مصر: خلاف حكومي حول سرية الحسابات المصرفية

{الضرائب} تهدف لمكافحة التهرب... و{المركزي} يتمسك بالحماية

وزير المالية المصري خلال استقباله محافظ البنك المركزي («الشرق الأوسط»)
وزير المالية المصري خلال استقباله محافظ البنك المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

مصر: خلاف حكومي حول سرية الحسابات المصرفية

وزير المالية المصري خلال استقباله محافظ البنك المركزي («الشرق الأوسط»)
وزير المالية المصري خلال استقباله محافظ البنك المركزي («الشرق الأوسط»)

في حدث نادر، اشتعلت أمس معركة كلامية بين جهتين حكوميتين في مصر حول الحسابات المصرفية. وقال رئيس مصلحة الضرائب المصرية إن المصلحة تقدمت بمقترح لتعديل القانون بما يسمح لوزير المالية بالكشف على الحسابات المصرفية للشركات والأفراد في خطوة تهدف للحد من التهرب الضريبي، لكن رئيس البنك المركزي المصري أكد في تعقيب لوسائل إعلامية أن المركزي لن يسمح على الإطلاق بالكشف عن حسابات العملاء المصرفية، لمصلحة الضرائب.
وقال عماد سامي، رئيس مصلحة الضرائب المصرية في اتصال هاتفي مع «رويترز»: «تقدمنا بمقترح لتعديل المادة رقم 99 من قانون الدخل، بما يسمح للوزير بالكشف على الحسابات البنكية، بما لا يتعارض مع قانون البنك المركزي». وقال سامي إن الهدف هو «الحد من التهرب الضريبي... لن نطلب الكشف عن حسابات كل الناس والشركات بل من يقدم بيانات غير واقعية، حينها فقط سنطابقها بحسابه البنكي».
ويستلزم التعديل موافقة مجلس النواب ثم تصديق رئيس الجمهورية. وتسعى مصر لزيادة إيراداتها الضريبية من خلال توسيع قاعدة الممولين ومحاولة دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.
وزادت الإيرادات الضريبية لمصر 36 في المائة إلى 628 مليار جنيه (35.18 مليار دولار) في 2017 - 2018. وقال سامي إنه بموجب التعديل «تلتزم جميع الجهات بالسماح لمأمور الضرائب بالاطلاع على الحسابات البنكية بعد موافقة وزير المالية».
وقال مسؤول في وزارة المالية لـ«رويترز» مشترطا عدم الكشف عن اسمه إن خطوة كتلك تتطلب تعديل مادة في قانون البنك المركزي للسماح لوزير المالية بالاطلاع على الحسابات البنكية للشركات والأفراد... لكن سامي استبعد ذلك في تصريحاته لـ«رويترز».
وكان سامي أشار في تصريح آخر لموقع «إنتربرايز» الإخباري الاقتصادي في مصر، صباح أمس، إلى أن التعديل يعد خطوة استباقية لتعديل شامل لقانون الضرائب بالكامل خلال العام المقبل لكي يتواكب مع الأوضاع الحالية، مشيرا إلى أن أهم البنود التي يتضمنها القانون الجديد تتمثل في تغليظ عقوبات التهرب الضريبي وضبط المواد الخاصة بالإعفاءات الضريبية، لكنه لن يشمل زيادة ضرائب الدخل.
لكن طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أوضح أن ما قاله رئيس مصلحة الضرائب، بشأن التقدم بمقترح لتعديل القانون بما يسمح لوزير المالية الكشف على الحسابات المصرفية للشركات والأفراد في خطوة تهدف للحد من التهرب الضريبي، لن يلقى قبولاً من البنك المركزي.
وأضاف محافظ البنك المركزي في تصريحات لعدد من المواقع الإخبارية المصرية، أن البنك لن يوافق على تعديل قانون البنوك في هذا الشأن لتعارض ذلك مع سرية الحسابات المصرفية، مطالبا رئيس مصلحة الضرائب بأن يتريث فيما يقول ويتكلم في حدود اختصاصاته، مؤكداً استمرار البنك المركزي في حماية سرية حسابات العملاء.
وأشاد مراقبون بسرعة رد محافظ المركزي المصري الحاسم على تصريحات مسؤول مصلحة الضرائب، قائلين إن من شأن الإعلان عن أي توجه للكشف عن الحسابات المصرفية تحت أي ذريعة أن يسفر عن مخاطر جمة، لكونه يهدد الاستقرار المصرفي بشكل عام، والاستثمار في مصر بشكل خاص.
ودعا المراقبون المسؤولين المصريين إلى التأني في التصريحات ودراستها قبل الإعلان عنها، مشيرين إلى أن الإدارة المصرية نجحت إلى حد ما في اقتناع قطاع واسع من المصريين بالدخول إلى النظام المصرفي، ولكن التهديد بكشف سرية الحسابات من شأنه أن يجعل قطاعات واسعة تعود إلى اختزان المال بعيدا عن النظام المصرفي.
وكانت مصلحة الضرائب شكلت لجنة لبدء صياغة قانون جديد للضريبة على الدخل ليتلاءم والوضع الضريبي الحالي. وبحسب إنتربرايز، ستدرس اللجنة مبدئياً إضافة المتغيرات الحالية من التجارة الإلكترونية والإعفاءات وشرائح الدخل وسعر الضريبة وغيرها من البنود التي لا يستطيع القانون الحالي التعامل معها.
وذكر وزير المالية محمد معيط في وقت سابق، أن القانون الجديد للضرائب يهدف إلى توحيد وتبسيط الإجراءات التي تتم بكافة أنواع الضرائب، سعياً للقضاء على بيروقراطية العمل الضريبي.
يأتي ذلك في الوقت الذي انتهت فيه وزارة المالية من استعداداتها لتلقي الإقرارات الضريبية إلكترونياً.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
TT

