزارات المعنية قررت في اجتماعها الأخير وفى إطار احترام الحرية الدينية وحقوق الإنسان، تخصيص مساحات لأداء صلاة عيد الفطر للمسلمين المقيمين في أثينا، وذلك في استاد «الصداقة والسلام» وفى «المركز الرياضي الأوليمبي بأثينا»، ووجهت الدعوة إلى مسؤولي المنظمات والجمعيات الراغبين في الاستفادة من هذه المواقع لأداء شعائر صلاة العيد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».