أبلغت حركة فتح المسؤولين المصريين ضرورة أن يأتي ملف المصالحة الفلسطينية أولا وقبل أي شيء، على أساس تمكين الحكومة بشكل تام في قطاع غزة، ومن ثم يمكن بعدها التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد عن طريق السلطة الفلسطينية، التي ستتولى بدورها الإشراف على المشروعات في قطاع غزة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد الذي التقى مسؤولين مصريين وترأسه عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، أبلغ المسؤولين المصريين، أنه تنبغي عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة قبل أي شيء، فهي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاقيات متعلقة بأي جزء من فلسطين، أو تنفيذ مشروعات فيها.
وأضافت المصادر: «وفق هذا الفهم اعترض وفد الحركة رسميا على مباحثات التهدئة، وبعض التفاصيل الواردة فيها، وعلى بعض الفصائل المشاركة كذلك».
وبحسب المصادر، فإن «فتح»، «اعترضت على إقامة مباحثات حول شأن فلسطيني وطني وسيادي بعيدا عن العنوان الشرعي، كما رفضت الحديث عن مشروعات إنسانية وإهمال مشروعات ضخمة داخل غزة، وتحويلها للخارج بدل إعادة بنائها».
كما اعترضت «فتح» على تمثيل فصائل صغيرة تابعة لـ«حماس»، وليست لها أي «صفة أو ثقل سياسي» في المباحثات، وأكدت أنها لن تعقد معها أي مباحثات في المستقبل. وأكدت المصادر أن الوفد متمسك بتمكين شامل للحكومة يسبق أي شيء، وإلا فلا.
وبحسب المصادر، أكد الوفد للمسؤولين المصريين، أن القيادة الفلسطينية ترى في توقيع اتفاق تهدئة في غزة بين «حماس» وإسرائيل، بهذا الشكل، جزءا من خطة «صفقة القرن» لعزل غزة عن الضفة، وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية، وأن القيادة سترد على ذلك بإجراءات غير متوقعة.
ولاقى موقف «فتح» تفهما من المسؤولين المصريين الذين طمأنوه بدورهم، بأنهم لا يمكن أن يقبلوا أن يكون هناك بديل للسلطة الشرعية الفلسطينية في إدارة مناطقها.
وقال عزام الأحمد بعد لقاءات مطولة مع المسؤولين المصريين: «تم إطلاعنا من الجانب المصري الشقيق على الجهود التي قامت بها مصر، طيلة الأسبوعين الماضيين، في ملفي التهدئة والمصالحة». وأضاف: «موقف حركة فتح هو ضرورة إنجاز ملف المصالحة أولا، ثم الانتقال إلى ملف التهدئة والمشروعات التنموية والإغاثية في قطاع غزة».
وأثر موقف «فتح» بشكل مباشر على مباحثات التهدئة التي كان مقررا استئنافها في مصر أمس الاثنين. وقد أبلغت مصر الفصائل الفلسطينية بإرجاء هذه المباحثات إلى وقت لاحق.
وأعلنت حركة حماس من جانبها، تأجيل مباحثات التهدئة من دون إبداء أسباب.
وقال عضو المكتب السياسي في الحركة، حسام بدران، إنه تم تأجيل مباحثات الفصائل الفلسطينية في القاهرة حول التهدئة والمصالحة. وأضاف: «إن موقف حركته ثابت في الحرص على تحقيق وحدة وطنية حقيقية على أساس اتفاقية 2011».
وشدد بدران على أن حركته مؤمنة بأن كل ما يتعلق بغزة أو غيرها من القضايا الفلسطينية، يجب أن يدار بتوافق وطني.