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين، الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي، بينما استمر مزيد من الأشخاص في جمع شيكات البطالة بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة ببداية العام، في ظل تباطؤ الطلب على العمالة.

وقالت وزارة العمل، يوم الخميس، إن طلبات إعانات البطالة الأولية ارتفعت بمقدار 17 ألف طلب لتصل إلى 242 ألف طلب معدلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وكان الخبراء الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا 220 ألف طلب في الأسبوع الماضي.

ومن المرجح أن تعكس الزيادة في طلبات الإعانة، الأسبوع الماضي، التقلبات التي تَلَت عطلة عيد الشكر، ولا يُحتمل أن تشير إلى تحول مفاجئ في ظروف سوق العمل. ومن المتوقع أن تظل الطلبات متقلبة، خلال الأسابيع المقبلة، مما قد يصعّب الحصول على قراءة دقيقة لسوق العمل. وعلى الرغم من هذه التقلبات، فإن سوق العمل تمر بتباطؤ تدريجي.

ورغم تسارع نمو الوظائف في نوفمبر، بعد التأثير الكبير للإضرابات والأعاصير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.2 في المائة، بعد أن ظل عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. ويشير استقرار سوق العمل إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر خفض أسعار الفائدة، الأسبوع المقبل، للمرة الثالثة منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) الماضي، رغم التقدم المحدود في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.

وأصبح سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي في نطاق من 4.50 إلى 4.75 في المائة، بعد أن رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية بين مارس (آذار) 2022، ويوليو (تموز) 2023، للحد من التضخم. وتُعدّ سوق العمل المستقرة أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على مسار التوسع الاقتصادي، حيث تساعد معدلات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً في استقرار السوق وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي.

كما أظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص، الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، ارتفع بمقدار 15 ألف شخص ليصل إلى 1.886 مليون شخص معدلة موسمياً، خلال الأسبوع المنتهي في 30 نوفمبر الماضي. إن الارتفاع فيما يسمى المطالبات المستمرة هو مؤشر على أن بعض الأشخاص الذين جرى تسريحهم من العمل يعانون فترات أطول من البطالة.

وقد ارتفع متوسط مدة فترات البطالة إلى أعلى مستوى له، في نحو ثلاث سنوات، خلال نوفمبر.