ويفترض أن تبلغ حركة فتح المسؤولين المصريين بموقفها النهائي من ورقة مصرية معدلة حول المصالحة. وقال الأحمد: «أبلغنا الأشقاء في مصر أنه سيتم الرد النهائي على الورقة خلال أقل من 24 ساعة». وأضاف: «تم تبادل وجهات النظر حول ملف المصالحة الوطنية؛ لكننا لم نلمس أي تطور إيجابي في هذا الملف؛ لأن جميع الاجتماعات التي عقدت قبيل إجازة عيد الأضحى في القاهرة، ركزت جل اهتمامها على ملف التهدئة». لكن مصادر أخرى أكدت أن الموقف الفتحاوي المرتقب، لا يحمل تغييرا. وقالت إنه «سيتضمن إصرارا على تسلم السلطة في قطاع غزة على غرار الضفة، بما يشمل الأمن والنيابة والمعابر والجباية المالية، وسلطات القضاء والأراضي».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أكد الأسبوع الماضي، أنه لن يقبل سوى بتسلم السلطة في قطاع غزة على غرار الضفة، وإلا فلا. وأضاف في كلمة له خلال الجلسة الختامية لاجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني: «إما أن نتسلم السلطة كما هي في غزة وفي الضفة: دولة واحدة، ونظاما واحدا، وقانونا واحدا، وسلاحا واحدا، وإما يتسلمون هم (حماس)».
وجدد رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، أمس: «الدعوة لحركة حماس إلى تغليب المصلحة الوطنية، ومصلحة المواطنين واحتياجاتهم، وتمكين الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها، والقيام بعملها في قطاع غزة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها أهلنا في القطاع». وأضاف: «لن تكون هناك دولة في غزة أو دولة من دون غزة، والمطلوب هو تغليب المصلحة الوطنية، والاستجابة لمبادرة الرئيس لتمكين الحكومة في القطاع، وإعادة الوحدة بين شطري الوطن».
وطالب الحمد الله، الكل الفلسطيني بالالتفاف حول القيادة، وعلى رأسها الرئيس عباس: «لمواجهة كافة التحديات التي تعصف بقضيتنا، خاصة ما تسمى (صفقة القرن)». وقال: «المرحلة تتطلب من الجميع التحلي بالمسؤولية الوطنية تجاه قضيتنا ومقدساتنا».
ومواقف عباس الرافضة للتهدئة بين «حماس» وإسرائيل، أثارت حفيظة الطرفين.
وأشعلت مباحثات «فتح» والقاهرة وتأجيل مباحثات التهدئة مخاوف لدى «حماس»، التي كانت تأمل في توقيع اتفاق من شأنه تخفيف الضغوط عن غزة وتقوية موقفها.
كما اتهمت إسرائيل الرئيس عباس بمحاولة إشعال مواجهة بين إسرائيل و«حماس» في غزة.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو المجلس السياسي والأمني المصغر، يوفال شتاينتس: «أبو مازن يقف خلف الوضع الإنساني الخطير في القطاع، وهو في الراهن يدفعنا إلى مواجهة عنيفة مع (حماس). إنه يريد أن يرى إسرائيل تقصف أعداءه، حركة حماس، وفي الوقت نفسه سيتجول في العالم ليستنكرنا». وأضاف: «مصلحة إسرائيل تقضي بالتوصل إلى تسوية في غزة، يجب أن تكون محدودة، وألا تشمل السلطة الفلسطينية».
وحذر الوزير الإسرائيلي من أن السلطة الفلسطينية تحاول السيطرة على جهود التسوية، قائلا إن إسرائيل يجب أن تمنع ذلك. وأضاف شتاينتس: «لا أدري بالضبط تفاصيل هذه التسوية، آمل أن تشمل إعادة جثث الجنود والمحتجزين؛ لكنني مقتنع بأن هذه التسوية يجب أن تكون محدودة لقطاع غزة، وألا تكون لها علاقة بالضفة. يجب ألا نسمح للسلطة الفلسطينية بإدارة هذه التسوية أو التدخل في نتائجها».
«فتح» تتمسك بتحقيق المصالحة قبل أي شيء
تعترض على مباحثات التهدئة شكلاً ومضموناً... ومصر ترجئ زيارة الفصائل
«فتح» تتمسك بتحقيق المصالحة قبل أي شيء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة